وكأنه مرشد أعلى للجمهورية اللبنانية، أطلق أمين عام حزب الله حسن نصر الله أوامره باتجاه الرؤساء الثلاثة، راسماً خطوط تشكيل الحكومة التي يريد تحت ثابت واحد يقول «لا استقالة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون»، طالباً من رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري أمرين، الأول: التعاون مع رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة، والثاني: الجلوس معه إلى حين تشكيل الحكومة.
فيما طلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري أمراً واحداً، وهو في حال فشل الحريري في التفاهم مع عون عليه أن يوجد حلاً في البرلمان لهذه الأزمة، وهو تلميح إلى طلب سحب التكليف من الحريري، الأمر الذي يتطابق مع فحوى الرسالة التي وجهها الرئيس عون إلى مجلس النواب قبل أيام.
كلام نصر الله، وكأنه إطلاق الإنذار الأخير من قبله لتشكيل «الحكومة التي يريد»، والتي يريد ألا تخرج عن قرار الرئيس عون، وهو ما يفتح الأمور باتجاهين لا ثالث لهما، الاتجاه الأول أن يرضخ الحريري لمشيئة نصر الله فيشكل الحكومة التي يريدها عون.
والاتجاه الثاني أن يرفض الحريري إملاءات نصر الله، فيعتذر عن التكليف أو يُسحب منه التكليف في مجلس النواب.
أوامر نصر الله وإن رُبطت بكلام رئيس البرلمان لجهة مهلة الأسبوعين لتشكيل الحكومة، فيتكامل عبرها الإطار الذي رُسم للوضع في لبنان على الشكل التالي: حكومة بمواصفات نصر الله وبرئاسة الحريري، أو الذهاب إلى خيار حكومة بهذه المواصفات من دون رئاسة الحريري، خصوصا أنه اعتبر أن حلّ كل المشاكل الموجودة في لبنان حالياً هو «تشكيل حكومة جديدة».
لبنان بعد خطاب نصر الله يدخل منعطفاً جديداً، إذ إن كل القوى السياسية وعلى رأسها سعد الحريري باتت مطالبة بحسم خياراتها، ومصيرها في المواجهة السياسية التي تبدأ في لبنان ومن المؤكد أنها لا تنتهي عند حدوده، إذ يبدو أن الأمور كلها مرتبطة بالأجندة الإيرانية التي بدأت ترسم ملامحها بشكل واضح مع الاستبعادات التي شهدتها الانتخابات الرئاسية وفيها حسم مبكر للأمور لصالح تيار المحافظين عبر مرشحهم إبراهيم رئيسي.