منذ أن تأسست منظمة التجارة العالمية في عام 1995، تولى إدارتها 3 مديرين عامين من أوروبا ومدير من كل من أوقيانوسيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، ولم ترأسها قط شخصية عربية، وهو ما تسعى إليه المملكة هذه المرة، حيث أعلنت ترشيح المستشار في الديوان الملكي، وزير الاقتصاد والتخطيط السابق، محمد التويجري، لتولي منصب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، إذ ازدادت ترشيحات اللحظة الأخيرة للمنصب، بات هناك 8 مرشحين يتنافسون لتولي قيادة المنظمة التي تواجه تحديات هائلة، وسط أزمة اقتصادية عالمية ازدادت حدة مع تفشي فايروس كورونا.علاقتها متوازنة مع الشرق والغرب وتؤمن بتعدد الأطراف
ومع إغلاق باب الترشّح في إطارالمنافسة التي تم تسريعها لاختيار شخصية تحل مشكلة مكان مدير المنظمة روبرتو أزيفيدو؛ الدبلوماسي البرازيلي الذي سيغادر المنصب نهاية أغسطس، قبل عام من انتهاء ولايته الثانية، يتنافس 8 مرشّحين من بريطانيا ومصر وكينيا والمكسيك ومولدوفا ونيجيريا وكوريا الجنوبية إلى جانب المملكة على المنصب.
ويأتي ترشيح التويجري في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم متغيرات كبيرة في منظومة التجارة، استشعارا من المملكة لمسؤولياتها، في ظل رئاستها الحالية قمة الـ20، كما يعكس استمرارها في دعم الجهود الدولية للنهوض بالمنظمة، وصياغة رؤية استراتيجية للدول الأعضاء بمجموعة الـ20 لتعزيز دور التجارة المهم في دفع النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.
وقال خبراء دوليون إن تقديم المملكة مرشحها لمنصب مدير عام منظمة التجارة العالمية غير مستغرب؛ كونها عضواً في قمة الـ20، وترشيحها يأتي امتداداً لموقفها التاريخي الراسخ والمتوازن من دعم النظام التجاري متعدد الأطراف في المنظمة، وموقفها الحيادي في مواجهة تحديات التجارة الدولية الراهنة، وإيمانها بضرورة وجود نظام تجاري مفتوح وشفاف. ويعتبر التويجري من الشخصيات الاقتصادية العربية والعالمية، كونه تولى مسؤوليات متعددة؛ من أبرزها منصب وزير الاقتصاد والتخطيط، إلى جانب عضويته في مجلس الوزراء، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية من 2017 إلى 2020، وتوليه منصب نائب وزير الاقتصاد والتخطيط، والأمين العام للجنة المالية في الديوان الملكي من 2016 إلى 2017، إضافة لتوليه منصب نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني.
وقالت مصادر غربية إن تقديم المملكة مرشحها لمنصب مدير عام المنظمة رغم حالة عدم الرضا الدولية تجاه أداء المنظمة، ومطالبة قادة دول الـ20 بإصلاحها لما تواجهه من تحديات في الاستجابة للمتغيرات الاقتصادية الدولية، يعكس مسؤولياتها ودورها القيادي دولياً، مؤكدين أن المملكة أضحت لاعباً رئيسياً في التوازنات العالمية، وصانعة قرار في المحيط العالمي، وتستطيع إدارة المنظمة من خلال علاقتها الجيدة بالشرق والغرب، خصوصا أن المملكة حرصت من خلال رئاستها مجموعة الـ20 على قيادة الجهود والمبادرات الإصلاحية بشأن مستقبل المنظمة. كما تحظى المملكة بعلاقات متوازنة وقوية مع الدول الأعضاء في المنظمة، إضافة للترحيب والقبول الذي تحظى به في تقريب وجهات النظر بخصوص تضارب السياسات التجارية بين الدول الأعضاء، ما سيحدث تقدما في الموضوعات المعطلة ويطور أداء المنظمة.
وأكد خبراء لـ«عكاظ» أن المملكة تؤمن بتعزيز الثقة في نظام تجاري متعدد الأطراف، يعتمد جوهرياً على إصلاح المنظمة والتوافق الدولي من خلال ترسيخ مبدأ الحوار الموسع، والاستناد إلى نظام دولي قائم على مبادئ ومصالح مشتركة ومن الدول المانحة لمساعدة الدول الأقل نمواً للانخراط في النظام التجاري العالمي، وتحفيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. لهذه الأسباب؛ رشحت المملكة التويجري.. لـمنصب مدير عام الـ«WTO».
الاختيار وليس الانتخاب
يتساءل الجميع كيف تتم عملية تعيين المدير الجديد؟ ولماذا لا تتم عبر الانتخابات وليس الاختيار؟
تقوم عملية اختيار المدير العام الجديد للمنظمة بالإجماع، إذ يتم حذف المرشّحين بالتدريج. ويمكن اللجوء إلى التصويت كملاذ أخير، لكن لم يسبق أن حصل هذا السيناريو في تاريخ المنظمة.
يذكر أنه في عام 1999، عندما لم تتمكن الدول من الاختيار بين مرشحَين، تولى كل منهما المنصب لولاية مدتها 3 سنوات.
ومن المقرر أن يجتمع المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية من 15- 17 يوليو لإجراء مقابلات مع المرشحين، والاستماع إلى المشاريع التي يعتزمون تنفيذها في المنظمة التي تواجه تحديات هائلة حتى قبل تفشي جائحة «كوفيد-19» وتداعياتها الاقتصادية.
التحدي الأكبر
لن تكون مهمة المرشح الجديد لمدير عام المنظمة سهلة على الإطلاق، ولا نبالغ إذا قلنا إنها مهمة صعبة، في وقت علقت منظمة التجارة العالمية في صلب الخلافات بين الولايات المتحدة والصين، وجمّدت الولايات المتحدة عضويتها بمنظمة التجارة العالمية، وتطالب بإزالة الصين من قائمة الدول ذات الاقتصادات النامية.
المرشحون الـ 8
المرشحون الـ8 هم: وزير الاقتصاد السعودي السابق محمد التويجري، وزير التجارة الخارجية البريطاني السابق ليام فوكس، وزيرة التجارة الكورية الجنوبية يو ميونغ-هي، وزيرة الخارجية الكينية السابقة أمينة محمد، نائب المدير العام السابق للمنظمة المكسيكي يسوس سياد كوري، وزيرة الخارجية والمالية النيجيرية السابقة نغوزي أوكونجو-إيويالا، الدبلوماسي المصري السابق حميد ممدوح، ووزير خارجية مولدوفا السابق تيودور أوليانوفسكي.
وهذا يعني أن هناك 3 نساء و3 أفارقة في المنافسة. أما المرشّح الأصغر سناً فهو أوليانوفسكي (37 عاماً)، بينما سياد (73 عاماً) هو الأكبر سنا، ويذكر أنه تولى مناصب في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.