رأس وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، اليوم (الاثنين) وفد المملكة العربية السعودية في افتتاح الدورة 43 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وألقى كلمة أوضح فيها أن المملكة العربية السعودية تشهد الكثير من التطورات الإيجابية على أكثر من محور، وأنجزت خطوات إصلاحية رائدة، محورها الإنسان والتنمية، مؤكدا أن صدور العديد من التشريعات والسياسات مؤخرا يمثل تعزيزا للإطار القانوني لحماية حقوق الإنسان، وتطورا نوعيا في ما يتعلق بحقوق المرأة وتمكينها بشكل خاص.
وبين أن رؤية 2030 التي وضعتها قيادة المملكة تمثل المنطلق الأساس لهذه التطورات والخطوات الإصلاحية، التي تتضمن برامج تنموية تشمل قطاعات اقتصادية واجتماعية عديدة تجعل من المملكة نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على جميع الأصعدة.
وقال وزير الخارجية: قد كان للتقدم الذي تقوده الممــلكة في مــجالات تمكــين المرأة، والجهود المبذولة لتعزيز دورها بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، وما أجري من تعديلات مهمة على عدد من الأنظمة واللوائح التنفيذية، انعكاس واضح أكدته مؤشرات تقرير مجموعة البنك الدولي الصادر بعنوان «المرأة، أنشطة الأعمال، والقانون 2020» في 15 يناير 2020 حيث حققت فيه المملكة قفزة نوعية، وجاءت في صدارة الدول الأكثر تقدما بين (190) دولة، وستستمر المملكة في مسيرتها الإصلاحية الشاملة لتحقيق أهداف رؤية 2030.
وأشار إلى أن المملكة ستترأس أعمال وقمة مجموعة العشرين لهذا العام 2020 تحت شعار «اغتنام الفرص للقرن الواحد والعشرين للجميع»، وسيركز عمل المجموعة على ثلاثة محاور: تمكين الإنسان من خلال تهيئة الظروف التي تمكن جميع الأفراد وخاصة النساء والشباب من العيش والعمل والازدهار، والحفاظ على كوكب الأرض من خلال دعم الجهود الجماعية للحفاظ على الموارد المشتركة، وتشكيل آفاق جديدة من خلال اعتماد إستراتيجيات جريئة طويلة المدى للاستفادة من منافع الابتكار ومشاركتها، ويرتبط جميع ذلك بشكل مباشر بالإنسان ورفاهه وتمكينه.
وأكد حرص المملكة على التعاون الفعال مع الهيئات الإقليمية والدولية في مجال حقوق الإنسان، وأبرزها؛ المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان وآلياته ذات العلاقة، مبينا أن المملكة قدمت جميع تقاريرها الخاصة باتفاقيات حقوق الإنسان، التي أصبحت طرفا فيها، للجان الخاصة بهذه الاتفاقيات، وقدمت في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل ثلاثة تقارير، كما تعاونت مع آلية الإجراءات الخاصة، وتعاطت بإيجابية مع الاستفسارات التي تردها بهذا الخصوص.
وأكد أن مجلس حقوق الإنسان يضطلع بدور أساسي وجوهري في حماية وتعزيز حقوق الإنسان حول العالم، وترفض المملكة أي محاولة للتقليل من هذا الدور، وترى أهمية مواصلة المجلس مناقشاته، ومراعاة التنوع الثقافي والاجتماعي لكافة الشعوب.
كما أكد حقوق الشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه في تقرير المصير، مهيبا بالمجتمع الدولي ممثلا في مجلس حقوق الإنسان أن يعمل كل ما من شأنه حماية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.
وأدان وزير الخارجية بشدة جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة ضد أقلية الروهينغا، داعيا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها، لبذل المزيد من الجهود لإنهاء هذه المعاناة الانسانية، وتقديم المساعدات الانسانية الطارئة وضمان وصولها للمحتاجين والمتضررين.
ولفت إلى أن المملكة بذلت جهودا كبيرة خلال السنوات الماضية لمحاربة التطرف والإرهاب، واتخذت كافة التدابير والسبل لانتزاع بذور هذا الفكر القائم على القتل والتدمير، ليس على الصعيد الوطني فحسب، بل على المستويين الإقليمي والدولي، إلى جانب تأكيد المملكة على أهمية التصدي لهذه الآفة، والتنديد بكل من يقوم بدعمها ماديا أو معنويا سواء أكان الداعمون دولا أم منظمات أم أفراد.
