ترتبط المملكة العربية السعودية ودولة الكويت الشقيقة بعلاقات خاصة ومميزة، سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي، فالتاريخ يعود بهذه العلاقات إلى ماضٍ بعيد وأبعاد متعددة لها في كل جانب دلائل واضحة تشير إلى حجم التعاون وأريحية الود والصداقة التي تجمعهما.
وإذا كان للأرقام دلالة في مسيرة العلاقات بين الدول فإنها في مسيرة العلاقات السعودية الكويتية حقائق ثابتة، ثبات المبادئ التي تؤمن بها قيادة البلدين، علاوة على الروابط الراسخة في وحدة الأخوة والدين واللغة والجوار.
ودونت صفحات التاريخ المعاصر مسيرة العلاقات السعودية الكويتية وتميزها بعمقها التاريخي الذي يعود إلى عام 1891، حينما حل الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود، ونجله الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمهما الله- ضيفين على الكويت، قُبيل استعادة الملك عبدالعزيز الرياض عام 1902، متجاوزة في مفاهيمها أبعاد العلاقات الدوليّة بين جارتين جمعتهما جغرافية المكان إلى مفهوم: الأخوة، وأواصر القربى، والمصير المشترك تجاه أي قضايا تعتري البلدين الشقيقين والمنطقة الخليجية على وجه العموم.
وأضفت العلاقات القوية التي جمعت الإمام عبدالرحمن الفيصل، بأخيه الشيخ مبارك صباح الصباح الملقب بمبارك الكبير -رحمهما الله- المتانة والقوة على العلاقات السعودية الكويتية، خصوصا بعد أن تم توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- الذي واصل نهج والده في تعزيز علاقات الأخوة مع الكويت، وسعى الملك عبدالعزيز إلى تطوير هذه العلاقة سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً، وجعلها تتميز بأنماط متعددة من التعاون.
وحل الملك المؤسس -طيب الله ثراه- ضيفاً على أشقائه في الكويت في زيارته الأولى عام 1320هـ وتبعتها زيارة ثانية عام 1335هـ وأعقبتها أخرى عام 1356هـ، كما توالت الزيارات وتبودلت بشكل مكثف بين قادة البلدين وكبار المسؤولين، لبحث المزيد من سبل التعاون والتنسيق في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.
ولايزال العمل ديدن المسؤولين في كلا البلدين وطابع العلاقات الثنائية بين حكومة المملكة العربية السعودية وشقيقتها دولة الكويت لوضع الجهود المبذولة في سبيل مزيد من التفاهم بينهما في إطار عملي من باب اقتران القول بالفعل وللدلالة على تلك العزيمة شهد شهر ربيع الثاني عام 1341هـ توقيع أول اتفاقية ثنائية أبرمت بين البلدين لإنشاء منطقة محايدة ورسم الحدود المشتركة بين البلدين فى تلك المنطقة.
وانطلاقًا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، اتسعت مجالات التعاون بين البلدين الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية لتشمل المجالات الثقافية والرياضية والاجتماعية والفنية.
وتشهد بذلك كثافة الزيارات المتبادلة التي تقوم بها وفود كثيرة من البلدين تعمل لما فيه صالح الشعبين الشقيقين أو المشاركة ضمن إطار أكبر خليجياً كان أو عربياً أو عالمياً وأهم هذه الأطر الدولية على صعيد العلاقات السعودية والكويتية هو مجلس التعاون لدول الخليج العربية فتحت مظلته تعمل المملكة والكويت مع بقية أعضائه نحو مزيد من التنسيق والتكامل بين دول وشعوب المجلس في جميع المجالات.
ومنذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في شهر رجب عام 1401هـ جمعت بين البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت أكثر من اتفاقية خليجية مشتركة من أهمها الاتفاقية الاقتصادية الخليجية الموحدة في شهر شعبان من نفس العام،أعقبها في عام 1404هـ، إنجاز اقتصادي آخر تحقق عند إنشاء مؤسسة الخليج للاستثمار، إضافة إلى المشاريع السعودية الكويتية المشتركة الكبيرة.
وجسد الموقف السعودي الشجاع بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- إبان الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت عمق الروابط السعودية الكويتية والمصير المشترك، وأضحى موقفاً معبراً عما يجمع البلدين من الوشائج ماضيا وحاضراً ومستقبلاً.
