طرحت زيارة وفد حركة طالبان إلى إيران أخيرا العديد من الأسئلة؛ خصوصا أن طهران لا تزال تصنف طالبان حركة إرهابية، إضافة إلى أن الزيارة تأتي بعد إعلان الإدارة الأمريكية الجديدة أنها ستراجع اتفاق السلام الذي أبرمته مع الحركة العام الماضي. ومن الواضح أن النظام الإيراني يتهيأ لمرحلة ما بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان التي مزقتها الحروب. وتعتبر مشاطرة حركة طالبان السياسة الإيرانية في معاداة القوات الأمريكية السبب الرئيسي في فتح طهران أبوابها بوجه عدو الأمس خصمها القديم طالبان، إذ يدعم النظام الإيراني سياسةخروج القوات الأمريكية من أفغانستان، ويرحب بالعمل مع طالبان لتحقيق هذا الهدف، وهذا ما جسدته تصريحات أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني الذي كتب على حسابه في تويتر عقب لقائه وفد حركة طالبان «وجدت عزما لدى قادة جماعة طالبان على القتال ضد أمريكا». وأثارت زيارة وفد من حركة طالبان إلى إيران جدلا واسعاً بين الإيرانيين، خصوصاً بسبب التاريخ الطويل الذي يجمع بين طهران والحركة، إذ انتقد البعض قبول إيران هذه الزيارة، مستذكرين هجوم مزار شريف في أفغانستان الذي قتل فيه عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين، حيث تتهم الحركة بتنفيذه.
وتغيرت العلاقات الإيرانية مع طالبان من العداء الكامل نحو الصداقة الكاملة، والتعاون متعدد الأطراف والجوانب، خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد (2005-2013) كان أساسها محاربة القوات الأمريكية، كما عززت قوة تنظيم داعش في مناطق مختلفة من أفغانستان العلاقات بين طالبان وإيران.
العداء الأساسي بين الحركة وإيران يعود للعام 1998، حين أقدمت الحركة على قتل ١٠ دبلوماسيين إيرانيين خلال هجوم شنّته على قنصلية طهران في منطقة مزار شريف شمال أفغانستان.
لكن في السنوات الأخيرة برز تطور في العلاقات بين الطرفين، إلا أن اجتماعات الدوحة، التي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية، أثارت حفيظة طهران. لكن فشل هذه الاجتماعات ونجاح طهران في الدخول على خط المصالحة الأفغانية دفعا المسؤولين الإيرانيين إلى استقبال قادة طالبان علناً في طهران؛ بعيدا عن طبيعة الحركة، وعن الآراء الدولية فيها. ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة حركة طالبان بأنها «جزء من الواقع في أفغانستان». ورغم تصنيفها حركة طالبان «جماعة إرهابية» استقبلت طهران أخيرا وفدا من الحركة، وجاءت زيارة وفد طالبان إلى طهران بعد مرور أقل من شهرين على زيارة مماثلة للوزير ظريف إلى كابل، إذ أكد حينها في مقابلته مع محطة «طلوع» الأفغانية أن بلاده لم تقم حتى الآن بحذف طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية.
وتوصلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترمب وطالبان إلى اتفاق مشروط بعد ٩ جولات من المفاوضات المكثفة في العاصمة القطرية (الدوحة). ويغطي الاتفاق ٤ قضايا رئيسية: وقف إطلاق النار المستدام، وتسهيل المحادثات بين الأفغان الجارية، وضمانات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك تعهد طالبان بقطع العلاقات مع القاعدة، وانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا. وانتقدت وزارة الخارجية الإيرانية الاتفاقية في حينها، موضحة أنها تضفي الشرعية على الوجود الأمريكي في أفغانستان. ويرى الخبراء أن معارضة إيران لاتفاق السلام هي مسرحية أكثر من كونها جوهرية في ضوء علاقاتها المتنامية مع طالبان، ويقولون إن أي التزام من جانب الولايات المتحدة بسحب قواتها من أفغانستان سيكون فرصة لطهران، مما يمهد الطريق لها لتوسيع نفوذها في أفغانستان.. وكانت هناك مخاوف منذ سنوات من أن الحرس الثوري الإسلامي قد تبنى نهجًا مرنًا وعمليًا مع طالبان. في بعض الأحيان تُرجم هذا إلى تقديم مساعدة سرية من حيث الموارد ومعدات صنع القنابل التي تم استخدامها لتنفيذ هجمات ضد قوات التحالف. وبحسب الخبراء فإن إيران وطالبان تقتربان من أن تصبحا شريكتين تسعيان لتحقيق هدفين أساسيين من خلال تعزيز علاقاتهما، أولهما اعتراف إقليمي بشرعية نشاطها والثاني الضغط علی الإدارة الأمريكية الجديدة لإجبارها علی الالتزام باتفاق الدوحة. ويؤكد المراقبون أن إيران وطالبان لديهما مصالح مشتركة وسيوافقان على «زواج المصلحة»، على الرغم من اختلافهما العقائدي، وكلاهما يستخدمان هذه العلاقات كأداة للضغط على أعدائهم. وسترحب إيران بحكومة مصالحة وطنية تضم طالبان.
