-A +A
فهيم الحامد (الرياض) Falhamid2@
يتساءل المراقبون عن المسافة التي تفصل النظام الإيراني عن صناعة قنبلة ذرية.. ففي يناير 2021 أعلن النظام الإيراني أنه أنتج 17 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، ما يجعله على بعد خطوة قصيرة من تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% المستخدمة في صنع الأسلحة، وهو ما يعد انتهاكا واضحا لخطة العمل الشاملة المشتركة؛ كونه أقوى إجراء تصعيدي لطهران منذ بدء تراجعها التدريجي عام 2019 عن تنفيذ التزاماتها، بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي السابق ترمب الانسحاب بشكل أحادي منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران. ويجمع المراقبون على أن قرار طهران زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم يمكن أن يشكل خطر انتشار نووي بعيد الأمد، وذلك لأن الانتقال من الحالة الطبيعية لليورانيوم البالغة 0.7% من تركيز اليورانيوم 235 إلى 20% يستغرق نحو 90% من إجمالي الجهد المطلوب للوصول إلى مستوى الأسلحة، أي أن الجهد المطلوب من الانتقال من مستوى تخصيب 20% إلى 90 (الحد اللازم لإنتاج أسلحة نووية).. ولا غرابة في عودة الملف النووي الإيراني للواجهة بعد قرار طهران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم؛ قبيل دخول جو بايدن للبيت الأبيض في محاولة من النظام فرض الأمر الواقع على الإدارة الجديدة، قبيل الاتفاق النووي الإيراني كان لدى إيران كمية كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% وعدد من أجهزة الطرد المركزي، وقد قُدر الوقت اللازم لإنتاج القنبلة النووية الإيرانية من قبل البعض بنحو شهرين إلى 3 أشهر. وأدى الاتفاق إلى إبطاء «وقت الاختراق» إلى عام على الأقل، وطورت طهران مجموعة من التقنيات، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم وتصميم الرؤوس الحربية وأنظمة الإطلاق، التي من شأنها أن تمنحها هذا الخيار في إطار زمني قصير نسبياً إلا أن العديد من الخبراء النوويين يوحون بأن الوقت اللازم لإنتاج القنبلة النووية الإيرانية هو «سنة» هو تقدير مبالغ به وأن إيران ستحتاج إلى وقت أطول لتحقيق ذلك. ويمكن التوقف كثيرا عند ما قاله وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكين في تصريح صدم العالم «إن إيران قد تكون على بعد أسابيع معدودة من امتلاك القنبلة النووية؛ ومن المهم محاولة فهم الخطوات التي وصل إليها برنامج طهران النووي وهل أوشكت القنبلة النووية الإيرانية على الظهور حقاً».

وتتباين التقديرات الخاصة بالفترة التي تحتاجها إيران لامتلاك المواد اللازمة لصنع السلاح النووي. فهناك من يرى أن طهران تحتاج لعام وهناك من يرى أنها تحتاج لفترة أطول بكثير. في نوفمبر الماضي قدر مفتش الأسلحة السابق في فرق الأمم المتحدة ديفيد أولبرايت أن الفترة اللازمة قد تكون قصيرة ربما تصل إلى 3 أشهر ونصف الشهر. ويعتبر تخزين كمية كافية من المواد الانشطارية على نطاق واسع أكبر عقبة في إنتاج السلاح النووي. ويتعرض الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية في 2015 لهزات بسبب محاولات إيران المتواصلة


خرق الاتفاق، بينما تعمل خطوات إيران على تقليص المسافة التي تفصلها عن امتلاك سلاح الدمار الشامل.

والسبب الرئيسي الذي يدفع إيران للإسراع في مشروعها النووي ما يسوقه زبانية النظام بأن استقرار النظام داخليا واستمرار نفوذه الإقليمي يعتمد على الانطباع بأنه قوي نوويا. طهران لا تزال تراوغ وتناور ومفاعلاتها الذرية مستمرة في التخصيب.. القنبلة النووية قاب قوسين.. عزلة إيران مطلب عالمي.