على مدى 36 عاماً؛ لم يخسر المؤرخ الأمريكي البروفيسور آلان ليتشمان تنبؤاته بنتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وهو في حقيقة الأمر لا يضرب الودع واختياره للمرشح الفائز بالرئاسة لا يقع مصادفة على طريقة اختيارات «الأخطبوط بول» للفرق الفائزة في كأس العالم لكرة القدم 2010، وإنما ابتكر عام 1981 بمشاركة فلاديمير كيليز بوروك العالم الروسي المتخصص في الجيوفيزياء الرياضية، نموذجاً من 13 عاملاً لاختيار المرشح الرئاسي الفائز بالرئاسة الأمريكية، أطلق عليه «مفاتيح البيت الأبيض»، وهو عبارة عن آلية مستوحاة من «علم الزلازل» (Seismology) لتحديد المرشح الرئاسي للولايات المتحدة بشكل دقيق، ومكنه من توقع الفائز في كل انتخابات رئاسية أمريكية منذ فوز رونالد ريغان في إعادة انتخابه عام 1984.
ونجح ليتشمان، أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية في العاصمة واشنطن البالغ من العمر 73 عاماً، في تحديد جميع المرشحين الفائزين بالرئاسة الأمريكية في 9 استحقاقات انتخابية، كما توقع فوز آل غور في انتخابات عام 2000 الذي فاز فعلياً في التصويت الشعبي لكنه خسر الرئاسة أمام جورج دبليو بوش بعد أن قضت المحكمة العليا بوقف إعادة الفرز نتيجة الخلاف على الأصوات غير الحاسمة التي تم الإدلاء بها في فلوريدا، ومنذ ذلك الحين عدل البروفيسور ليتشمان مقاييسه في اختيار المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات «الانتخابية» وليس المرشح الحاصل على الأصوات الأكثر «شعبية»، وفي انتخابات 2016 تفوقت توقعات ليتشمان على استطلاعات الرأي إذ كان من القلائل الذين توقعوا فوز ترمب في الانتخابات وعلى العكس من نتائج استطلاعات الرأي التي رجحت فوز هيلاري كلينتون بفارق كبير.
ونتيجة للنجاحات المتواصلة التي حققها، أصبح ليتشمان من بين أبرز المحللين السياسيين الذين تسلط عليهم وسائل الإعلام الأمريكية الأضواء مع حلول مواعيد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة كل 4 أعوام، ومن المرجح أن رأيه حول المرشح المحتمل يعد من العوامل المؤثرة على أصوات الناخبين المتأرجحين والنتائج عامة، فبإمكانه تثبيط عزيمة الناخبين تجاه مرشح ما، والتأثير على أصوات الناخبين المترددين في اختيار المرشح الأفضل، وكذلك يساهم في تعزيز فرص فوز المرشح الذي يتوقع ليتشمان فوزه وفقاً لنموذجه.
وفي الانتخابات الأمريكية 2020 التي ستجرى في 3 نوفمبر القادم، خلط البروفيسور ليتشمان الأوراق مبكراً بتوقعه فوز جو بايدن منذ الأسبوع الأول من أغسطس الماضي، وهو ما يضاعف الضغوط على الرئيس ترمب الذي حقق إنجازات غير مسبوقة على الصعيد الاقتصادي إلى أن داهمت أزمة جائحة كورونا الولايات المتحدة منذ يناير الماضي وعرقلت مسيرة نجاحاته وعصفت بالكثير من الإنجازات الاقتصادية بين عشية وضحاها، ورغم أنها أزمة عرضية لم يتسبب بها الرئيس الأمريكي إلا أنها أحد أبرز العوامل السلبية التي قلصت فرص ترمب في استطلاعات الرأي وقدمت خدمة جليلة لمنافسه من حيث لا يحتسب.
ولكن في هذه الانتخابات على وجه التحديد، يؤخذ على ليتشمان عدة أمور بالغة الأهمية قد تضع حداً لصحة تنبؤاته، فبجانب انتمائه للحزب الديمقراطي، كذلك انحاز ليتشمان في آرائه بشكل مباشر ضد ترمب في العديد من المواقف والأحداث، ورغم أنه أكد عقب إعلان توقعه بفوز بايدن أن الأمر لا يتعلق بموقفه من أي مرشح بل يرتكز فقط على تطبيقه المنهجي لمقاييس نظام مفاتيح الفوز والخسارة لتحديد المرشح الفائز، إلا أن نتائج «نموذج ليتشمان» تعارضت مع نتائج نموذج آخر ابتكره أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية نيويورك هيلموت نوربوت، الذي نجحت أيضاً جميع تنبؤاته بشكل دقيق منذ 1992، ولكن على النقيض من تنبؤ ليتشمان بخسارة ترمب في انتخابات 2020، توقع «نوربوت» هذه المرة فوز ترمب بفارق كبير عن منافسه الديمقراطي، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى احتمالية تأدلج هذه النماذج الاستثنائية.
في هذا التقرير تغوص «عكاظ» في قراءة مكامن الضعف والقوة في تنبؤات ليتشمان وما إذا كان للعاطفة دور تجاوز موضوعية المعايير المنهجية، إضافة إلى آراء عدد من الخبراء الأمريكيين عن المرشح الأقرب لرئاسة بلاد العم سام.
ما علاقة الزلازل باختيار الرئيس الأمريكي؟
في عام 1981، التقى ليتشمان مع العالم الروسي فلاديمير كيليس بوروك بالصدفة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وكان بوروك بمثابة المرجع العالمي الرائد في التنبؤ بالزلازل ورئيس معهد «التعرف على الأنماط الزلزالية والتنبؤ بالزلازل» في موسكو، وتوصل الاثنان إلى فكرة ثورية لمحاولة التنبؤ بالنتائج السياسية من خلال نظريات التنبؤ بالزلازل.
وأوضح ليتشمان أن هذا النظام المبتكر يتكون من 13 مفتاحاً تعمل بـ«مصطلحات الزلزال الجيوفيزيائي»، فعندما يكون هناك «استقرار»، فإن الحزب الذي يحكم البيت الأبيض يحافظ على بقائه، وعندما يحدث «زلزال»، يخسر الحزب الذي يحتفظ بالبيت الأبيض.
ومن خلال تطبيق منهجية التعرف على الأنماط المستخدمة في الجيوفيزياء على البيانات الخاصة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية منذ عام 1860، وهي أول انتخابات بسجل منافسة مدتها 4 سنوات بين الجمهوريين والديمقراطيين، طور ليتشمان وكيليس بوروك 13 سؤالاً تشخيصياً وقالوا إنها المقترحات التي تؤيد إعادة انتخاب الحزب الذي يحكم البيت الأبيض، فعندما تكون خمس إجابات أو أقل خاطئة، من المتوقع أن يفوز الحزب الحاكم في التصويت الشعبي، وعندما تكون 6 إجابات أو أكثر خاطئة، فمن المتوقع أن يفوز الحزب المنافس بالتصويت الشعبي. وعلى عكس العديد من النماذج الأخرى في التحليل والتقييم، لا تتضمن هذه المفاتيح بيانات استطلاع، كما لا تفترض المفاتيح أن الناخبين مدفوعون بالمخاوف الاقتصادية وحدها.
