-A +A
فهيم الحامد (الرياض) Falhamid2@
يعتقد النظام الإيراني الذي مُرّغت كرامته بالأرض بعد مقتل الجنرال الإرهابي سليماني، والقائد في الحرس الثوري محسن زاده، وتجرع السم كونه لم يرد عملياً على مقتلهما وظل يجعجع بلا طحن، كونه يراهن على مرونة إدارة بايدن مع نظام قم، ولم يُقْدِم -على حد زعم قياداته- على أي عمل عسكري قبل انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترمب، بحيث تعطيه مجالاً لتنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران تلزم الإدارة الديمقراطية التي تخلفه، أو يؤثر على أي انفتاح أمريكي يتمثل بعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، إلا أن هذا الشعور المخملي في أذهان القيادة الإيرانية لن يطول، كون إدارة بايدن لها حساباتها في المنطقة، فالشرق الأوسط بالنسبة للنخبة الديمقراطية منطقة ذات أهمية سياسية واقتصادية عظيمة، نظراً لاحتوائها على احتياطات هائلة من النفط، ولا يمكن تركها للانفراد الروسي أو الفرنسي أو حتى الإسرائيلي أو البريطاني. وقد يكون هناك ابتعاد قليل عن المنطقة، أما أنها تتركها للنظام الإيراني ليعربد، فذلك ليس صعباً فحسب، بل مستحيل، كون الشرق الأوسط اليوم مختلفاً عن الشرق الأوسط في عهد أوباما، ولا يمكن تنفيذ السياسات «الأوبامية» نفسها في المنطقة لوجود متغيرات جديدة.. ولا يمكن الأخذ بما يقال في بعض أروقة ودهاليز مركز صناعة القرار العالمي (واشنطن) من أن منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط لم تعد «شأنا جيوسياسيا» في سياسة الولايات المتحدة الخارجية كما كان في فترة ترمب. النخبة السياسية الديمقراطية في واشنطن يجب أن تتكيف مع «الواقع الإستراتيجي» في المنطقة، وإعادة التأكيد على المصالح الأمريكية وحلفاء واشنطن الحقيقيين، وليس الحلفاء «المتمصلحين».

وعندما يعود النظام الإيراني لجعجعته ويزعم أنه مستعد لحوار إقليمي واسع على قاعدة الاحترام المتبادل ومصالح دول المنطقة، فإن هذا النظام يعتقد أنه يرسل رسائل إيجابية لبايدن، كون المملكة تعلم جيداً طاغوتية هذا النظام الثوري الإرهابي المبني على فكر ولاية الفقيه و«المليشياتية»، وليس فكر الدولة المدنية المؤسساتية. ولا يمكن أن يكون هناك حوار سعودي إيراني، إلا بعد تحول النظام الإيراني من إرهاب الدولة إلى الدولة المدنية. وعندما يهذي ظريف قائلاً إن يديه الملطختين بالدماء «ممدودة دائماً للصداقة»، فإن هذه الرسائل لن تجدي ولن تقنع إدارة بايدن أيضا.


ولم يمر وقت طويل على إعلان فوز جو بايدن بالرئاسة، حتى شرعت إيران فى مغازلته، إذ أوضح حسن روحانى أن «الإدارة الأمريكية الجديدة تحرك الأجواء نحو الامتثال للقواعد الدولية»، مؤكدا أن ذلك ينقلهم من «جو التهديد»، إلى جو «خلق الفرص» بزعمه. وهناك عدة حقائق رئيسية ستواجهها إدارة بايدن وهي تسعى إلى إعادة تشكيل العلاقات الأمريكية الإيرانية، منها أن النظام الإيراني لا يزال كما كان دائما قوة إرهابية ثورية بطبيعتها في الداخل والخارج، وأن النظام خرج من رحم ثورة طائفية تدميرية وليس من دولة مدنية، وهو نظام حاقد في سلوكه وعدواني في أدائه، يسعى إلى زعزعة استقرار الحكومات، ويرعى الجماعات الإرهابية، ويسعى أيضا للحصول على أسلحة نووية وباليستية، ولا يمكن لإدارة بايدن العودة لتنفيذ الاتفاق النووي مع إيران إلا بعد وضع هواجس دول الخليج من همجية النظام الإيراني في الاعتبار.

طهران مستمرة في الرهانات الخاسرة.. متاجرة واستجداء.. تسلق وانبطاح.