منذ تفجر الاحتجاجات الشعبية في مدن جنوب ووسط العراق والعاصمة بغداد، مطلع أكتوبر العام الماضي، ثمة صراع لم يعد خافيا على المراقبين والمهتمين بالشأن العراقي، يجري بين أطراف العملية السياسية ضمن مسعى قد يعتبره البعض محاولة قفز من مركب إيران الذي يوشك على الغرق، وآخرين يعتبرونه محاولة تنكيل بين الخصوم السياسيين مستغلين حالة الغليان الشعبي.
غالبية دخان هذه الصراعات بدأ منذ الأيام الأولى لانطلاق المظاهرات، صراعات تسقيطية بين الكتل السنية ـ السنية وتحديدا تلك الممولة من خارج العراق التي أوجدت لها بعض الأشخاص يعملون لصالحها بين المتظاهرين لمكاسب تمويلية وسياسية، لعل من أبرزها اليافطات التي رفعت ضد رجل الأعمال والسياسي المدرج على لائحة العقوبات الأمريكية خميس الخنجر، في ساحة التحرير، أعقبتها بأيام يافطات مماثلة لزعامات سياسية سنية اعتبرت ردا من الخنجر على ما جرى ضده.
بالمقابل، فإن الصراع الذي أخذ شكل النزاع المتصاعد بين القوى الشيعية نفسها الرافضة للمظاهرات والمؤيدة لقمعها وتلك المؤيدة لها والداعمة لها، غير أن الصراع الذي يبدو أنه الأكثر خطورة في هذا المجال هو ذلك المتصاعد بين الفصائل المسلحة المقلدة للخامنئي، كمرجع ديني معتمد والتي بات يطلق عليها اليوم اسم أو مصطلح «الفصائل الولائية»، في إشارة إلى المليشيات التي ترتبط فكريا وعقائديا بالمرشد الإيراني، مقابل الفصيل المسلح الأكثر عددا في العراق «سرايا السلام»، التابع لرجل الدين وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذين كانوا داعمين لهذه الاحتجاجات لأغراض سياسية بحتة ولديهم هدف آخر هو محاولة ركوب موجة المظاهرات والسيطرة على قرارها من أجل الدخول إلى الانتخابات المبكرة القادمة والحصول على أكبر عدد من المقاعد يؤهلهم لحصد أكبر عدد من المقاعد النيابية وبالتالي الحصول على المنصب التنفيذي الأول.
حركة الاحتجاجات بطريقة أو أخرى مدعومة من قبل الحاشية المقربة من علي السيستاني ومن أحد أشخاص عائلته التي ترى أن المقلدين للخامنئي وهم غالبيتهم من المليشيات المسلحة الموالية لإيران يسعون لاعتماد ونشر ولاية الفقيه في العراق التي لا ينتهجها السيستاني وغالبية العراقيين من أبناء المذهب الجعفري ما جعلهم (وإن كان بشكل غير معلن) طرفاً في هذه الاحتجاجات، ولو عدنا إلى خطب الجمع التي يلقيها ممثلو المرجع السيستاني والتي طالبت لأكثر من مرة بعدم الاعتداء على المتظاهرين السلميين نجد العكس وزيادة في التنكيل لسبب بسيط أن الجهة التي تقوم بقتل المتظاهرين لا يقلدون السيستاني، كمرجع ديني لهم، وبالتالي فإن خطبة الجمعة لا تعنيهم وليسوا ملزمين بها، وهذه الخلافات وصلت إلى الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي، خصوصا بين الفصائل التابعة للمرجعية الدينية في النجف ورئيس أركان الحشد أبو فدك المحمداوي مؤسس كتائب «حزب الل» العراقي، الذي خلف أبو مهدي المهندس ما حدا برئيس الوزراء عادل عبد المهدي إنهاء هذه الخلافات أن يصدر قرارا بفك ارتباط قوات العتبات التابعة للمرجعية البالغ عددها أربعة ألوية من هيئة الحشد وربطها إدارياً وعملياتياً بالقائد العام للقوات المسلحة.
وباعتبار أن المظاهرات منذ البداية رفعت شعارات إنهاء النفوذ الإيراني وسيطرته على مقدرات البلاد السياسية والمالية، استشعرت إيران ومعسكرها في العراقي المسلح منه والسياسي أن هذه المظاهرات تشكل خطراً عليها وعلى نفوذها الكبير، فبدأت من اليوم الثاني للاحتجاجات بالتنكيل بالمحتجين عبر نشر قناصة على أسطح البنايات قامت بقتل العشرات أو محاولات الاختطاف والتعذيب والتغييب، وهنا برز مصطلح (الطرف الثالث) الذي لم تتجرأ الحكومة العراقية، على الرغم من مرور ستة أشهر، أن تقوم بتسميته أو اعتقاله أو محاسبته رغم معرفتها الكاملة به.
