لم تكن زيارة زعيم حركة حماس إسماعيل هنية إلى بيروت مجرد زيارة لمسؤول فلسطيني ينتمي إلى محور الملالي في إيران، فزيارات المنتسبين إلى هذا المحور للبنان من الجنسيات المتعددة، العراقي منها وغير العراقي ما توقفت يوماً ولن تتوقف كما يبدو.
فلبنان وبشهادة الداخل والخارج معتقل في الضاحية الجنوبية وتحديدا في منطقة «حارة حريك» التي يتخذها حسن نصرالله مقراً له ولقيادته، إلا أن ما يميز زيارة هنية عن كل تلك الزيارات، أنها جاءت بعد حدثين، الأول انفجار مرفأ بيروت في الـ 4 من أغسطس، والثاني زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمبادرة الإنقاذية كما أسماها التي حملها إلى المسؤولين اللبنانيين وتحديدا إلى «حزب الله».
لقد أراد «حزب الله» أن ينطق بلسان هنية مخاطبا ماكرون وكل من يراهن على الرئيس الفرنسي، أن لبنان سيبقى منصة لإيران وأتباعها، وأن انفجار المرفأ لا يعني شيئا في قاموس «حزب الله» ومحوره، فمن شاهد دمار حلب وحمص والقصير لن يهزه دمار بيروت.
لقد أراد «حزب الله» عبر هنية أن يقول لماكرون: لا تحلم يا صديقنا المستجد كثيرا، فقليلاً من الاستعراض وقليلا من الهبات تكفي. أما التفاصيل الدقيقة فهي أكبر منك ومن أوروبا. ألا يذكر الجميع عندما اعتبر حليف نصرالله وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم أن لا وجود لأوروبا على الخارطة الدولية.
بالمقابل ومن الناحية الإنسانية، وقحًا كان إسماعيل هنية، فكيف له أن يزور بيروت وهو يعلم أن أهلها لم ينتهوا بعد من دفن ضحايا الانفجار ؟ كيف له أن يهدد بصواريخه من بيروت وهو يعلم أن نصف سكانها لا منزل لهم؟ كيف له أن يأتي إلى بيروت ليتصل بأبو مازن وهو لم يتصل به من غزة؟ وهو يعلم أن كلفة الاتصال من غزة أقل بكثير من كلفة الاتصال من بيروت.
ألا يعلم هنية قبل أن يتواقح أن بيروت وأهلها أشد فقرا وعوزا من أهل غزة؟ ألا يعلم أنه بفضل محوره وحلفائه أن اللبنانيبن لا يمكنهم الوصول إلى مدخراتهم في المصارف على عكس سكان القطاع؟.
إسماعيل هنية كان وقحا في زيارته، والأوقح منه من استقبله وهلل له ودافع عنه من اللبنانيين الذين ادعوا زورا أنهم يحبون بيروت.