-A +A
فهيم الحامد (الرياض) Falhamid2@
عندما وصف الرئيس التركي أردوغان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ«المبتدئ في السياسة» ودعاه إلى «تعلّم تاريخ بلده» بعد قرار باريس تكريس يوم لإحياء ذكرى «الإبادة» التي تعرّض لها الأرمن في عهد السلطنة العثمانية في 2015؛ تدهورت علاقات أنقرة مع فرنسا ووصلت إلى مرحلة منخفضة وما زالت تداعياتها مستمرة حتى اليوم..وفي شهر أبريل عام 2016، استقبل أردوغان نائب الرئيس الأمريكي آنذاك، جو بايدن، في مكتبه في قصر السلطان عبد الحميد، الذي تأخر عن موعده 80 دقيقة، بعد أن كان في حفل غداء خاص مع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، الذي «طرده» أردوغان بعد شهر من هذه المناسبة. بعد هذا اللقاء بخمس سنوات، فاجأ بايدن، وبعد 3 أشهر من انتخابه، نظيره التركي باتصاله الهاتفي الذي حمل في طياته الكثير من المعاني المزعجة،، فقد ذكر البيت الأبيض «أن بايدن اتصل به ليقول له إنه سيصف ما تعرض له الأرمن في عام 1915 على يد الدولة العثمانية بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي»، وهو ما فعله مساء أمس الأول (السبت) إذ أثار هذا الاعتراف موجة سخط عارمة لدى الجانب التركي؛ حيث اتهم أردوغان «أطرافا ثالثة»، بالتدخل في شؤون بلاده. وتعرض أردوغان لضربة قوية من قبل الإدارة الأمريكية التي أقرت للمرة الأولى في تاريخها أن مذابح الأكراد إبادة جماعية. وقال أردوغان إن ما يجمع الأتراك والأرمن ليست المصالح ولكن الارتباط الوثيق بالدولة «مشيرا إلى أن تحويل الاعتراف بإبادة الأرمن إلى وسيلة للتدخل ضد تركيا لن ينفع أحدا». بالمقابل ذكرت صحيفة واشنطن بوست أمس أن عدة رؤساء أمريكيين، بما في ذلك الرئيسان السابقان ترمب وأوباما، تجنبوا استخدام هذا الوصف لكي لا يثيروا غضب تركيا الحليف الإستراتيجي لواشنطن والعضو المهم في حلف شمال الأطلسي (ناتو) القريب من الشرق الأوسط والمحاذي لروسيا. وترفض تركيا اعتبار المجازر «إبادة» وتقول إن السلطنة شهدت في نهاية عهدها حرباً أهلية تزامنت مع مجاعة، مما أدى إلى مقتل ما بين 300 ألف و500 ألف أرمني وعدد مماثل لهم من الأتراك حين كانت القوات العثمانية وروسيا تتنازعان السيطرة على الأناضول بحسب روايتها. وفي عام 2019، أصدر الكونغرس الأمريكي قرارا وصف ما حصل من أعمال قتل بأنه «إبادة جماعية» مما أثار غضب أردوغان، لكن الرئيس السابق ترمب رفض رسميا القرار.

كما تعهد الرئيس أوباما بالاعتراف بـ«الإبادة الجماعية» للأرمن عندما ترشح لأول مرة في عام 2008 لكن بحلول نهاية السنوات الثماني التي قضاها في الرئاسة لم يكن قد أوفى بوعده. الأرمن - الأكراد هي ورقة الديمقراطيين القادمة.. بعد أزمة المذابح الجماعية.. أردوغان - بايدن وجها لوجه.. صراع الحقل.. والبيدر اشتعل.