وشرح ليتشمان تفاصيل النظام الذي ابتكره مع خبير الزلازل الروسي في كتابه «مفاتيح البيت الأبيض» (The Keys of the White House) الصادر في 1996، وتستند هذه المفاتيح إلى نظرية تقول إن نتائج الانتخابات الرئاسية تدور في المقام الأول على أداء الحزب المسيطر على البيت الأبيض وإن الحملات الانتخابية عن طريق تحدي المرشحين الحاليين لن يكون لها أي تأثير على النتائج، فوفقاً لهذه النظرية يختار الناخبون الأمريكيون رئيساً بناءً على أداء الحزب الذي يتولى البيت الأبيض بحسب الأحداث المرتبطة بعوامل أساسية وهي: «الازدهار الاقتصادي والكساد»، «نجاحات السياسة الخارجية وإخفاقاتها»، «الاضطرابات الاجتماعية»، «الفضائح»، و«ابتكار السياسات»، ويمثل كل مفتاح فئة يتم تقييم المرشحين بناءً عليها، وعندما تتعارض 6 مفاتيح أو أكثر مع المرشح الذي يشغل منصب الرئيس، يُفضل المنافس للفوز. ووفقاً للنظرية، إذا كان أداء الأمة جيداً خلال فترة الحزب الحالي، فإن هذا الحزب يفوز بـ4 سنوات أخرى في المنصب؛ خلاف ذلك، يفوز الحزب المنافس، أي أن المناظرات والدعايات والظهور التلفزيوني، والتغطيات الإخبارية، واستراتيجيات الحملات الانتخابية لا تعني شيئاً أساسياً في التأثير على عملية الاقتراع يوم الانتخابات، بحسب نموذج «مفاتيح البيت الأبيض».
عوامل خسارة ترمب
يستخدم ليتشمان سلسلة الـ13 «مفتاحاً» في شكل أسئلة صواب أو خطأ، الإجابة «الصحيحة» تكسب نقطة لصالح المرشح الرئاسي الذي يشغل حالياً منصب رئيس الولايات المتحدة، بينما الإجابة «الخاطئة» تكسب نقطة للمنافس، وبالتالي فإن المرشح الحاصل على أكبر عدد من النقاط سيفوز في الانتخابات. وجاءت نتائج نموذج مفاتيح ليتشمان لانتخابات 2020، كالتالي:
1. حصل حزب الرئيس على مقاعد أكثر في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي - (خطأ)
2. لا توجد مسابقة أولية للحزب الحالي - (صحيح)
3. شاغل الوظيفة يترشح لإعادة الانتخاب - (صحيح)
4. لا يوجد منافس طرف ثالث - (صحيح)
5. الاقتصاد قصير الأجل قوي - (خطأ)
6. كان النمو الاقتصادي طويل الأجل خلال فترة ولاية الرئيس جيداً مثل الفترتين الماضيتين - (خطأ)
7. أجرى الرئيس تغييرات كبيرة على السياسة الوطنية - (صحيح)
8. لا توجد اضطرابات اجتماعية خلال فترة ولاية الرئيس - (خطأ)
9. شاغل الوظيفة غير ملوث بفضائح - (خطأ)
10. الرئيس ليست لديه إخفاقات أجنبية أو عسكرية كبيرة في الخارج - (صحيح)
11. الرئيس لديه نجاحات أجنبية أو عسكرية كبيرة في الخارج - (خطأ)
12. الرئيس شخصية كاريزمية - (خطأ)
13. المنافس غير كاريزماتي - (صحيح)
المجموع: 6 نقاط «إيجابية» و7 نقاط «سلبية»
نجاحات ترمب التاريخية
كانت إنجازات الرئيس ترمب على الصعيد الاقتصادي -خصوصا إلى ما قبل أزمة جائحة كورونا- كفيلة باكتساح غريمه الديمقراطي جو بايدن في انتخابات 3 نوفمبر القادم، ففي غضون 3 سنوات من حكمه استطاع أن يوفر 7 ملايين وظيفة، وأن يرفع دخل الفرد بزيادة قدرها 7 آلاف دولار مقارنة بارتفاع قدره 975 دولارا خلال 8 سنوات من رئاسة باراك أوباما.
وفي عهد الرئيس ترمب انخفض معدل البطالة بين الأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية لأدنى مستوى في التاريخ، حيث بلغ معدل البطالة بين الأمريكيين من أصل أفريقي إلى مستوى منخفض قياسي في أغسطس من العام الماضي 2019 بنسبة 5.5%، وبالنسبة للعمال من ذوي الأصول اللاتينية فقد بلغت نسبة البطالة بينهم 4.2%، وهو أدنى مستوى مسجل أيضاً.
وتراجع مستوى البطالة خلال فترة ترمب إلى 3.7% كأقل مستوى له منذ السبعينات، كما بلغ الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 20 تريليون دولار بما يعادل 25% من الاقتصاد العالمي، كما ارتفعت قيمة الأسواق المالية في الولايات المتحدة، وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي إلى مستويات قياسية نتيجة سياسات ترمب من خلال تخفيضاته الضريبية على الشركات.
تبعات كارثة كورونا
تسببت جائحة فايروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في أزمة عالمية أثرت على جميع اقتصادات العالم، وعلى صعيد الولايات المتحدة، إلا أنها أهدت مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن فرصة قوية لاستغلال نتائجها السلبية على الاقتصاد الأمريكي ضد الرئيس ترمب رغم أن لا يد له فيها، وينطبق على هذا الواقع مقولة للرئيس الأمريكي الـ31 هربرت هوفر «كرئيس للدولة، يحسب لك الفضل في الشمس المشرقة، ويقع عليك اللوم عند المطر»، والمقصود هنا أن الكثير من الأحداث الإيجابية لصالح الدولة أو السلبية ضدها، ستحسب للرئيس، إيجابا وسلبا، حتى لو لم تكن له علاقة بها.
لا شك أن أزمة كورونا أثرت على انجازات الرئيس ترمب الاقتصادية، فمؤشر داو جونز الصناعي تراجع بنسبة 2%، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 32.9%، وبلغت خسائر الاقتصاد الأمريكي خلال الأزمة نحو 900 مليار دولار، وفقاً لسلسلة من التقارير الإحصائية المتقاربة في تقديراتها للخسائر الناجمة عن هذه الأزمة الطاحنة.
ولكن المؤشرات تؤكد أيضاً أن الاقتصاد الأمريكي بشكل عام سيشهد تعافياً سريعاً عقب انتهاء الأزمة، إلا أن منطق الكثير من الناخبين قريب من ما رمى إليه الرئيس الأمريكي الراحل هربرت هوفر في مقولته الشهيرة التي ذكرناها.
استطلاعات الرأي متخبطة
في الوقت الذي تظهر استطلاعات الرأي عادة مدى شعبية المرشحين، إلا أنها دائما لا تتنبأ بدقة نتيجة الانتخابات، فخلال الانتخابات الرئاسية السابقة في 2016، كانت استطلاعات الرأي تصب في صالح هيلاري كلينتون، حتى أن استطلاع جامعة برينستون العريقة للانتخابات الرئاسية قدر فرص هيلاري كلينتون للفوز بنسبة 99% في حين أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة هافينغتون بوست أن فرصة كلينتون تبلغ 98% سواء على صعيد المجمع الانتخابي في كل ولاية أو على صعيد التصويت الشعبي، والأمر ذاته يتكرر الآن مع استطلاعات انتخابات 2020 التي تظهر تقدم مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، حيث أظهر ستطلاع أجرته مجلة «الإيكونوميست» أخيرا حصول بايدن على نسبة 91% من أصوات «المجمع الانتخابي» وكذلك الفوز بأغلبية الأصوات الشعبية، وتكرر الأمر في الكثير من الانتخابات السابقة، وبما يؤكد أن مؤشرات استطلاعات الرأي ليست مؤشراً قوياً في تحديد المرشح الفائز.