وفي الوقت نفسه الحفاظ على النفوذ مع الطائفة الشيعية في أفغانستان، الذين يقيمون بالقرب من الحدود الشرقية لإيران، التي تأمل أن تعمل كمنطقة عازلة بينها وبين بقية أفغانستان. وعلى أي حال، فإن الانسحاب العسكري الأمريكي، أينما حدث، سيترك وراءه أرضًا خصبة لإيران لترسيخ موطئ قدم لها وتضيف أفغانستان إلى قائمة الدول التي تحتفظ فيها بوجود كبير بالوكالة وهي تناور لتعزيز نفوذها الطائفي وستواجه منافسة من روسيا والصين وباكستان كونها جميعها ترى فرصة لتعزيز مصالحها الخاصة في أفغانستان بعد أي انسحاب أمريكي.
قم هي الرابح الأكبر من انسحاب واشنطن من أفغانستان..
طالبان وإيران وزواج المصلحة.. عدو الأمس.. صديق اليوم.
وتغيرت العلاقات الإيرانية مع طالبان من العداء الكامل نحو الصداقة الكاملة، والتعاون متعدد الأطراف والجوانب، خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد (2005-2013) كان أساسها محاربة القوات الأمريكية، كما عززت قوة تنظيم داعش في مناطق مختلفة من أفغانستان العلاقات بين طالبان وإيران.
العداء الأساسي بين الحركة وإيران يعود للعام 1998، حين أقدمت الحركة على قتل ١٠ دبلوماسيين إيرانيين خلال هجوم شنّته على قنصلية طهران في منطقة مزار شريف شمال أفغانستان.
لكن في السنوات الأخيرة برز تطور في العلاقات بين الطرفين، إلا أن اجتماعات الدوحة، التي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية، أثارت حفيظة طهران. لكن فشل هذه الاجتماعات ونجاح طهران في الدخول على خط المصالحة الأفغانية دفعا المسؤولين الإيرانيين إلى استقبال قادة طالبان علناً في طهران؛ بعيدا عن طبيعة الحركة، وعن الآراء الدولية فيها. ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة حركة طالبان بأنها «جزء من الواقع في أفغانستان». ورغم تصنيفها حركة طالبان «جماعة إرهابية» استقبلت طهران أخيرا وفدا من الحركة، وجاءت زيارة وفد طالبان إلى طهران بعد مرور أقل من شهرين على زيارة مماثلة للوزير ظريف إلى كابل، إذ أكد حينها في مقابلته مع محطة «طلوع» الأفغانية أن بلاده لم تقم حتى الآن بحذف طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية.
وتوصلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترمب وطالبان إلى اتفاق مشروط بعد ٩ جولات من المفاوضات المكثفة في العاصمة القطرية (الدوحة). ويغطي الاتفاق ٤ قضايا رئيسية: وقف إطلاق النار المستدام، وتسهيل المحادثات بين الأفغان الجارية، وضمانات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك تعهد طالبان بقطع العلاقات مع القاعدة، وانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا. وانتقدت وزارة الخارجية الإيرانية الاتفاقية في حينها، موضحة أنها تضفي الشرعية على الوجود الأمريكي في أفغانستان. ويرى الخبراء أن معارضة إيران لاتفاق السلام هي مسرحية أكثر من كونها جوهرية في ضوء علاقاتها المتنامية مع طالبان، ويقولون إن أي التزام من جانب الولايات المتحدة بسحب قواتها من أفغانستان سيكون فرصة لطهران، مما يمهد الطريق لها لتوسيع نفوذها في أفغانستان.. وكانت هناك مخاوف منذ سنوات من أن الحرس الثوري الإسلامي قد تبنى نهجًا مرنًا وعمليًا مع طالبان. في بعض الأحيان تُرجم هذا إلى تقديم مساعدة سرية من حيث الموارد ومعدات صنع القنابل التي تم استخدامها لتنفيذ هجمات ضد قوات التحالف. وبحسب الخبراء فإن إيران وطالبان تقتربان من أن تصبحا شريكتين تسعيان لتحقيق هدفين أساسيين من خلال تعزيز علاقاتهما، أولهما اعتراف إقليمي بشرعية نشاطها والثاني الضغط علی الإدارة الأمريكية الجديدة لإجبارها علی الالتزام باتفاق الدوحة. ويؤكد المراقبون أن إيران وطالبان لديهما مصالح مشتركة وسيوافقان على «زواج المصلحة»، على الرغم من اختلافهما العقائدي، وكلاهما يستخدمان هذه العلاقات كأداة للضغط على أعدائهم. وسترحب إيران بحكومة مصالحة وطنية تضم طالبان.
وفي الوقت نفسه الحفاظ على النفوذ مع الطائفة الشيعية في أفغانستان، الذين يقيمون بالقرب من الحدود الشرقية لإيران، التي تأمل أن تعمل كمنطقة عازلة بينها وبين بقية أفغانستان. وعلى أي حال، فإن الانسحاب العسكري الأمريكي، أينما حدث، سيترك وراءه أرضًا خصبة لإيران لترسيخ موطئ قدم لها وتضيف أفغانستان إلى قائمة الدول التي تحتفظ فيها بوجود كبير بالوكالة وهي تناور لتعزيز نفوذها الطائفي وستواجه منافسة من روسيا والصين وباكستان كونها جميعها ترى فرصة لتعزيز مصالحها الخاصة في أفغانستان بعد أي انسحاب أمريكي.
قم هي الرابح الأكبر من انسحاب واشنطن من أفغانستان..
طالبان وإيران وزواج المصلحة.. عدو الأمس.. صديق اليوم.