لم تكن خطوة رؤساء الوزراء السابقين الأربعة: سعد الحريري، نجيب ميقاتي، تمام سلام، وفؤاد السنيورة باختيار السفير مصطفى أديب لتشكيل الحكومة الجديدة وهو أعلى منصب للطائفة السنية إلا مزيداً من الإمعان بقهر هذه الطائفة ورفع مستوى الإحباط بين أبنائها.
لقد راهن اللبنانيون وعلى رأسهم السنّة أن ما بعد فاجعة المرفأ ودمار مدينتهم بيروت ليس كما قبلها، خصوصاً أن هذا الانفجار لاتزال تدور حوله الشبهات، فمن وضع النيترات ومن فجرها ؟ والكل يعلم من يسيطر على المرفأ وعنابره!.
لقد راهنوا على أن بعد هذه الكارثة، هناك نافذة ما لكسر طوق الهيمنة التي يمارسها «حزب الله» على كل مفاصل الدولة، فارتفعت الأصوات المطالبة بالسفير نواف سلام رئيساً للحكومة حتى بات مرشح الثورة والثوار والأكثرية المطلقة داخل الطائفة السنية المعنية الأولى بمركز رئيس الحكومة، كما أن الموارنة المسيحيين معنيون بمنصب رئاسة الجمهورية، والشيعة معنيون بمنصب رئاسة مجلس النواب.
بالمقابل كان «حزب الله» وإعلامه يشنون حملة على نواف سلام من التخوين وصولاً إلى العمالة للأمريكيين، وهنا كان الرهان على رؤساء الحكومة السابقين أن يحملوا رغبات بيئتهم وبالتالي مرشحهم نواف سلام إلى السراي، إلا أن المفاجأة جاءت أن الرؤساء الأربعة اختاروا مرشح التسوية بين فرنسا وحزب الله أي مرشح ماكرون ونصرالله، السفير مصطفى أديب..!
لقد كان نواف سلام قادراً على إعادة الرونق والهيبة للزعامة البيروتية، فرفضه سعد الحريري وتمام سلام، وكان قادراً على إيجاد مفهوم جديد للزعامة السنية فرفضه نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة. لقد كان نواف سلام يشكل خطراً على كل هؤلاء وعلى كل المنظومة القديمة فكان القرار «نعم» لمرشح «حزب الله» وفرنسا ولا لمرشح السنة والثورة.
لقد دخلت رئاسة الحكومة المنصب السني الأول في لبنان في السياق الوظيفي، أي باتت دائرة حكومية كباقي الدوائر، هي أقرب إلى مصلحة السكة الحديد التي لديها مدير وموظفون ولكن لا تملك سكة للحديد. أتى مصطفى أديب كما أتى حسان دياب وسيأتي من بعدهما أسماء وأسماء.. لكنها كلها لن تكون زعامة على رأس كل الحكومات.