بعد حادثة اصطياد قاسم سليماني في العراق حاولت إيران حل هذه الخلافات بين المليشيات العراقية وكلفت حسن نصرالله بالتمهيد له ومفاتحة هذه الأطراف، وفعلاً تم لم شمل هذه الأطراف المتخاصمة في اجتماع في قم تمخض عنه تسمية مقتدى الصدر قائداً لما تسمى (فصائل المقاومة الإسلامية الشيعية) وينضوي تحت رايته بقية الفصائل مثل عصائب أهل الحق والنجباء والخراساني وغيرها، وهذا ما يفسر أنه بعد انتهاء هذه الاجتماع بأيام قليلة حدثت مجزرة ضد المتظاهرين سواءً في بغداد أو في ساحة الصدرين في النجف التي قُمع بها المتظاهرون على أيدي ما يسمون (القبعات الزرقاء) التابعة لسرايا السلام التي تتبع مقتدى الصدر والتي اعترف بها الصدر خلال لقائه على إحدى القنوات العراقية وأسماها بـ (جرة أذن) للمتظاهرين.
بعد فشل هذا القمع وتحول الصدر في أعين المحتجين من داعم لها إلى قامع لها استشعر الصدر هذا الشيء وأحس بالخسارة الشعبية التي لحقت به وهو الذي يخطط لأن ينضوي إلى قاعدته الشعبية جمهور الحشد بعد الجرائم التي قامت بها فصائل مسلحة ضد المتظاهرين وجمهور الأحزاب الإسلامية الشيعية التي خسر قادتها كل شعبية لهم نتيجة حركة الاحتجاجات أيضاً وفشلهم في تقديم أي شيء للمواطن البسيط، فعاد مجدداً لمغازلة المتظاهرين.
ختاماً بما أن إيران لم تستطع أن توقف سلسلة خسارتها في العراق ولم تعد تمتلك الوقت أيضاً يقابل ذلك تحشيد كبير من المحتجين لمليونية قادمة بعد زوال وباء كورونا وعودة الاحتجاجات من جديد، نستطيع أن نقول إن المحتجين سيشهدون تنكيلا ومقتل أكبر مما مضى من أجل أن تخمد هذه الاحتجاجات من قبل المليشيا المسلحة المرتبطة بإيران.
غالبية دخان هذه الصراعات بدأ منذ الأيام الأولى لانطلاق المظاهرات، صراعات تسقيطية بين الكتل السنية ـ السنية وتحديدا تلك الممولة من خارج العراق التي أوجدت لها بعض الأشخاص يعملون لصالحها بين المتظاهرين لمكاسب تمويلية وسياسية، لعل من أبرزها اليافطات التي رفعت ضد رجل الأعمال والسياسي المدرج على لائحة العقوبات الأمريكية خميس الخنجر، في ساحة التحرير، أعقبتها بأيام يافطات مماثلة لزعامات سياسية سنية اعتبرت ردا من الخنجر على ما جرى ضده.
بالمقابل، فإن الصراع الذي أخذ شكل النزاع المتصاعد بين القوى الشيعية نفسها الرافضة للمظاهرات والمؤيدة لقمعها وتلك المؤيدة لها والداعمة لها، غير أن الصراع الذي يبدو أنه الأكثر خطورة في هذا المجال هو ذلك المتصاعد بين الفصائل المسلحة المقلدة للخامنئي، كمرجع ديني معتمد والتي بات يطلق عليها اليوم اسم أو مصطلح «الفصائل الولائية»، في إشارة إلى المليشيات التي ترتبط فكريا وعقائديا بالمرشد الإيراني، مقابل الفصيل المسلح الأكثر عددا في العراق «سرايا السلام»، التابع لرجل الدين وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذين كانوا داعمين لهذه الاحتجاجات لأغراض سياسية بحتة ولديهم هدف آخر هو محاولة ركوب موجة المظاهرات والسيطرة على قرارها من أجل الدخول إلى الانتخابات المبكرة القادمة والحصول على أكبر عدد من المقاعد يؤهلهم لحصد أكبر عدد من المقاعد النيابية وبالتالي الحصول على المنصب التنفيذي الأول.
