-A +A
محمد فكري (جدة) okaz_online@
يبدو أن أزمة «سد النهضة» ماضية في التصعيد، إلا أن الخلافات هذه المرة أخذت منحى مفاجئا ومختلفا، فبينما كانت الخرطوم والقاهرة تسعيان إلى الحفاظ على حقوقهما في مياه النيل وعدم الإضرار بمصالحهما في مواجهة أديس أبابا، إذ فجأة ودون سابق إنذار بدت السودان وكأنها تميل إلى الطرف الإثيوبي في مواجهة مصر، خصوصا بعد رفضها القرارالعربي بالتضامن مع الحق المصري. الموقف السوداني الذي بدا غريبا في نظر مراقبين مصريين، دفع الخارجية المصرية إلى الإعراب عن أسفها، بل والكشف عن وجود ما يشبه «الأزمة المكتومة» بين البلدين، بقولها: «إنها حرصت على استمرار التواصُل مع الجانب السوداني لتلقي أية تعليقات، لكنه لم يرد».

وأعرب المُتحدث باسم الوزارة المستشار أحمد حافظ، أمس (الإثنين)، عن أسفه لما ورد في البيان السوداني بشأن التحفظ على القرار العربي حول سد النهضة.


وفي لفتة تشير إلى تراجع موقف الخرطوم عما وعدت به القاهرة، أفصح حافظ أن مصر أرسلت للمندوبية الدائمة للسودان مشروع القرار في الأول من مارس، وتلقت ما يؤكد استلام النص. وأضاف أن الوفد المصري استجاب لطلب السودان بحذف اسمه من مشروع القرار، إلا أن التعديلات اللاحقة التي اقترحها الخرطوم أفرغت المشروع من مضمونه ما أضعف من أثر القرار، لافتا إلى أن القرار الصادر عن الاجتماع الوزاري العربي لم يتضمن إلا التضامُن مع حقوق مصر المائية والتأكيد على قواعد القانون الدولي والدعوة للتوقيع على الاتفاق المُعَد.

وأفصحت مصادر الاجتماع الوزاري، أنه خلال المداولات وعلى الرغم من بروز زخم وتأييد عربي موسع من الأطراف العربية لمشروع القرار، لم يبد الجانب السوداني أي تحمُس له، وطلب عدم إدراج اسمه في القرار، ليس هذا فحسب بل اعتبر أن القرار ليس في مصلحته ولا يجب إقحام الجامعة العربية في هذا الملف.

ووفقا للمصادر فقد عبرت الوفود العربية عن دهشتها من تمسك السودان بموقفه المتحفظ حتى بعد حذف اسمه من مشروع القرار، وقصره على حماية المصالح المائية لمصر.

وأدى التغيب الإثيوبي عن الاجتماع الأخير في واشنطن والذي كان مقررا للتوقيع على الاتفاق النهائي، إلى تفاقم الأزمة وتصعيدها. وقد عبرت مصر عن استيائها من الموقف الإثيوبي ووصفته بأنه «غير مبرر وغير مقبول»، فيما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية التوصل إلى اتفاق داعيةً إثيوبيا إلى توقيعه «في أسرع وقت ممكن»، إلا أن أديس أبابا نفت التوصل إلى اتفاق، وأعربت عن «خيبة أملها» من البيان الأمريكي.

ويعتقد المراقبون أن الأزمة وصلت إلى طريق مسدود، خصوصا أن المفاوضات جمدت إلى شهر أغسطس، حيث الانتخابات البرلمانية الإثيوبية، لافتين إلى أنه بعد ذلك سوف تدخل واشنطن في «معمعة» الانتخابات الرئاسية وهو ما يعني عمليا أن وساطتها قد توقفت. ويرى هؤلاء أن الحلول الدبلوماسية قد تراجعت إلى حد كبير.