لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بوضع مقاربة على مقاس النظام الإيراني لحل الأزمة اليمنية؛ كون هناك مرجعيات وقرارات للشرعية الدولية لا يمكن التنازل عنها أو إسقاطها، كما أن العودة للاتفاق النووي الإيراني لا يمكن أن تكون قرارا أمريكيا أو إيرانيا بحتا؛ كون هناك شركاء في هذا الاتفاق ومخاطر للمشروع النووي الإيراني ليس فقط على المنطقة، فحسب، بل والعالم. وجاء اتهام وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، إيران بالتنصل من التزاماتها كدليل على أنه لا يمكن الاعتماد على وعود وعهود النظام. وأحسن بلينكن قولا عندما أكد في حديثه لـ(سي إن إن) أن الولايات المتحدة سوف تعمل مع حلفائها لمحاولة التوصل إلى اتفاقية أطول وأقوى من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، تشمل برنامج إيران للصواريخ البالستية وسلوك طهران المزعزع لاستقرار المنطقة، كون ربط التوصل لاتفاق مع إيران يجب أن يكون وفق ضمانات وتعهدات إيرانية ملزمة في هذا الإطار. إن الولايات المتحدة هي الدولة الأساس في تقرير مصير ملفات كثيرة في المنطقة ليس فقط في اليمن، ليس مهماً كيف ستقارب إدارة بايدن مسائل المنطقة بقدر ما هو مهم أن يعترف الرئيس الجديد وفريقه بأن العالم تغير «والمنطقة تغيرت أيضا». ولا يمكن القبول بأن تفرض ايران شروط العودة إلى الاتفاق. لقد استمرت المليشيات الحوثية في إطلاق الصواريخ والطائرات دون طيار واستهداف المدنيين بشكل عشوائي في المملكة في اليمن، وتهديد الملاحة الدولية ومصادر الطاقة في منطقة الخليج، في خرق صارخ لقواعد القانون الدولي.. كما يواصل الحوثيون علناً وبشكل واضح وصريح ترويج خطابهم الأيديولوجي المتطرف الذي يدعو إلى العنف ونشر الكراهية، منتهكين طبيعة الشعب اليمني الذي يتسم أبناؤه بالاعتدال ورفض العنف المسلح والتطرف الفكري. منذ انقلاب المليشيات الحوثية كانت الجهود الدولية للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي تعتمد على الدبلوماسية، دون وجود أي أدوات ضغط على المليشيات الحوثية. إن تجميد تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية سيعطي الفرصة للمليشيات للتمادي كون التصنيف سيجبر قادة المليشيا الحوثية على الدخول في مفاوضات جادة للتوصل للسلام، ويضغط عليهم للتنفيذ بعد توقيع أي اتفاقية، وسيوفر ورقة رابحة للضغط على الحوثيين للقبول بالحل السياسي، وستستفيد من ذلك الأمم المتحدة، وكذلك الدول الأوروبية، وهو ما لا يتوفر حالياً فضلا عن كون تصنيف المليشيات الحوثية جماعة إرهابية سيؤدي إلى تجفيف مواردهم المالية، بعد أن يتوقف رجال الأعمال عن شراكاتهم التجارية مع قيادات الحوثيين القائمة ودعم الجهود المبذولة للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، ويمنع ويقطع روابط المنظمات الإرهابية، ويسهم في إنجاح سياسية الضغط القصوى على إيران. والسؤال الذي يطرح نفسه من سيتخذ الخطوة الأولى حول الاتفاق النووي في معركة شد الحبل؟ وما هو حجم التنازلات التي سيقدمها كل طرف لتسهيل العودة إلى الاتفاق النووي؟ والمتابع لتصريحات بايدن المتكررة حول موضوع العودة للاتفاق النووي، إلا أن هذه العودة ستكون لها تداعيات خطيرة لضبط سلوك إيران، ومنعها من الوصول إلى السلاح النووي الذي سيزلزل استقرار المنطقة.