ليتشمان لـ عكاظ: إصابة ترمب لن تغير توقعاتي
تواصلت «عكاظ» مع البروفيسور آلان ليتشمان، ووجهت له سؤالاً حول مدى إمكانية تأثير أحداث إصابة الرئيس ترمب بفايروس كورونا، على نتيجة توقعاته التي رجحت منذ أغسطس الماضي فوز بايدن وقبل وقوع هذه الأحداث المدوية، فأجاب بأن توقعاته تستند إلى أساسيات القوة والأداء الحاليين، مبيناً أن أياً من هذه الأحداث لم يغير من نتائج نموذجه «مفاتيح البيت الأبيض الـ13».
وأكد أن توقعه بفوز مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر لا يزال قائماً، مشدداً على التزامه بالمنهج النظري للمفاتيح.
ولكن رغم أنه ينفي تأثير انتماءاته الحزبية وآرائه السياسية على معاييره في انتخاب الرئيس الأمريكي، إلا أن الإشكالية مع تنبؤات البروفيسور ليتشمان لانتخابات 2020، ليس فقط انحيازه الشخصي في آرائه ضد ترمب منذ توليه الرئاسة باعتباره معارضاً للكثير من مواقف الرئيس الأمريكي التي بلغت ذروتها في كتابه «قضية العزل» الذي نشر في 2017 الذي ساق من خلاله مجموعة من الادعاءات لعزل الرئيس ترمب، بل إنه أيضاً قال عقب إعلان توقعه فوز بايدن إن تنبؤاته «تغيرت» بعد انتشار وباء كورونا والاضطرابات الاجتماعية واسعة النطاق التي أعقبت وفاة جورج فلويد أثناء احتجازه لدى الشرطة في مايو الماضي، معتبراً أن تلك الأحداث سحبت عدداً من مفاتيح الفوز أمام ترمب وتحول النتائج إلى التوقع بخسارة ترمب، بينماً لا يرى البروفيسور ليتشمان أن عامل إصابة الرئيس بفايروس كورونا الذي أحدث هزة في مؤشرات أسواق الأسهم وشفاءه السريع يؤثر على سير التوقعات، وهو ما يعطي مؤشراً على أن لديه ازدواجية في المعايير هذه المرة، بحيث يتقبل تغيير نتيجة التوقع نتيجة لأحداث تصب ضد فرص ترمب وفي المقابل لا يتقبل دور أحداث أخرى في تغيير نتائج توقعاته، وذلك ربما لأنها تصب في مصلحة ترمب.
تنبؤات «نوربوت» تقلب الطاولة
تنبأ البروفيسور هيلموت نوربوت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية نيويورك في ستوني بروك، بشكل صحيح في جميع نتائج الانتخابات الرئاسية منذ عام 1992 باستثناء انتخاب جورج بوش الابن عام 2000، (أي أنه نجح في توقعاته الصحيحة لخمسة انتخابات رئاسية)، وعند قياس نموذجه على الانتخابات الأمريكية التي سبقت عام 92، نجح «نموذج نوربوت» في تحديد نتائج الانتخابات الـ27 الأخيرة بشكل صحيح، وهو ما يعطي هذا النموذج نتائج ربما تتفوق على «نموذج ليتشمان».
ويعتمد نوربوت على مقياس رئيسي واحد وهو نتائج الانتخابات التمهيدية الرئاسية المبكرة، حيث تجرى انتخابات تمهيدية على مستوى الولاية في فبراير من العام الذي يشهد اجراء الانتخابات الرئاسية، وخلالها يختار الناخبون من سيكون مرشح الحزب السياسي لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، وتعقد ولايتي نيوهامبشاير وكارولينا الجنوبية الانتخابات التمهيدية الأولى لكل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وخلص هذا النموذج إلى أن المرشح الذي يتمتع بتصويت أفضل في الانتخابات التمهيدية يميل إلى الفوز في الانتخابات العامة.
وقد فاز جو بايدن بنسبة 8.4% من الأصوات في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير و 48.4% في ولاية كارولينا الجنوبية، بينما فاز ترمب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في نيو هامبشاير بنسبة 85.6% من الأصوات، ولم تكن هناك انتخابات أولية للجمهوريين في جنوب كارولينا هذا العام بسبب عدم وجود منافسة، لذلك من المحتمل أن يكون 100% أو ما يقرب من ذلك، وقال نوربوت تصريحات إلى إذاعة صوت أمريكا في أغسطس الماضي «في كلتا الحالتين حصل دونالد ترمب في الانتخابات التمهيدية على درجة أعلى بكثير من جو بايدن، وهذا يضعه في مقعد القيادة في ما يتعلق بالجزء الأساسي من النموذج». ووفقاً لهذه النظرية، خلص نوربوت إلى أن الرئيس ترمب لديه فرصة بنسبة 91% لإعادة انتخابه وأن بايدن لديه فرصة 9% فقط للفوز.
ويلكرسون: «تنبؤات ليتشمان» في 2016 خاطئة
كشف مدير مركز السياسة الأمريكية بجامعة واشنطن رئيس قسم العلوم السياسية البروفيسور جون ويلكرسون، أن تنبؤات ليتشمان في الانتخابات الرئاسية السابقة لم تكن صحيحة، مبيناً في تصريحات إلى «عكاظ» أن نموذجه توقع فوز ترمب في «التصويت الشعبي» في 2016 وليس «تصويت الكتلة الانتخابية»، ولم يفز ترمب في التصويت الشعبي، لذلك لم يتنبأ ليتشمان بالانتخابات بشكل صحيح، «ولست متأكداً ما هو السبب وراء حصوله على الكثير من الاهتمام». وحول الانتخابات الحالية، قال ويلكرسون إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن بايدن سيفوز، مستشهداً بالاستطلاعات التي يقوم بها موقع «538» الإلكتروني -على سبيل المثال-، موضحاً أن الموقع يقوم بتحليلات رفيعة ومتطورة للغاية لاستطلاعات الرأي ويتوقعون أن بايدن لديه فرصة 86% في الفوز، ولكن هذا ما حدث في الانتخابات السابقة حين حظيت كلينتون بفرصة 77%، وفازت بالتصويت الشعبي لكنها خسرت تصويت «الكتلة الانتخابية». وتابع، أن النتائج الآن تبدو جيدة بالنسبة لحملة بايدن ولكن لا يزال من الممكن أن تتغير في ظل بقاء نحو 3 أسابيع، وبالتالي فإن الانتخابات لم تحسم بعد، قائلاً إن الرئيس ترمب انتقد علنا النائب العام وليام بار، داعيا إياه إلى توجيه اتهام إلى كلينتون وأوباما، وهناك تعبير متداول لدينا حالياً وهو «مفاجأة أكتوبر»، ويشير إلى ما حدث في قضية «إطلاق رسائل البريد الإلكتروني» نيابة عن حملة ترمب التي ربما تسببت في خسارة كلينتون في الانتخابات بسبب ذلك الحدث، ولا يزال هذا ممكناً، لكن لدينا أيضاً قول مأثور: «أن تخدعني مرة.. فعار عليك، وأن تخدعني مرتين.. فعار عليّ»،
مستشار في الأمن القومي: سيناريو 2016 سيتكرر
يرى ديفيد ريبوي المستشار في الأمن القومي والحرب السياسية والباحث بمجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن، أن الرئيس ترمب تتميز شخصيته بالروح الحماسية مقارنة بمنافسه جو بايدن، وهي السمة التي تؤهله بقوة للفوز مجدداً في انتخابات 2020. وأفاد في تصريح إلى «عكاظ» أن استطلاعات الرأي لا تزال تمثل إشكالية تماماً كما حدث في الانتخابات السابقة، خاصة في فئة «ناخب ترمب الخجول» على حد وصفه، مؤكدا أن المحصلة النهائية للأصوات ستثبت أن الاستطلاعات خاطئة وأن النتائج النهائية ستكون مشابهة لسيناريو انتخابات 2016.