حركة الاحتجاجات بطريقة أو أخرى مدعومة من قبل الحاشية المقربة من علي السيستاني ومن أحد أشخاص عائلته التي ترى أن المقلدين للخامنئي وهم غالبيتهم من المليشيات المسلحة الموالية لإيران يسعون لاعتماد ونشر ولاية الفقيه في العراق التي لا ينتهجها السيستاني وغالبية العراقيين من أبناء المذهب الجعفري ما جعلهم (وإن كان بشكل غير معلن) طرفاً في هذه الاحتجاجات، ولو عدنا إلى خطب الجمع التي يلقيها ممثلو المرجع السيستاني والتي طالبت لأكثر من مرة بعدم الاعتداء على المتظاهرين السلميين نجد العكس وزيادة في التنكيل لسبب بسيط أن الجهة التي تقوم بقتل المتظاهرين لا يقلدون السيستاني، كمرجع ديني لهم، وبالتالي فإن خطبة الجمعة لا تعنيهم وليسوا ملزمين بها، وهذه الخلافات وصلت إلى الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي، خصوصا بين الفصائل التابعة للمرجعية الدينية في النجف ورئيس أركان الحشد أبو فدك المحمداوي مؤسس كتائب «حزب الل» العراقي، الذي خلف أبو مهدي المهندس ما حدا برئيس الوزراء عادل عبد المهدي إنهاء هذه الخلافات أن يصدر قرارا بفك ارتباط قوات العتبات التابعة للمرجعية البالغ عددها أربعة ألوية من هيئة الحشد وربطها إدارياً وعملياتياً بالقائد العام للقوات المسلحة.
وباعتبار أن المظاهرات منذ البداية رفعت شعارات إنهاء النفوذ الإيراني وسيطرته على مقدرات البلاد السياسية والمالية، استشعرت إيران ومعسكرها في العراقي المسلح منه والسياسي أن هذه المظاهرات تشكل خطراً عليها وعلى نفوذها الكبير، فبدأت من اليوم الثاني للاحتجاجات بالتنكيل بالمحتجين عبر نشر قناصة على أسطح البنايات قامت بقتل العشرات أو محاولات الاختطاف والتعذيب والتغييب، وهنا برز مصطلح (الطرف الثالث) الذي لم تتجرأ الحكومة العراقية، على الرغم من مرور ستة أشهر، أن تقوم بتسميته أو اعتقاله أو محاسبته رغم معرفتها الكاملة به.
بعد حادثة اصطياد قاسم سليماني في العراق حاولت إيران حل هذه الخلافات بين المليشيات العراقية وكلفت حسن نصرالله بالتمهيد له ومفاتحة هذه الأطراف، وفعلاً تم لم شمل هذه الأطراف المتخاصمة في اجتماع في قم تمخض عنه تسمية مقتدى الصدر قائداً لما تسمى (فصائل المقاومة الإسلامية الشيعية) وينضوي تحت رايته بقية الفصائل مثل عصائب أهل الحق والنجباء والخراساني وغيرها، وهذا ما يفسر أنه بعد انتهاء هذه الاجتماع بأيام قليلة حدثت مجزرة ضد المتظاهرين سواءً في بغداد أو في ساحة الصدرين في النجف التي قُمع بها المتظاهرون على أيدي ما يسمون (القبعات الزرقاء) التابعة لسرايا السلام التي تتبع مقتدى الصدر والتي اعترف بها الصدر خلال لقائه على إحدى القنوات العراقية وأسماها بـ (جرة أذن) للمتظاهرين.
بعد فشل هذا القمع وتحول الصدر في أعين المحتجين من داعم لها إلى قامع لها استشعر الصدر هذا الشيء وأحس بالخسارة الشعبية التي لحقت به وهو الذي يخطط لأن ينضوي إلى قاعدته الشعبية جمهور الحشد بعد الجرائم التي قامت بها فصائل مسلحة ضد المتظاهرين وجمهور الأحزاب الإسلامية الشيعية التي خسر قادتها كل شعبية لهم نتيجة حركة الاحتجاجات أيضاً وفشلهم في تقديم أي شيء للمواطن البسيط، فعاد مجدداً لمغازلة المتظاهرين.
ختاماً بما أن إيران لم تستطع أن توقف سلسلة خسارتها في العراق ولم تعد تمتلك الوقت أيضاً يقابل ذلك تحشيد كبير من المحتجين لمليونية قادمة بعد زوال وباء كورونا وعودة الاحتجاجات من جديد، نستطيع أن نقول إن المحتجين سيشهدون تنكيلا ومقتل أكبر مما مضى من أجل أن تخمد هذه الاحتجاجات من قبل المليشيا المسلحة المرتبطة بإيران.