وبرز للعالم كله التضامن الحقيقي الوثيق بين المملكة والكويت وبين دول مجلس التعاون الخليجي إبان العدوان العراقي حتى تم تحرير الكويت مجسدة بذلك روح الأخوة وضاربة أروع الأمثلة في التلاحم والتعاون.
ويسهم التعاون والتنسيق السعودي الكويتي تحت مظلة مجلس التعاون في تحقيق ما فيه خير شعوب دول المجلس وشعوب الأمتين العربية والإسلامية وخدمة قضايا العدل والسلام في العالم أجمع.
ويعزز أمير دولة الكويت العلاقات الثقافية بين المملكة والكويت فنراه حاضراً للمهرجانات الثقافية التي تنظم في المملكة ومساهماً في فعالياتها، ومن ذلك المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية ومهرجان الملك عبدالعزيز للإبل.
ولا يكاد يخلو اجتماع دولي أو إقليمي من لقاء يجمع خادم الحرمين الشريفين بأخيه الشيخ صباح الأحمد وذلك لعمق العلاقات الأخوية بين البلدين والتمازج السياسي بينهما، ونستشهد مثالاً لا حصراً بلقاء خادم الحرمين الشريفين بأمير دولة الكويت على هامش أعمال القمة العربية التي عقدت في منطقة البحر الميت في الأردن.
ويستقبل خادم الحرمين الشريفين بكل حفاوة وتقدير أمير دولة الكويت في كل زيارة يقوم بها لبلده الثاني المملكة العربية السعودية، ويبادله مشاعر الفرح والابتهاج لمناسبات البلدين السعيدة ويشاركه مشاعر الحزن والألم لأي مصاب يلامس الكويت حكومة وشعباً.
وتوطيداً للدور المتبادل بين البلدين في المجالات كافة نجد أمير دولة الكويت دائم الترحاب والاستقبال لشخصيات سعودية متعددة في مجالات متنوعة، وذلك ما يؤكد ثبات العلاقات السعودية الكويتية وسيرها بخطى ثابتة مدروسة من حسن إلى أحسن عبر الزمان وعلى امتداد تاريخها الطويل الممتد لأكثر من قرنين ونصف من الزمان.
وشهد عام 2019 امتداداً لسمو العلاقات بين البلدين على الصعد كافة وفي مقدمتها الصعيد السياسي، حيث استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أخاه الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت وذلك على هامش أعمال القمة العربية التي عقدت في تونس، وجرى خلال الاستقبال، استعراض العلاقات الأخوية الوثيقة، وآفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، بالإضافة إلى مستجدات الأحداث في المنطقة.
وأجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، اتصالاً هاتفياً بأخيه الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، هنأه فيه بعودته إلى بلده الكويت الشقيق بعد استكماله الفحوصات الطبية التي أجراها سموه وتكللت ولله الحمد بالنجاح.
وعقب اختتام أعمال القمة الطارئة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والقمة العربية الطارئة، وأعمال الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي التي عقدت في مكة المكرمة أشاد أمير دولة الكويت بما تميزت به إدارة خادم الحرمين الشريفين لأعمال القمم وما تميزت به من حكمة، ما كان له الأثر الكبير فيما حققته من نتائج ستسهم في تعزيز مسيرة العمل المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وخدمة القضايا العادلة لأمتينا الإسلامية والعربية.
وتشاطر المملكة دولة الكويت في مختلف الظروف، وتبادلها دولة الكويت المشاطرة تماشيًا مع أسس العلاقات المتينة بينهما.
وقد أدانت دولة الكويت أكثر من مرة ما تعرضت له المملكة من اعتداءات إرهابية ومنها الاعتداء الإرهابي الذي تعرض له مطار أبها الدولي بمقذوف صادر من المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.
ومواكبةً للزيادة المتواصلة لحركة العابرين بين المملكة والكويت افتتح الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية منفذ الرقعي الجديد الذي سيُمثل داعمًا مهمًا لتعزيز حجم التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين وسيسهل حركة العبور للأشقاء في دولة الكويت والدول الأخرى، إضافة إلى أن المنفذ سيكون موقعًا إستراتيجيًا جاذبًا لنقل البضائع.