ويتينغتون: الرئيس في وضع صعب
أكد البروفيسور كيث ويتينغتون أستاذ العلوم السياسية بجامعة برينستون الأمريكية أن ترمب يعاني من قدر كبير من المشاكل، مبيناً في تصريح إلى «عكاظ» أن الرئيس كافح طوال فترة رئاسته لتوسيع قاعدة دعمه. وأوضح أن وصول جائحة كورونا إلى الولايات المتحدة وما صاحبها من ركود اقتصادي من شأنه أن يخلق مناخًا انتخابيًا صعبًا للغاية لأي رئيس شاغل المنصب، مشيراً إلى أن الرئيس ترمب في حد ذاته وضع نفسه في موقف ضعيف لم يتفاقم إلا بسياسته وخياراته الشخصية.
روزين: ما زال هناك وقت لقلب النتائج
قال البروفيسور ستانلي روزين أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنوب كاليفورنيا، في تصريحات إلى «عكاظ» إنه من الواضح أن استطلاعات الرأي تظهر فوز بايدن، لكن لا يزال هناك وقت قبل حسم الانتخابات وسيحاول الرئيس ترمب تغيير ذلك.
وأوضح أن الجمهوريين في الوقت الحالي يهتمون أكثر من غيرهم بالحفاظ على السيطرة على مجلس الشيوخ لأنهم يخشون ويتوقعون فوز بايدن والديمقراطيين في أخذ مجلس النواب مرة أخرى، كما أشار إلى أن الرئيس ترمب حذر من عمليات الاحتيال في بطاقات الاقتراع عبر البريد بعد الكشف عن إلقاء بعضها في سلة المهملات ولم يتم احتسابها في إحدى المقاطعات بولاية بنسلفانيا التي كانت لصالح ترمب، وبسبب تلك الواقعة فتح مكتب المدعي العام للولايات المتحدة ومكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقاً في التقارير المتعلقة بالمشكلات المحتملة بعدد من بطاقات الاقتراع عبر البريد، ما يعني أن ترمب قد يشكك في النتائج، وبذلك من الممكن أن تقرر الانتخابات من قبل المحكمة العليا حيث يهيمن المحافظون وأنصار ترمب.
ويرى البروفيسور روزين أن إعادة إحياء قضية رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون غير مجدية، نظراً لأن معظم الناخبين سيجدون أن القضية ليست ذات صلة بالقضايا التي يواجهونها اليوم، مثل أزمة وباء كوفيد-19 والبطالة وإعادة الاقتصاد إلى طبيعته والرعاية الصحية والإجهاض وعدم المساواة العرقية وقضايا القانون والنظام.
باحثة في الشأن السياسي: بايدن يفتقد الزخم والحضور اللافت
تتفق كاثلين ماكينلي وهي متخصصة في تحليل قضايا الانتخابات الأمريكية ومحللة سياسية في صحيفة هيوستن كرونيكل منذ عشر سنوات، مع ما ذكره خبير الأمن القومي ديفيد ريبوي حول أهمية عامل الروح الحماسية لدى الرئيس ترمب. وقالت إنه على الرغم من نتائج استطلاعات الرأي والتنبؤات التي تصب في صالح مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، إلا أنها تعتقد أن ترمب سيفوز بالطريقة ذاتها التي حسم فيها السباق الرئاسي في 2016، وكان عامل الحماس القادم من قاعدته الجماهيرية مهما في قلب نتائج الاستطلاعات، بينما بايدن على الطرف الآخر ليس لديه ذلك الزخم والحضور اللافت.
مستشار سياسي: بايدن متقدم مؤقتاً
في سياق متصل بالانتخابات، قال مات ماكوياك المستشار السياسي في الحزب الجمهوري ورئيس مجموعة «بوتوماك الإستراتيجية» (PSG) المتخصصة في الاستشارات السياسية والحملات الانتخابية، إن بايدن يقود الآن بشكل واضح ولكن ترمب أمام طريق ضيق ولكنه مؤكد لإعادة الانتخاب، وعليه الاعتماد على بياناته وميزة الاتصال بالناخبين. وأوضح في تصريح إلى «عكاظ» أن ترمب في الأيام الـ10 الماضية كان مشغولا بإصابته بفايروس كورونا ومسألة تجاوز هذا العارض الصحي الخطير، والآن بقي لدينا 3 أسابيع على حسم الانتخابات، ومن المؤكد أن أحداثها ستكون مثيرة للجدل بشكل لا يصدق.
تايلور: رئيس أمريكا ابتعد عن قضايا الناخب الأساسية
قال البروفيسور جيمس لانس تايلور رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة سان فرانسيسكو الرئيس السابق للمؤتمر الوطني للعلماء السياسيين السود (NCOBPS)، إنه لا يريد التكهن بنتيجة انتخابات 2020 لأن أي شخص يقوم بمثل هذا التنبؤ يعمل على افتراضات معينة قد تكون صحيحة في عدد من المرات ولكنها لا تصمد.
وأكد لـ«عكاظ» أن معظم المقاييس التقليدية التي تقيس سياسة الانتخابات الرئاسية تتوافق بشكل إيجابي مع بايدن، وأوضح أن ميزة وعيوب ترمب تكمن في أنه يشغل المنصب، قائلا «إنها نعمة في الأوقات الجيدة، وفي الأوقات الصعبة تكون لعنة على الرؤساء الأمريكيين الذين يسعون لإعادة انتخابهم».
وأكمل: «ترمب في انتخابات 2020 لم يتفوق على ترمب في انتخابات عام 2016»، بل خسر بـ3 ملايين صوت شعبي، موضحاً أنه من الممكن أن يخسر شاغل المنصب بعدد أكبر من الأصوات في محاولته لإعادة انتخابه مع الاحتفاظ بالرئاسة من خلال «نظام الهيئة الانتخابية»، لكن لا يبدو أنه محتمل في الوقت الحاضر.
وتابع: «الإقبال حتى الآن يشير إلى حشد كبير للناخبين بين الديمقراطيين حيث صوت ما يقرب من 10 ملايين أمريكي، وفي بعض الأماكن، وقف الناس في بيئة وبائية لمدة 8 ساعات حتى يتمكنوا من التصويت».
