حصحص الحق وقضي الأمر، وتمخض التقرير الاستخباراتي الأمريكي حول اغتيال خاشقجي، فولد تكهنات واستنتاجات ظنية وخلاصات واهية.. وأسدل الستار على مسرحية سوداء، كثر الحديث عنها، وانتهى الجدل البيزنطي باحتمالات وتوقعات وظنيات. وجاء الرد السعودي سريعا حازما في بيان وزارة الخارجية بشأن جريمة مقتل المواطن جمال خاشقجي مؤكدا المؤكد، واضعا خطوطا حمراء ضد المساس بسيادة ورموز الدولة، والثقة المطلقة في شفافية ونزاهة وأحكام القضاء التي تؤكد الالتزام بتنفيذ القانون ومحاسبة كل المتورطين في القضية ورفض أي محاولات لاستغلال هذه القضية أو التدخل في شؤون المملكة الداخلية. المملكة منذ تأسيسها لم تتدخل في شأن أي دولة ولم تبدأ بحرب ودعمت سياسة الاعتدال والوسطية ونبذ العنف والتطرف وسعت على الدوام لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع، ورفضت كل ما من شأنه المساس بسيادتها كونها خطا أحمر. ومنذ اليوم الأول لاغتيال خاشقجي، اعتبرت المملكة أن القضية تمثل عملا إجراميا بشعا ضد مواطن سعودي، كان ضمن مرتكبيه مواطنون سعوديون، واتخذت كل الإجراءات القضائية لمحاسبة المسؤولين.. كما أن المملكة طبقت القانون وقامت بمحاكمة المتهمين في الجريمة، وحضر جلسات محاكمتهم ممثلون من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، كما حضر محاكمتهم ممثل لتركيا إضافة إلى ممثلي المنظمات الحقوقية السعودية وأبناء المجني عليه، ما يعكس منهج الشفافية الذي طبقته السلطات القضائية السعودية بما يتناسب مع أنظمتها المعتمدة. لقد استند التقرير الأمريكي لمعلومات مجهولة خالية من الأدلة، والقرائن والبراهين وبالتالي جاء الرد عليه بحقائق تثبت زيفه كونه باطلاً، ومبنيا على توقعات واستنتاجات، ومتضمناً عبارات تقرير انشائي تعبيري. ويجب التنويه إلى أن سرعة رد الخارجية السعودية ألجم المغرضين والمسيسين، إذ أكد على موقف المملكة الثابت على الدوام، وأن ليس لديها ما تخفيه أو تخشاه، واتخذت قيادتها الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة الاجرامية.. والمملكة التي تعتبر دولة مؤسسات ودولة قانون ولا تقبل إملاءات من أحد اأو تنتظر تبرئة أو إدانة من أحد، كونها دولة ذات سيادة فالوقائع معروفة لقضية خاشقجي والقضاء أخذ مجراه وتم إجراء التحقيقات والمحاكمات اللازمة. والمطلوب من صناع القرار ومراكز البحوث والمشرعين في الداخل الأمريكي عدم استغلال هذه الجريمة المؤسفة لاستهداف العلاقات الثنائية بين البلدين، وعليهم أن يتوقفوا عن السعي لتسييس هذه الجريمة النكراء، خصوصا أن الشراكة بين الرياض وواشنطن شراكة قوية وتاريخية ومتينة، وتعمل المؤسسات في البلدين على تعزيزها في مختلف المجالات، وتكثيف التنسيق والتعاون بينهما لتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم. والمملكة حليف استراتيجي للولايات المتحدة وتتطلع إلى تعزيز العلاقات معها في مواجهة التحديات المشتركة وتكثيف الجهود للتعاون في مختلف الملفات والمواضيع ذات الاهتمام المشترك بما يحقق مصالح البلدين. واذا كانت إدارة بايدن تريد إعادة بوصلة العلاقات مع المملكة وإعادة تأطيرها فهذا من حقها السيادي، ونحن كدولة ذات سيادة ننظر إلى الأمور من نفس الزاوية ونرغب في تعزير هذه الشراكة الضاربة في الجذور، ولكن ليس على حساب استقلالية القرار والمساس بالسيادة. لأن قضاءنا وقرارنا خطوط حمراء، ولا ننتظر تبرئة من أحد، لأنه ليس لدينا ما نخفيه.