من حيث لا يدري، أدان الرئيس التركي رجب أردوغان نفسه عندما أعلن عن خطة نعتتها وسائل إعلام موالية له بـ«الرائدة» وأن البلاد بموجبها «سترتقي» في مجال حقوق الإنسان بحلول عام 2023. وتتضمن الخطة «استقلالية القضاء والعدل ومكافحة التمييز» بمختلف أشكاله، إلى جانب إصلاحات اقتصادية وأخرى متعلقة بوسائل الإعلام، وهو ما يعني بحسب مراقب للشأن التركي، أن أردوغان يعترف صراحة بتسييس القضاء وقمع الحريات وتكميم الأفواه وانتهاك حقوق الإنسان. وتضمنت الخطة التي يؤكد المراقبون أنها إدانة رسمية لنظام «العدالة والتنمية» بأكمله مقترحاتٍ قانونية مثل منع الاحتجاز التعسفي ضمن 11 بنداً تقول الحكومة إنها ستعمل على تطبيقها في غضون العامين القادمين، إلا أن أحزاب المعارضة أكدت أنها تكرار لقوانين محلّية لا ينفذها النظام. المراقبون للشأن التركي أكدوا أن خطة أردوغان أطلقت لتجميل وجه النظام، إلا أنها كشفت للرأي العام العالمي، «الديكور الديمقراطي الهش» الذي يحكم تركيا، ومن ثم فإن المجتمع الدولي بات يدرك أنها مجرد أحاديث للاستهلاك المحلي خصوصاً مع الحديث المتنامي عن إجراء انتخابات مبكرة. ولفتوا إلى أن أحدث استطلاعات الرأي العام، كشفت عن تدني شعبية الحزب الحاكم في مواجهة أحزاب المعارضة خصوصاً الأحزاب الجديدة. وقال هؤلاء: لا يمكن لأحد أن يثق في أحاديث أردوغان ونظامه عن إصلاحاتٍ قضائية وقانونية فيما أجهزته الأمنية تمارس القمع والاعتقال يومياً سواء للمدنيين أو العسكريين. ولعل المثير للسخرية، أن إعلان الخطة «الفضيحة» تزامن مع احتجاز عشرات الصحفيين والسياسيين وأعضاءٍ الأحزاب المعارضة، وهو ما يؤكد أنها «كلام فارغ»، ومحاولة بائسة لإحياء شعبية منهارة واقتصاد متدن وعملة تترنح وبطالة مرتفعة.