وانتقد البروفيسور تايلور الرئيس دونالد ترمب على إعادة فتح قضية «رسائل هيلاري كلينتون»، وتكرار تشغيل نفس الموضوع الجاف والحجج العقيمة المتعلقة بانتخابات 2016 التي لا علاقة لها بقضايا ومشاكل المواطن الأمريكي اليوم، مثل القضايا المتعلقة بالرعاية الصحية أو أزمة جائحة كورونا التي تعد من القضايا الأساسية للناخب الأمريكي.
ونجح ليتشمان، أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية في العاصمة واشنطن البالغ من العمر 73 عاماً، في تحديد جميع المرشحين الفائزين بالرئاسة الأمريكية في 9 استحقاقات انتخابية، كما توقع فوز آل غور في انتخابات عام 2000 الذي فاز فعلياً في التصويت الشعبي لكنه خسر الرئاسة أمام جورج دبليو بوش بعد أن قضت المحكمة العليا بوقف إعادة الفرز نتيجة الخلاف على الأصوات غير الحاسمة التي تم الإدلاء بها في فلوريدا، ومنذ ذلك الحين عدل البروفيسور ليتشمان مقاييسه في اختيار المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات «الانتخابية» وليس المرشح الحاصل على الأصوات الأكثر «شعبية»، وفي انتخابات 2016 تفوقت توقعات ليتشمان على استطلاعات الرأي إذ كان من القلائل الذين توقعوا فوز ترمب في الانتخابات وعلى العكس من نتائج استطلاعات الرأي التي رجحت فوز هيلاري كلينتون بفارق كبير.
ونتيجة للنجاحات المتواصلة التي حققها، أصبح ليتشمان من بين أبرز المحللين السياسيين الذين تسلط عليهم وسائل الإعلام الأمريكية الأضواء مع حلول مواعيد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة كل 4 أعوام، ومن المرجح أن رأيه حول المرشح المحتمل يعد من العوامل المؤثرة على أصوات الناخبين المتأرجحين والنتائج عامة، فبإمكانه تثبيط عزيمة الناخبين تجاه مرشح ما، والتأثير على أصوات الناخبين المترددين في اختيار المرشح الأفضل، وكذلك يساهم في تعزيز فرص فوز المرشح الذي يتوقع ليتشمان فوزه وفقاً لنموذجه.
وفي الانتخابات الأمريكية 2020 التي ستجرى في 3 نوفمبر القادم، خلط البروفيسور ليتشمان الأوراق مبكراً بتوقعه فوز جو بايدن منذ الأسبوع الأول من أغسطس الماضي، وهو ما يضاعف الضغوط على الرئيس ترمب الذي حقق إنجازات غير مسبوقة على الصعيد الاقتصادي إلى أن داهمت أزمة جائحة كورونا الولايات المتحدة منذ يناير الماضي وعرقلت مسيرة نجاحاته وعصفت بالكثير من الإنجازات الاقتصادية بين عشية وضحاها، ورغم أنها أزمة عرضية لم يتسبب بها الرئيس الأمريكي إلا أنها أحد أبرز العوامل السلبية التي قلصت فرص ترمب في استطلاعات الرأي وقدمت خدمة جليلة لمنافسه من حيث لا يحتسب.
ولكن في هذه الانتخابات على وجه التحديد، يؤخذ على ليتشمان عدة أمور بالغة الأهمية قد تضع حداً لصحة تنبؤاته، فبجانب انتمائه للحزب الديمقراطي، كذلك انحاز ليتشمان في آرائه بشكل مباشر ضد ترمب في العديد من المواقف والأحداث، ورغم أنه أكد عقب إعلان توقعه بفوز بايدن أن الأمر لا يتعلق بموقفه من أي مرشح بل يرتكز فقط على تطبيقه المنهجي لمقاييس نظام مفاتيح الفوز والخسارة لتحديد المرشح الفائز، إلا أن نتائج «نموذج ليتشمان» تعارضت مع نتائج نموذج آخر ابتكره أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية نيويورك هيلموت نوربوت، الذي نجحت أيضاً جميع تنبؤاته بشكل دقيق منذ 1992، ولكن على النقيض من تنبؤ ليتشمان بخسارة ترمب في انتخابات 2020، توقع «نوربوت» هذه المرة فوز ترمب بفارق كبير عن منافسه الديمقراطي، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى احتمالية تأدلج هذه النماذج الاستثنائية.
في هذا التقرير تغوص «عكاظ» في قراءة مكامن الضعف والقوة في تنبؤات ليتشمان وما إذا كان للعاطفة دور تجاوز موضوعية المعايير المنهجية، إضافة إلى آراء عدد من الخبراء الأمريكيين عن المرشح الأقرب لرئاسة بلاد العم سام.
ما علاقة الزلازل باختيار الرئيس الأمريكي؟
في عام 1981، التقى ليتشمان مع العالم الروسي فلاديمير كيليس بوروك بالصدفة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وكان بوروك بمثابة المرجع العالمي الرائد في التنبؤ بالزلازل ورئيس معهد «التعرف على الأنماط الزلزالية والتنبؤ بالزلازل» في موسكو، وتوصل الاثنان إلى فكرة ثورية لمحاولة التنبؤ بالنتائج السياسية من خلال نظريات التنبؤ بالزلازل.
وأوضح ليتشمان أن هذا النظام المبتكر يتكون من 13 مفتاحاً تعمل بـ«مصطلحات الزلزال الجيوفيزيائي»، فعندما يكون هناك «استقرار»، فإن الحزب الذي يحكم البيت الأبيض يحافظ على بقائه، وعندما يحدث «زلزال»، يخسر الحزب الذي يحتفظ بالبيت الأبيض.
ومن خلال تطبيق منهجية التعرف على الأنماط المستخدمة في الجيوفيزياء على البيانات الخاصة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية منذ عام 1860، وهي أول انتخابات بسجل منافسة مدتها 4 سنوات بين الجمهوريين والديمقراطيين، طور ليتشمان وكيليس بوروك 13 سؤالاً تشخيصياً وقالوا إنها المقترحات التي تؤيد إعادة انتخاب الحزب الذي يحكم البيت الأبيض، فعندما تكون خمس إجابات أو أقل خاطئة، من المتوقع أن يفوز الحزب الحاكم في التصويت الشعبي، وعندما تكون 6 إجابات أو أكثر خاطئة، فمن المتوقع أن يفوز الحزب المنافس بالتصويت الشعبي. وعلى عكس العديد من النماذج الأخرى في التحليل والتقييم، لا تتضمن هذه المفاتيح بيانات استطلاع، كما لا تفترض المفاتيح أن الناخبين مدفوعون بالمخاوف الاقتصادية وحدها.
وشرح ليتشمان تفاصيل النظام الذي ابتكره مع خبير الزلازل الروسي في كتابه «مفاتيح البيت الأبيض» (The Keys of the White House) الصادر في 1996، وتستند هذه المفاتيح إلى نظرية تقول إن نتائج الانتخابات الرئاسية تدور في المقام الأول على أداء الحزب المسيطر على البيت الأبيض وإن الحملات الانتخابية عن طريق تحدي المرشحين الحاليين لن يكون لها أي تأثير على النتائج، فوفقاً لهذه النظرية يختار الناخبون الأمريكيون رئيساً بناءً على أداء الحزب الذي يتولى البيت الأبيض بحسب الأحداث المرتبطة بعوامل أساسية وهي: «الازدهار الاقتصادي والكساد»، «نجاحات السياسة الخارجية وإخفاقاتها»، «الاضطرابات الاجتماعية»، «الفضائح»، و«ابتكار السياسات»، ويمثل كل مفتاح فئة يتم تقييم المرشحين بناءً عليها، وعندما تتعارض 6 مفاتيح أو أكثر مع المرشح الذي يشغل منصب الرئيس، يُفضل المنافس للفوز. ووفقاً للنظرية، إذا كان أداء الأمة جيداً خلال فترة الحزب الحالي، فإن هذا الحزب يفوز بـ4 سنوات أخرى في المنصب؛ خلاف ذلك، يفوز الحزب المنافس، أي أن المناظرات والدعايات والظهور التلفزيوني، والتغطيات الإخبارية، واستراتيجيات الحملات الانتخابية لا تعني شيئاً أساسياً في التأثير على عملية الاقتراع يوم الانتخابات، بحسب نموذج «مفاتيح البيت الأبيض».
عوامل خسارة ترمب
يستخدم ليتشمان سلسلة الـ13 «مفتاحاً» في شكل أسئلة صواب أو خطأ، الإجابة «الصحيحة» تكسب نقطة لصالح المرشح الرئاسي الذي يشغل حالياً منصب رئيس الولايات المتحدة، بينما الإجابة «الخاطئة» تكسب نقطة للمنافس، وبالتالي فإن المرشح الحاصل على أكبر عدد من النقاط سيفوز في الانتخابات. وجاءت نتائج نموذج مفاتيح ليتشمان لانتخابات 2020، كالتالي:
1. حصل حزب الرئيس على مقاعد أكثر في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي - (خطأ)
2. لا توجد مسابقة أولية للحزب الحالي - (صحيح)
3. شاغل الوظيفة يترشح لإعادة الانتخاب - (صحيح)
4. لا يوجد منافس طرف ثالث - (صحيح)
5. الاقتصاد قصير الأجل قوي - (خطأ)
6. كان النمو الاقتصادي طويل الأجل خلال فترة ولاية الرئيس جيداً مثل الفترتين الماضيتين - (خطأ)
7. أجرى الرئيس تغييرات كبيرة على السياسة الوطنية - (صحيح)
8. لا توجد اضطرابات اجتماعية خلال فترة ولاية الرئيس - (خطأ)
9. شاغل الوظيفة غير ملوث بفضائح - (خطأ)
10. الرئيس ليست لديه إخفاقات أجنبية أو عسكرية كبيرة في الخارج - (صحيح)
11. الرئيس لديه نجاحات أجنبية أو عسكرية كبيرة في الخارج - (خطأ)
12. الرئيس شخصية كاريزمية - (خطأ)
13. المنافس غير كاريزماتي - (صحيح)
المجموع: 6 نقاط «إيجابية» و7 نقاط «سلبية»
نجاحات ترمب التاريخية
كانت إنجازات الرئيس ترمب على الصعيد الاقتصادي -خصوصا إلى ما قبل أزمة جائحة كورونا- كفيلة باكتساح غريمه الديمقراطي جو بايدن في انتخابات 3 نوفمبر القادم، ففي غضون 3 سنوات من حكمه استطاع أن يوفر 7 ملايين وظيفة، وأن يرفع دخل الفرد بزيادة قدرها 7 آلاف دولار مقارنة بارتفاع قدره 975 دولارا خلال 8 سنوات من رئاسة باراك أوباما.
وفي عهد الرئيس ترمب انخفض معدل البطالة بين الأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية لأدنى مستوى في التاريخ، حيث بلغ معدل البطالة بين الأمريكيين من أصل أفريقي إلى مستوى منخفض قياسي في أغسطس من العام الماضي 2019 بنسبة 5.5%، وبالنسبة للعمال من ذوي الأصول اللاتينية فقد بلغت نسبة البطالة بينهم 4.2%، وهو أدنى مستوى مسجل أيضاً.
وتراجع مستوى البطالة خلال فترة ترمب إلى 3.7% كأقل مستوى له منذ السبعينات، كما بلغ الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 20 تريليون دولار بما يعادل 25% من الاقتصاد العالمي، كما ارتفعت قيمة الأسواق المالية في الولايات المتحدة، وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي إلى مستويات قياسية نتيجة سياسات ترمب من خلال تخفيضاته الضريبية على الشركات.
تبعات كارثة كورونا
تسببت جائحة فايروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في أزمة عالمية أثرت على جميع اقتصادات العالم، وعلى صعيد الولايات المتحدة، إلا أنها أهدت مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن فرصة قوية لاستغلال نتائجها السلبية على الاقتصاد الأمريكي ضد الرئيس ترمب رغم أن لا يد له فيها، وينطبق على هذا الواقع مقولة للرئيس الأمريكي الـ31 هربرت هوفر «كرئيس للدولة، يحسب لك الفضل في الشمس المشرقة، ويقع عليك اللوم عند المطر»، والمقصود هنا أن الكثير من الأحداث الإيجابية لصالح الدولة أو السلبية ضدها، ستحسب للرئيس، إيجابا وسلبا، حتى لو لم تكن له علاقة بها.
لا شك أن أزمة كورونا أثرت على انجازات الرئيس ترمب الاقتصادية، فمؤشر داو جونز الصناعي تراجع بنسبة 2%، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 32.9%، وبلغت خسائر الاقتصاد الأمريكي خلال الأزمة نحو 900 مليار دولار، وفقاً لسلسلة من التقارير الإحصائية المتقاربة في تقديراتها للخسائر الناجمة عن هذه الأزمة الطاحنة.
ولكن المؤشرات تؤكد أيضاً أن الاقتصاد الأمريكي بشكل عام سيشهد تعافياً سريعاً عقب انتهاء الأزمة، إلا أن منطق الكثير من الناخبين قريب من ما رمى إليه الرئيس الأمريكي الراحل هربرت هوفر في مقولته الشهيرة التي ذكرناها.
استطلاعات الرأي متخبطة
في الوقت الذي تظهر استطلاعات الرأي عادة مدى شعبية المرشحين، إلا أنها دائما لا تتنبأ بدقة نتيجة الانتخابات، فخلال الانتخابات الرئاسية السابقة في 2016، كانت استطلاعات الرأي تصب في صالح هيلاري كلينتون، حتى أن استطلاع جامعة برينستون العريقة للانتخابات الرئاسية قدر فرص هيلاري كلينتون للفوز بنسبة 99% في حين أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة هافينغتون بوست أن فرصة كلينتون تبلغ 98% سواء على صعيد المجمع الانتخابي في كل ولاية أو على صعيد التصويت الشعبي، والأمر ذاته يتكرر الآن مع استطلاعات انتخابات 2020 التي تظهر تقدم مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، حيث أظهر ستطلاع أجرته مجلة «الإيكونوميست» أخيرا حصول بايدن على نسبة 91% من أصوات «المجمع الانتخابي» وكذلك الفوز بأغلبية الأصوات الشعبية، وتكرر الأمر في الكثير من الانتخابات السابقة، وبما يؤكد أن مؤشرات استطلاعات الرأي ليست مؤشراً قوياً في تحديد المرشح الفائز.