ودعا إلى عدم إغفال ما تقوم به بعض المنابر الإعلامية من دعم لهذه الأفكار، وتأصيل وجودها في المجتمعات بحجة حرية الرأي والتعبير لزعزعة أمن واستقرار الدول والمجتمعات، مشيرا إلى ما نصت عليه المواثيق الدولية على قيود مشروعة لحرية الرأي والتعبير، وهي احترام حقوق الآخرين وسمعتهم، وكذلك حماية الأمن القومي والنظام العام، والصحة، والآداب العامة، ولذلك لا يمكن قبول سب وازدراء الأديان والثقافات الأخرى تحت مظلة حرية الرأي والتعبير، أخذا في الحسبان أن ذلك يؤدي إلى بث خطاب الكراهية والذي يقود إلى انتهاكات حقوق الإنسان.
وأكد موقف المملكة الثابت والراسخ في دعم اليمن ومساندة شعبه وحكومته الشرعية في مواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، التي تعد السبب الرئيسي للنزاع في اليمن منذ سيطرتها على المؤسسات الحكومية، واحتلالها للعاصمة صنعاء، وما نتج عن ذلك من أزمة إنسانية، وممارسة لأبشع صور الإرهاب وحصار المدن ذات الكثافة السكانية، ومنع دخول الغذاء والدواء، ونهب القوافل الإغاثية والتجارية، وتجنيد الأطفال واستغلال المدنيين كدروع بشرية.
وشدد على تمسك المملكة بالحل السياسي لهذه الأزمة، وأن هذا الحل متوقف على قبول الميليشيات الحوثية له، وفقا للجهود التي يبذلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة والرامية إلى بلوغ الحل السياسي القائم على المرجعيات الثلاث وهي المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن (2216).
وأشار إلى أن المملكة تعمل على إعلاء المصالح العليا لليمن، وتحقيق تطلعات شعبه وتخليصه من أزماته، وتأتي رعايتها لـ«اتفاق الرياض» بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي وقع بين الطرفين، دليلا على ذلك، وإن هذا الاتفاق يفتح الباب أمام تفاهمات أوسع بين المكونات اليمنية للوصول إلى الحل السياسي الذي ينهي الأزمة اليمنية، ويحصن اليمن ويحميه ممن لا يريد له الخير.
وقال: تدعو المملكة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني إلى وقفة جادة دعما لليمن، كما تحرص المملكة على إرساء الأمن والسلام، وحل النزاعات، ودعم الشعوب والمجتمعات من خلال المبادرات والبرامج التي تقود إلى دعم التنمية المستدامة، ومشاركة المجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة؛ لتحقيق الأهداف الإنمائية، وخلق فرص كريمة للعيش ومكافحة الكوارث والأوبئة والمخاطر التي تهدد البشرية.
وبين أن المملكة تتصدر الدول المانحة في تقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية، وتشارك الأمم المتحدة والدول المانحة في خلق فرص وآمال للعديد من الدول والمجتمعات؛ إيمانا منها بأهمية التكامل، والتعاون، والتكاتف بين دول العالم بما يضمن الوصول إلى إرساء الأمن والاستقرار والرفاه للإنسان أينما كان.
وأشار وزير الخارجية إلى أن المملكة قادت العديد من المبادرات لحل النزاعات بين الدول، وتسعى جاهدة لحل كل النزاعات التي تواجه الشعوب والدول خصوصا في هذه المنطقة التي تعاني من محاولة بعض الدول زعزعة الاستقرار والتدخل في شؤونها، وخلق صراعات وفوضى تقود للإضرار بالشعوب والمجتمعات، وتجعل المنطقة بيئة خصبة للإرهاب والهجرة غير النظامية.
وجدد في ختام كلمته تأكيده على استمرار المملكة العربية السعودية في مواصلة الجهود في تعزيز وحماية حقوق الإنسان على كافة المستويات، وتعاونها وتعاطيها الإيجابي مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان.