تكشفت الدوافع الحقيقية لتدخل الرئيس التركي رجب أردوغان في ليبيا. فقد اتضح أن أردوغان لم يُغْوِ حليفه في طرابلس فايز السراج بمجرد اتفاق للتدخل العسكري لمصلحة حكومته؛ بل باتفاق على إعادة ترسيم الحدود البحرية للبلدين. وذكرت أسوشيتد برس أمس أن مسؤولين في إدارة السراج كشفوا لها أن الاتفاق الذي وضعه أردوغان ينص على أن يعلن البلدان تبعية مناطق شاسعة من البحر الأبيض المتوسط إلى كل منهما، بحيث يستطيع الرئيس التركي السيطرة على حقول الغاز الطبيعي الكامنة في عمق تلك المياه. ونسبت إليهم القول إن أردوغان راعى أن يكون الاقتصاد هو مكسبه الأكبر من التدخل في ليبيا. وقال عدد كبير منهم إنهم وافقوا على ذلك الاتفاق على مضض، وإنهم لم يكن أمامهم خيار سوى الإذعان لأردوغان، خصوصاً أن قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر كانت تطبق على العاصمة طرابلس. واتهم مسؤول في مكتب السراج أردوغان بأنه انتهز ضعف حكومة السراج ليحقق أغراضه. وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الأسبوع الماضي أن أردوغان نقل نحو 3800 مرتزق سوري إلى ليبيا. ونسبت أسوشيتد برس للمسؤولين في طرابلس قولهم إن أردوغان ظل يضغط على السراج أكثر من سنة لتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية. وكان السراج رافضاً لإدراكه أنه لا يحق له كرئيس انتقالي توقيع اتفاقات يمكن أن تؤدي إلى نزاع مع القوى الأوروبية المطلة على البحر المتوسط. وأضافوا أنها كانت ضغوطاً استمرت بلا كلل. وزادها قادة المليشيات الإخوانية الموالية لأردوغان في لبيبا، الذين دفعوا باتجاه الرضوخ لمطلب أردوغان. وتم توقيع الاتفاق في نوفمبر 2019. وبموجب الاتفاق يدعي البلدان تبعية مناطق شاسعة من البحر المتوسط إليهما، وأنهما يملكان حق التنقيب عن الغاز في تلك المياه. وسارعت اليونان لرفض الاتفاق، فيما اعتبره الاتحاد الأوروبي مخالفاً للقانون الدولي، ويمثل «تهديداً للاستقرار». وقال نائب أردوغان فؤاد أقطاي: نحن نريد أن نمزق الحدود القديمة التي سجنتنا داخل أرضنا. وحذر الخبراء من أن اتفاق أردوغان-السراج قصد منه حرمان مصر واليونان وقبرص من تصدير أي غاز مكتشف إلى أوروبا. كما يريد أردوغان تعويض خسائر شركات المقاولات التي قالت إنها خسرت عقوداً بـ18 مليار دولار، نتيجة الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011. وقال مسؤولون بمكتب السراج أمس- إن وفداً من وزارتي الخارجية والمالية التركيتين ذهب إلى طرابلس في يونيو الماضي، وطالب حكومة السراج بتعويضات تبلغ ملياري دولار لشركات إنشاءات تركية. ووافق مسؤولو حكومة السراج على دفع تلك التعويضات، وديون أخرى تبلغ قيمتها 1.7 مليار دولار، علاوة على تعويضات عن المعدات والآليات التي تم تدميرها في معارك الحرب الأهلية الدائرة في ليبيا. وكشف المسؤولون الليبيون أن تركيا تقوم حالياً ببناء قاعدة بحرية في ميناء مصراتة، وأخرى جوية في قاعدة الوطية.