ليتشمان لـ عكاظ: إصابة ترمب لن تغير توقعاتي
تواصلت «عكاظ» مع البروفيسور آلان ليتشمان، ووجهت له سؤالاً حول مدى إمكانية تأثير أحداث إصابة الرئيس ترمب بفايروس كورونا، على نتيجة توقعاته التي رجحت منذ أغسطس الماضي فوز بايدن وقبل وقوع هذه الأحداث المدوية، فأجاب بأن توقعاته تستند إلى أساسيات القوة والأداء الحاليين، مبيناً أن أياً من هذه الأحداث لم يغير من نتائج نموذجه «مفاتيح البيت الأبيض الـ13».
وأكد أن توقعه بفوز مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر لا يزال قائماً، مشدداً على التزامه بالمنهج النظري للمفاتيح.
ولكن رغم أنه ينفي تأثير انتماءاته الحزبية وآرائه السياسية على معاييره في انتخاب الرئيس الأمريكي، إلا أن الإشكالية مع تنبؤات البروفيسور ليتشمان لانتخابات 2020، ليس فقط انحيازه الشخصي في آرائه ضد ترمب منذ توليه الرئاسة باعتباره معارضاً للكثير من مواقف الرئيس الأمريكي التي بلغت ذروتها في كتابه «قضية العزل» الذي نشر في 2017 الذي ساق من خلاله مجموعة من الادعاءات لعزل الرئيس ترمب، بل إنه أيضاً قال عقب إعلان توقعه فوز بايدن إن تنبؤاته «تغيرت» بعد انتشار وباء كورونا والاضطرابات الاجتماعية واسعة النطاق التي أعقبت وفاة جورج فلويد أثناء احتجازه لدى الشرطة في مايو الماضي، معتبراً أن تلك الأحداث سحبت عدداً من مفاتيح الفوز أمام ترمب وتحول النتائج إلى التوقع بخسارة ترمب، بينماً لا يرى البروفيسور ليتشمان أن عامل إصابة الرئيس بفايروس كورونا الذي أحدث هزة في مؤشرات أسواق الأسهم وشفاءه السريع يؤثر على سير التوقعات، وهو ما يعطي مؤشراً على أن لديه ازدواجية في المعايير هذه المرة، بحيث يتقبل تغيير نتيجة التوقع نتيجة لأحداث تصب ضد فرص ترمب وفي المقابل لا يتقبل دور أحداث أخرى في تغيير نتائج توقعاته، وذلك ربما لأنها تصب في مصلحة ترمب.
تنبؤات «نوربوت» تقلب الطاولة
تنبأ البروفيسور هيلموت نوربوت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية نيويورك في ستوني بروك، بشكل صحيح في جميع نتائج الانتخابات الرئاسية منذ عام 1992 باستثناء انتخاب جورج بوش الابن عام 2000، (أي أنه نجح في توقعاته الصحيحة لخمسة انتخابات رئاسية)، وعند قياس نموذجه على الانتخابات الأمريكية التي سبقت عام 92، نجح «نموذج نوربوت» في تحديد نتائج الانتخابات الـ27 الأخيرة بشكل صحيح، وهو ما يعطي هذا النموذج نتائج ربما تتفوق على «نموذج ليتشمان».
ويعتمد نوربوت على مقياس رئيسي واحد وهو نتائج الانتخابات التمهيدية الرئاسية المبكرة، حيث تجرى انتخابات تمهيدية على مستوى الولاية في فبراير من العام الذي يشهد اجراء الانتخابات الرئاسية، وخلالها يختار الناخبون من سيكون مرشح الحزب السياسي لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، وتعقد ولايتي نيوهامبشاير وكارولينا الجنوبية الانتخابات التمهيدية الأولى لكل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وخلص هذا النموذج إلى أن المرشح الذي يتمتع بتصويت أفضل في الانتخابات التمهيدية يميل إلى الفوز في الانتخابات العامة.
وقد فاز جو بايدن بنسبة 8.4% من الأصوات في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير و 48.4% في ولاية كارولينا الجنوبية، بينما فاز ترمب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في نيو هامبشاير بنسبة 85.6% من الأصوات، ولم تكن هناك انتخابات أولية للجمهوريين في جنوب كارولينا هذا العام بسبب عدم وجود منافسة، لذلك من المحتمل أن يكون 100% أو ما يقرب من ذلك، وقال نوربوت تصريحات إلى إذاعة صوت أمريكا في أغسطس الماضي «في كلتا الحالتين حصل دونالد ترمب في الانتخابات التمهيدية على درجة أعلى بكثير من جو بايدن، وهذا يضعه في مقعد القيادة في ما يتعلق بالجزء الأساسي من النموذج». ووفقاً لهذه النظرية، خلص نوربوت إلى أن الرئيس ترمب لديه فرصة بنسبة 91% لإعادة انتخابه وأن بايدن لديه فرصة 9% فقط للفوز.
ويلكرسون: «تنبؤات ليتشمان» في 2016 خاطئة
كشف مدير مركز السياسة الأمريكية بجامعة واشنطن رئيس قسم العلوم السياسية البروفيسور جون ويلكرسون، أن تنبؤات ليتشمان في الانتخابات الرئاسية السابقة لم تكن صحيحة، مبيناً في تصريحات إلى «عكاظ» أن نموذجه توقع فوز ترمب في «التصويت الشعبي» في 2016 وليس «تصويت الكتلة الانتخابية»، ولم يفز ترمب في التصويت الشعبي، لذلك لم يتنبأ ليتشمان بالانتخابات بشكل صحيح، «ولست متأكداً ما هو السبب وراء حصوله على الكثير من الاهتمام». وحول الانتخابات الحالية، قال ويلكرسون إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن بايدن سيفوز، مستشهداً بالاستطلاعات التي يقوم بها موقع «538» الإلكتروني -على سبيل المثال-، موضحاً أن الموقع يقوم بتحليلات رفيعة ومتطورة للغاية لاستطلاعات الرأي ويتوقعون أن بايدن لديه فرصة 86% في الفوز، ولكن هذا ما حدث في الانتخابات السابقة حين حظيت كلينتون بفرصة 77%، وفازت بالتصويت الشعبي لكنها خسرت تصويت «الكتلة الانتخابية». وتابع، أن النتائج الآن تبدو جيدة بالنسبة لحملة بايدن ولكن لا يزال من الممكن أن تتغير في ظل بقاء نحو 3 أسابيع، وبالتالي فإن الانتخابات لم تحسم بعد، قائلاً إن الرئيس ترمب انتقد علنا النائب العام وليام بار، داعيا إياه إلى توجيه اتهام إلى كلينتون وأوباما، وهناك تعبير متداول لدينا حالياً وهو «مفاجأة أكتوبر»، ويشير إلى ما حدث في قضية «إطلاق رسائل البريد الإلكتروني» نيابة عن حملة ترمب التي ربما تسببت في خسارة كلينتون في الانتخابات بسبب ذلك الحدث، ولا يزال هذا ممكناً، لكن لدينا أيضاً قول مأثور: «أن تخدعني مرة.. فعار عليك، وأن تخدعني مرتين.. فعار عليّ»،
مستشار في الأمن القومي: سيناريو 2016 سيتكرر
يرى ديفيد ريبوي المستشار في الأمن القومي والحرب السياسية والباحث بمجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن، أن الرئيس ترمب تتميز شخصيته بالروح الحماسية مقارنة بمنافسه جو بايدن، وهي السمة التي تؤهله بقوة للفوز مجدداً في انتخابات 2020. وأفاد في تصريح إلى «عكاظ» أن استطلاعات الرأي لا تزال تمثل إشكالية تماماً كما حدث في الانتخابات السابقة، خاصة في فئة «ناخب ترمب الخجول» على حد وصفه، مؤكدا أن المحصلة النهائية للأصوات ستثبت أن الاستطلاعات خاطئة وأن النتائج النهائية ستكون مشابهة لسيناريو انتخابات 2016.
