-A +A
أسماء فرنان (باريس)

في أول زيارة له إلى أوروبا وباريس تحديداً، ظهرت بوادر تغيير للموقف التونسي إزاء الأزمة الليبية التي طال أمدها.

الرئيس التونسي قيس سعيد طالب المجتمع الدولي بدعم شرعية جديدة في ليبيا، مشيراً إلى التخلي عن الشرعية المؤقتة التي تمثلها حكومة فائز السراج والتي انتهت صلاحياتها في 2016.

وأعلن قيس سعيد في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في العاصمة الفرنسية باريس، رفض بلاده لأي مخطط لتقسيم ليبيا أو التدخل الأجنبي، مشيراً إلى التدخل التركي في ليبيا لإمداد المليشيات المتقاتلة بالسلاح ونقل المرتزقة السوريين لدعم حكومة فايز السراج والمليشيات المتحالفة معها.

وتأتي مطالب فرنسا وتونس بإرساء شرعية جديدة في ليبيا ضمن إطار البحث عن تسوية سياسية، واعتبر الملاحظون أن تغير الموقف التونسي مؤشر لسيناريوهات جديدة تعدها فرنسا للحد من النفوذ التركي المتنامي في المنطقة.

وأعلن الرئيس الفرنسي أمس (الاثنين) رفضه للتدخل التركي في ليبيا، مشيراً إلى أن ما تفعله أنقرة مناف للقوانين الدولية ولمصالح الأوروبيين ودول المنطقة.

وفي نفس الإطار، أعاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فتح ملف حلف الشمال الأطلسي إلى واجهة النقاش في أوروبا بعد حادثة 10 يونيو، حين هددت السفن التركية بإطلاق النار على فرقاطة فرنسية في البحر الأبيض المتوسط.

وكانت الفرقاطة الفرنسية في مهمة تفتيش تابعة للحلف الأطلسي في ما يعرف بعملية «إيريني» التابعة لحلف شمال الأطلسي الأوروبية في مياه المتوسط، حيث حاولت تفتيش سفينة شحن تركية مشبوهة في البحر الأبيض المتوسط متجهة إلى ليبيا، وهدد الأسطول التركي أثناءها بفتح النار على الفرقاطة الفرنسية إذا لم تتراجع عن عملية التفتيش.

الحادثة وصفها المراقبون والرئيس الفرنسي بالعدوانية الخطيرة، حيث جاء في تصريح الرئيس الفرنسي (الاثنين) أثناء ندوة صحفية مع نظيره التونسي قيس سعيد، أن تركيا تساهم في زرع الألغام بالمنطقة وانتشار الأسلحة مما يستدعي إعادة النظر في تركيبة حلف الناتو الذي وصفه نهاية 2019 بأنه يعاني الموت السريري.

وقال ماكرون في ندوة مشتركة مع نظيره التونسي: «إن بعودته لحادثة الأسبوع الماضي التي وقعت تحت قيادة حلف الناتو في عرض المياه الليبية، أعتبر أن الوضع غير مقبول تماماً وأحيلكم إلى تصريحاتي نهاية العام الماضي عن الموت السريري لحلف شمال الأطلسي، وأرى أنّ ما حصل هو أحد أبرز الإثباتات على ما قلته».

وعلى إثر هذه الحادثة، وبطلب من وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، وخلال اجتماع لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي الأسبوع الماضي، طالبت بفتح تحقيق حول الحادثة، وقد أيّدت ثماني دول أوروبية طلب باريس، بينما اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الحادثة «اختلاف بين حليفين»، قبل أن يعلن عن فتح تحقيق لتوضيح ملابسات ما حدث بعد ارتفاع اللهجة الشديدة لباريس المطالبة بفتح تحقيق حول نشاط تركيا في المياه الإقليمية المتوسطية ودورها في الناتو.

كما وُجهت تهم إلى أنقرة بمعارضة عمليات التفتيش التي تقوم بها سفن التحالف الأطلسي للسفن المشتبه في انتهاكها حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.

واعتبر ماكرون أنه إذا لم يتم التحكم في دخول الأسلحة إلى ليبيا ستتحول هذه الأخيرة في غضون الأشهر القادمة إلى بؤرة للفوضى وعدم الاستقرار وتشكل بذلك خطراً على دول الجوار والبحر الأبيض المتوسط.