-A +A
رياض منصور (عمان) riyadmansour@
بيان وزارة الخارجية السعودية المفصل، خارج نطاقات التأويل والاجتهاد، وينطوي على تفاصيل أكثر دقة من أي محاولة لقراءة محتملة خارج النص، وقد يكون من البيانات النادرة والمباشرة التي تتطرق إلى التفاصيل، ويتقصد عدم ولادة أي شعور بالحاجة إلى الاجتهاد.ليس سراً أن بيان خارجية المملكة منع فرص الاصطياد في مياه الأمن، وأكد بما لا يدع مجالاً للشك استقلالية الجهاز القضائي دون تدخلات أمنية؛ لأن المملكة اعتبرت ما تعرض له خاشقجي جريمة نكراء شكلت انتهاكاً صارخاً لقوانين المملكة وقيمها، ارتكبتها مجموعة تجاوزت الأنظمة كافة، إذ خالف أفرادها صلاحيات الأجهزة التي كانوا يعملون فيها.

إن المملكة لم تقف مكتوفة الأيدي، بل سارعت للتحقيق مع الجناة وتقديمهم للعدالة بحضور ممثلين من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة لممثل تركيا إلى جانب ممثلي المنظمات الحقوقية السعودية وأبناء المجني عليه الذين أعربوا عن ارتياحهم لمجمل الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي في إدانة القتلة.


البيان وهو مؤثر وعميق ومهم جدّاً، تحدّث عن إصرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن يقوم الجهاز القضائي بمسؤولياته كاملة دون أي تدخلات لما يملكه من أدوات وصلاحيات، وعليه أن يمارسها في معاقبة الجناة بحضور ممثلين عن عواصم القرار في مجلس ومنظمات حقوق الإنسان. لقد أحسنت وزارة خارجية المملكة في تشريح التقرير الذي زود به الكونغرس الأمريكي بشأن مقتل خاشقجي، والذي تجاهل عمداً ما قامت به المملكة من إجراءات قانونية، ما أبرز هشاشته والتفاصيل البائسة التي حملها في قضية انتهت بصدور الأحكام القضائية فيها ومعاقبة الجناة.

لقد جاء رفض خارجية المملكة لمجمل التقرير الذي قدم للكونغرس مبنياً على حقائق دامغة بشهادة شهود مجلس الأمن، وعليه جاء الموقف السعودي الحاسم بالرفض المطلق لأي أمر من شأنه المساس بقيادة المملكة وسيادتها واستقلال قضائها. لا شك أن الديمقراطيين العائدين للحكم في واشنطن يدركون عمق الشراكة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، وهي شراكة قوية ومتينة، ارتكزت على أسس راسخة قوامها الاحترام المتبادل والعمل المشترك لتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم، لكن اللافت أن مجموعة الكونغرس الصغيرة التي تتربص بالمملكة لفرض أجندة ما عليها لم تدرك بعد أن مغامرتها ستذهب أدراج الرياح عندما تدرك أن مجلس الأمن الذي أوفد مندوبين لمحاكمة القتلة سيقول كلمته النهائية باعتباره شاهداً على نزاهة القضاء السعودي وقراراته. بقي أن نقول إن التقرير الذي قدم للكونغرس بمقتل خاشقجي، والذي يفتقد للموضوعية انهار أمام تماسك حقائق البيان السعودي.