ويتينغتون: الرئيس في وضع صعب
أكد البروفيسور كيث ويتينغتون أستاذ العلوم السياسية بجامعة برينستون الأمريكية أن ترمب يعاني من قدر كبير من المشاكل، مبيناً في تصريح إلى «عكاظ» أن الرئيس كافح طوال فترة رئاسته لتوسيع قاعدة دعمه. وأوضح أن وصول جائحة كورونا إلى الولايات المتحدة وما صاحبها من ركود اقتصادي من شأنه أن يخلق مناخًا انتخابيًا صعبًا للغاية لأي رئيس شاغل المنصب، مشيراً إلى أن الرئيس ترمب في حد ذاته وضع نفسه في موقف ضعيف لم يتفاقم إلا بسياسته وخياراته الشخصية.
روزين: ما زال هناك وقت لقلب النتائج
قال البروفيسور ستانلي روزين أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنوب كاليفورنيا، في تصريحات إلى «عكاظ» إنه من الواضح أن استطلاعات الرأي تظهر فوز بايدن، لكن لا يزال هناك وقت قبل حسم الانتخابات وسيحاول الرئيس ترمب تغيير ذلك.
وأوضح أن الجمهوريين في الوقت الحالي يهتمون أكثر من غيرهم بالحفاظ على السيطرة على مجلس الشيوخ لأنهم يخشون ويتوقعون فوز بايدن والديمقراطيين في أخذ مجلس النواب مرة أخرى، كما أشار إلى أن الرئيس ترمب حذر من عمليات الاحتيال في بطاقات الاقتراع عبر البريد بعد الكشف عن إلقاء بعضها في سلة المهملات ولم يتم احتسابها في إحدى المقاطعات بولاية بنسلفانيا التي كانت لصالح ترمب، وبسبب تلك الواقعة فتح مكتب المدعي العام للولايات المتحدة ومكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقاً في التقارير المتعلقة بالمشكلات المحتملة بعدد من بطاقات الاقتراع عبر البريد، ما يعني أن ترمب قد يشكك في النتائج، وبذلك من الممكن أن تقرر الانتخابات من قبل المحكمة العليا حيث يهيمن المحافظون وأنصار ترمب.
ويرى البروفيسور روزين أن إعادة إحياء قضية رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون غير مجدية، نظراً لأن معظم الناخبين سيجدون أن القضية ليست ذات صلة بالقضايا التي يواجهونها اليوم، مثل أزمة وباء كوفيد-19 والبطالة وإعادة الاقتصاد إلى طبيعته والرعاية الصحية والإجهاض وعدم المساواة العرقية وقضايا القانون والنظام.
باحثة في الشأن السياسي: بايدن يفتقد الزخم والحضور اللافت
تتفق كاثلين ماكينلي وهي متخصصة في تحليل قضايا الانتخابات الأمريكية ومحللة سياسية في صحيفة هيوستن كرونيكل منذ عشر سنوات، مع ما ذكره خبير الأمن القومي ديفيد ريبوي حول أهمية عامل الروح الحماسية لدى الرئيس ترمب. وقالت إنه على الرغم من نتائج استطلاعات الرأي والتنبؤات التي تصب في صالح مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، إلا أنها تعتقد أن ترمب سيفوز بالطريقة ذاتها التي حسم فيها السباق الرئاسي في 2016، وكان عامل الحماس القادم من قاعدته الجماهيرية مهما في قلب نتائج الاستطلاعات، بينما بايدن على الطرف الآخر ليس لديه ذلك الزخم والحضور اللافت.
مستشار سياسي: بايدن متقدم مؤقتاً
في سياق متصل بالانتخابات، قال مات ماكوياك المستشار السياسي في الحزب الجمهوري ورئيس مجموعة «بوتوماك الإستراتيجية» (PSG) المتخصصة في الاستشارات السياسية والحملات الانتخابية، إن بايدن يقود الآن بشكل واضح ولكن ترمب أمام طريق ضيق ولكنه مؤكد لإعادة الانتخاب، وعليه الاعتماد على بياناته وميزة الاتصال بالناخبين. وأوضح في تصريح إلى «عكاظ» أن ترمب في الأيام الـ10 الماضية كان مشغولا بإصابته بفايروس كورونا ومسألة تجاوز هذا العارض الصحي الخطير، والآن بقي لدينا 3 أسابيع على حسم الانتخابات، ومن المؤكد أن أحداثها ستكون مثيرة للجدل بشكل لا يصدق.
تايلور: رئيس أمريكا ابتعد عن قضايا الناخب الأساسية
قال البروفيسور جيمس لانس تايلور رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة سان فرانسيسكو الرئيس السابق للمؤتمر الوطني للعلماء السياسيين السود (NCOBPS)، إنه لا يريد التكهن بنتيجة انتخابات 2020 لأن أي شخص يقوم بمثل هذا التنبؤ يعمل على افتراضات معينة قد تكون صحيحة في عدد من المرات ولكنها لا تصمد.
وأكد لـ«عكاظ» أن معظم المقاييس التقليدية التي تقيس سياسة الانتخابات الرئاسية تتوافق بشكل إيجابي مع بايدن، وأوضح أن ميزة وعيوب ترمب تكمن في أنه يشغل المنصب، قائلا «إنها نعمة في الأوقات الجيدة، وفي الأوقات الصعبة تكون لعنة على الرؤساء الأمريكيين الذين يسعون لإعادة انتخابهم».
وأكمل: «ترمب في انتخابات 2020 لم يتفوق على ترمب في انتخابات عام 2016»، بل خسر بـ3 ملايين صوت شعبي، موضحاً أنه من الممكن أن يخسر شاغل المنصب بعدد أكبر من الأصوات في محاولته لإعادة انتخابه مع الاحتفاظ بالرئاسة من خلال «نظام الهيئة الانتخابية»، لكن لا يبدو أنه محتمل في الوقت الحاضر.
وتابع: «الإقبال حتى الآن يشير إلى حشد كبير للناخبين بين الديمقراطيين حيث صوت ما يقرب من 10 ملايين أمريكي، وفي بعض الأماكن، وقف الناس في بيئة وبائية لمدة 8 ساعات حتى يتمكنوا من التصويت».
وانتقد البروفيسور تايلور الرئيس دونالد ترمب على إعادة فتح قضية «رسائل هيلاري كلينتون»، وتكرار تشغيل نفس الموضوع الجاف والحجج العقيمة المتعلقة بانتخابات 2016 التي لا علاقة لها بقضايا ومشاكل المواطن الأمريكي اليوم، مثل القضايا المتعلقة بالرعاية الصحية أو أزمة جائحة كورونا التي تعد من القضايا الأساسية للناخب الأمريكي.