يشارك غداً (الثلاثاء) العديد من نواب البرلمان إلى الجلسة المخصصة لمنح الثقة لحكومة حسان دياب دون قناعة منهم بحضور الجلسة عكساً لرغبة الشارع، لكن الانتظام بقرار الزعيم أو رئيس الكتلة يفرض عليهم النزول، وهذا هو واقع الحال عند أكثرية نواب كتل «المستقبل والقوات والاشتراكي».
بالمقابل، ينزل في الوقت نفسه آلاف اللبنانيين إلى الشارع اعتراضاً على الجلسة، محاولين منع النواب من الوصول للبرلمان دون قناعة منهم أنهم سينجحون في تعطيلها وبالتالي إسقاط الحكومة، فالإجراءات الأمنية المتخذة تضع الناس بالخيار بين أمرين، إما الاعتراض دون إسقاط الحكومة أو الصدام مع الأجهزة الأمنية.
فيما في المقلب الثالث، تقف الأجهزة الأمنية بمواجهة الناس لتأمين وصول النواب وهي دون قناعة بوجوب منع الثورة، فمطالبها هي مطالب كل العناصر الأمنية، فهم بالنهاية جزء من الناس.
لقد حولت السلطة لبنان إلى بلد دون قناعة، فلا النواب مقتنعون ولا الناس مقتنعة ولا أجهزة السلطة مقتنعة، ويأتي فوق كل هذا أمر بالغ الخطورة وهو ملامح عدم قناعة دولية وعربية بإمكان إنقاذ لبنان عبر هذه السلطة وممارستها.
لقد تمكن لبنان عبر أزمته التي يعيشها من ابتكار تفسير جديد لمصطلح الدولة الفاشلة غير ذاك المعتمد في أروقة المؤسسات الدولية. التفسير اللبناني بات أشبه بالمثل الشعبي «فالج لا تعالج»، فالثورة يصعب عليها إسقاط النظام، والسلطة يصعب عليها إخماد الثورة، وما بين العجزين يقبع مصير وطن لم يعد في روزنامته الكثير من الأوراق.
غداً (الثلاثاء) سيكون اللبنانيون في الشارع وستكون السلطة في البرلمان، لكن يبقى السؤال: أين سيكون لبنان؟ مع الشارع يقاتل ليستعيد وطناً، أم مع سلطة تقاتل كي تحتفظ بكرسي؟
الكثير من اللبنانيين يتسلح بالدعاء أن تبقى الدولة بعيدة عن الدم، وهذا ما يحصل حتى الآن، إلا أنه لا ضمانة لذلك مع قادم الأيام، والسبب هو فقدان القناعة والرؤية، وضوء يلوح في الأفق أن هذا النفق له نهاية يخرج منه الجميع إلى بر الأمان.