وفي المجال النفطي، أطلق الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الطاقة، بحضور وزير النفط وزير الكهرباء والماء بدولة الكويت الدكتور خالد الفاضل يوم الـ29 من شهر ربيع الآخر لعام 1441 الموافق 26 ديسمبر 2019، شارة العد التنازلي للبدء باستئناف عمليات الإنتاج في عمليات الخفجي المشتركة، واصفاً التوقيع على اتفاقية ملحقة باتفاقيتي تقسيم المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين البلدين، بأنه توافق وليس اتفاقاً؛ لما يربط البلدين من روابط مشتركة تتعدى الثروات الطبيعية إلى الثروات البشرية.
وجاء الإطلاق نتيجة التوجيهات السديدة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وحرصه على إنهاء ملف المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة بالتوافق للخروج برؤية مستقبلية مستقرة ومستدامة، إضافة إلى اهتمام ولي العهد، حيث كان طرفًا أساسيًا في الوصول إلى نصوص سميت بنقاط الأسس التي تم التفاوض عليها.
وعلى صعيد التعاون بين مجلسي الشورى والأمة في البلدين شهد شهر يناير 2019 اجتماعاً بين وفد مجلس الشورى برئاسة عضو المجلس نائب رئيس لجنة الصداقة البرلمانية السعودية الكويتية الدكتور أحمد بن محمد الغامدي والوفد المرافق له في مقر مجلس الأمة الكويتي بوكيل الشعبة البرلمانية النائب راكان النصف وعدد من نواب مجلس الأمة الكويتي، حيث بحثوا الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، ومنها ما يختص بأنظمة الإسكان وإستراتيجياته.
ووصف رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق بن علي الغانم العلاقة التاريخية السعودية الكويتية بالمميزة من حيث الخصوصية والروابط المشتركة والتكامل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الكامل بين البلدين الشقيقين، مشدداً على أن الشعب الكويتي لن ينسى الموقف السعودي الشجاع إبان الاحتلال الغاشم لدولة الكويت عندما فتحت المملكة العربية السعودية وأبناؤها قلوبهم قبل منازلهم لإخوانهم وأشقائهم الكويتيين.
ويحرص مجلسا الشورى والأمة على اتباع سياسة القادة وعلى تعزيز وتوثيق وتطوير وتفعيل العلاقات الثنائية البرلمانية بين المجلسين ويتجسد هذا الأمر في لقاءاتهما قبل بداية المحافل الدولية أو الإقليمية والتنسيق المشترك تجاه جميع القضايا التي تهم البلدين أو دول مجلس التعاون الخليجي أو الدول الإسلامية والعربية.
وتقدم المملكة لشقيقتها دولة الكويت التسهيلات كافة فيما يخص موسم الحج أسوة بجميع الدول الإسلامية والحجاج المسلمين، ويعقد الجانبان اجتماعات عدة قبيل موسم حج كل عام للتنسيق والتشاور من أجل إنجاح الموسم لحجاج دولة الكويت، وقد وقع نائب وزير الحج والعمرة، ووكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت أخيراً اتفاقية ترتيبات شؤون الحج لموسم حج 1441 التي تنظم قدوم الحجاج القادمين من دولة الكويت وجميع متطلباتهم عبر الجهات الخدمية المشاركة في منظومة خدمات الحجاج خلال فترة وجودهم في الأراضي المقدسة لأداء المناسك.
وفي المجال الثقافي، استضافت دولة الكويت خلال شهر فبراير النسخة الرابعة لمعرض «الفهد.. روح القيادة»، متضمنًا 14 جناحاً قدمت توثيقاً كاملاً لسيرة الملك فهد: نشأته، مناصبه، إنجازاته، حياته الشخصية.
وتفاعل نحو 32 ألفاً ممن زاروا المعرض مع الفعاليات التي شهدتها أيامه، ومنها الأوبريت المسرحي وعدة ندوات تناولت العلاقات التاريخية بين المملكة والكويت، إضافة لندوة فنية بحثت في تأثير التعاون الفني السعودي الكويتي وأثره في الساحة الفنية الخليجية.
وتناغماً مع ذلك الانصهار الثقافي بين البلدين افتتحت حرم أمير منطقة الرياض الأميرة نورة بنت محمد بن سعود المعرض التشكيلي للفنانات الكويتيات الذي يجسد مدى عمق العلاقة الأخوية بين المملكة والكويت ويمثل جزءاً من مجموعة الفعاليات الثقافية التي تؤكد الترابط الثقافي بينهما.