أكد الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات العامة السابق، أن إيران هي التي ترفض الحوار مع المملكة العربية السعودية، وتعمل على تعزيز سلوكها السيئ لزعزعة أمن دول المنطقة.
واسترجع الأمير تركي الفيصل الذاكرة في ما يخص العلاقات بين السعودية وإيران، وذلك في لقاء معه في برنامج «سؤال مباشر» على قناة «العربية» اليوم (الجمعة)، كاشفا أنه عندما أتى الخميني للسلطة في إيران، لم تتخذ المملكة موقفا مناوئا له، بل على العكس من ذلك، فقد كانت إيران تستورد في فترة حكم الشاه مادة الكيروسين من المملكة لتوفرها للشعب الإيراني للتدفئة أثناء الشتاء.
وشدد الفيصل على أنه بالرغم من دعوة الخميني التي أطلقها بعد سقوط شاه إيران بأنه سيسعى لإسقاط قادة دول الخليج ومنها المملكة، استمرت السعودية بتزويد إيران بالكيروسين، وكان هناك تصريح شهير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما كان نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ورئيسا للحرس الوطني آنذاك، عندما قال «إذا كان توجه الحكم الجديد في إيران إسلاميا فنحن نرحب بذلك»، وقابل ذلك الخميني بتكوين المنظمات الإرهابية التي سعت لتأجيج النزاعات في الدول والمنطقة كلها، وفي فترة لاحقة أيضا حاولت إيران احتلال المسجد الحرام في مكة أثناء الحج.
وقال الأمير تركي الفيصل: بعد أن عادت العلاقات مع إيران في فترة الرئيس خاتمي وتوقيع اتفاقية أمنية بين المملكة وإيران، ومن ضمن بنودها أن يسعى البلدان لعدم التدخل في شؤون البعض، وعدم السماح بالتأثير على العلاقات، للأسف استمرت إيران في التدخل في شؤون المملكة، ورأينا ذلك في عدة مجالات، آخرها كان الهجوم على السفارة السعودية في طهران وقنصلية المملكة في مشهد قبل نحو خمس سنوات في 2016، إذ تركت السلطات الإيرانية للغوغاء احتلال السفارة وإحراقها.
وأشار الفيصل إلى أنه في فترة حكم الرئيس الإيراني خاتمي، كانت هناك زيارات لمسؤولين إيرانيين للمملكة، مؤكدا أنه إذا كان الإيرانيون يريدون التحاور فإن المملكة لم ترفض التحاور مطلقا، بل على العكس كانت هي المبادرة دائما والداعية للحوار، وآخرها دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل نحو عامين في ما يخص موضوع اليمن، إذ قال آنذاك «إذا أوقفت إيران مساعداتها للحوثي فحينها ستنتهي قضية اليمن»، ولكن للأسف لم تُلبِّ إيران ذلك المطلب.
وفي ما يخص المحادثات التي تجري في فيينا، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودول 5+1، للعودة للاتفاق النووي مع إيران، شدد الأمير تركي الفيصل على أنه إذا تمت العودة للاتفاق سيزداد تنمر إيران وعدم اكتراثها بتبعات تدخلاتها الدموية في العالم العربي عموما، ومنطقة الخليج خصوصا، وللأسف دول 5+1 التي تتفاوض مع إيران يبدو أنها استسلمت لمطالب طهران قبل أن تنال منها أي تنازل في المقابل، وإذا تم توقيع اتفاق نووي جديد ستزداد التدخلات الإيرانية في المنطقة، إذ إنها لم تكف عن تدخلاتها وسعيها لزعزعة الاستقرار في المنطقة منذ أن تم توقيع الاتفاق سابقا.
وأوضح أن إيران عززت سلوكها السيئ بدعمها لمليشيا الحوثي في اليمن، وكذلك تدخلاتها في سورية والعراق ولبنان ومحاولة زعزعة استقرار البحرين، فسلوكها السيئ أظهر للجميع أن ما سعى إليه الاتفاق النووي وما وعد به الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وزعماء 5+1 لم يتم.
وفي ما يخص سعي إيران لامتلاك سلاح نووي، وما يمكن أن تتخذه المملكة ودول الخليج من خطوات حيال ذلك، كشف الأمير تركي الفيصل أن دول الخليج تعلم بالضبط ما هو مطلوب منها في التعامل مع الموقف من الاتفاق النووي مع إيران، ومع استمرار سلوك طهران في زعزعة الاستقرار في المنطقة وغيرها، مبينا أن دول الخليج إذا عزمل على امتلاك سلاح نووي في حال امتلاك إيران لسلاح نووي فإن لديها من الإمكانيات ما تستطيع من خلاله إنجاز ما تعزم عليه.
وحول العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، أكد الفيصل أنها علاقة إستراتيجية نشأت منذ أكثر من 80 عاماً، واستمرت بالرغم من الخلافات التي برزت بين حين وآخر، مشيرا إلى أنها ستدوم وتستمر، وقال: «ما سمعناه من الرئيس الأمريكي والمسؤولين الأمريكيين أنه يهمهم الدفاع عن حدود السعودية، وأن المملكة شريك مهم للمصالح المشتركة بين البلدين سواء في الاقتصاد العالمي أو مكافحة الإرهاب».