هل كان أمس (الإثنين) «يوم الحرية» حقاً؟ أم أنه «يوم الكارثة»، على حد تعبير العنوان الرئيسي لصحيفة «ديلي ميل»؟ أم «يوم الفضيحة» كما وصفه العنوان الرئيسي لصحيفة «ديلي تلغراف» أمس؟ حين خرجت من منزلي أمس قبيل انتصاف النهار، وركبت قطار الأنفاق (المترو)؛ كان الوضع مزيجاً من كل تلك الصفات. فقد حرص كثير من ركاب المترو على ارتداء كماماتهم. وبالمثل فإن كثيرين لم يصدقوا أنهم أصبحوا غير ملزمين قانويناً بارتداء الكمامة. وفي الطريق الى محطة المترو والعودة اليها بدا لي الخوف ظاهراً في أعين كثيرين. فقد أعلن رئيس الوزراء برويس جونسون، زعيم حزب المحافظين، انطلاق «يوم الحرية» من مقره الصيفي، حيث يقضي فترة عزل صحي مدته 10 أيام، بسبب مخالطته وزير الصحة المصاب بالفايروس ساجد جاويد. وتزامن ذلك كله مع تسجيل بريطانيا أكبر عدد من الإصابات الجديدة في يوم واحد على مستوى العالم؛ إذ سجلت أكثر من 54 ألفاً السبت، و47600 إصابة جديدة الأحد. وهو أعلى من عدد الإصابات في إندونيسيا التي غدت مركز كارثة الوباء العالمي في الآونة الأخيرة. ولم يخف من تحدثت اليهم في رحلتيْ المترو أمس أنهم يتوقعون أرقاماً أسوأ اليوم وغداً، بسبب إلغاء القوانين الخاصة بالإرشادات الصحية، خصوصاً أن «التحرير» تزامن مع ارتفاع استثنائي في درجة الحرارة في بريطانيا، دفع الناس إلى الهروب إلى الشواطئ والحدائق العمومية، بحثاً عن نسمة هواء، غير مقيدين بقاعدة التباعد الجسدي، وبالطبع غير مرتدين كماماتهم.
وبدأ جونسون من معزله الصيفي القريب من لندن معركة مستميتة أمس لاستعادة مصداقيته، بعدما أعلن فور تلقيه تعليمات بالعزل الصحي أنه ووزير خزانته ريشي سوناك سيتحايلان على العزل للانضمام لبرنامح تجريبي للخضوع للفحص يومياً، ليتسنى لهما الحضور إلى مكتبيهما كالمعتاد. غير أن الثورة الغاضبة التي أثارها ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، تنديداً بالتحايل، وإيجاد مخرج لرئيس الوزراء من القانون الذي ينبغي أن يسري على جميع البريطانيين بلا استثناء، حمل جونسون في غضون ثلاث ساعات على الإعلان عن أنه سينفذ تعليمات العزل الصحي. وقال جونسون، في مقطع مرئي، إنه رأى أن يبادر بالانضمام لبرنامج الفحص اليومي التجريبي، «لكني أعتقد أن الأهم من ذلك هو أن يلتزم كل شخص بالضوابط. ولذلك قررت أن أعزل نفسي صحياً حتى 26 يوليو الجاري». بيد أن ذلك لم يكن كافياً لإزالة الضرر الذي لحق بزعامة جونسون. فقد أجمعت الصحف البريطانية الصادرة أمس على عنوان رئيسي واحد تقريباً، خلاصته «جونسون يضطر إلى العدول عن قراره».
وتعزز أمس، خلال الشعور الزائف بـ «الحرية»، الاعتقاد بأن جونسون ووزراءه إنما يسعون الى إعادة فتح النشاط الاقتصادي على حساب صحة الشعب البريطاني. فقد أدى تطبيق تعقب المخالطين لمصابين، المماثل لتطبيق «صحتي» في السعودية، إلى إصابة الاقتصاد البريطاني بشلل شبه كامل؛ إذ أسفرت اتصالات التطبيق بالمخالطين عن تغيب مئات الآلاف عن أعمالهم أمس، واليوم الذي سبقه. وشمل ذلك مستشفيات الخدمة الصحية الوطنية، التي أعلن عدد كبير منها خلال اليومين الماضيين تأجيل جراحات حيوية بسبب تغيب كوادرها الصحية جراء العزل الصحي؛ بل أدت اتصالات التطبيق المذكور إلى تغييب مئات من عمال وموظفي قطارات ومحطات المترو في لندن، ما اضطر إدارته إلى تعطيل حركة بعض خطوطه الحيوية، تعطيلاً كاملاً، أو جزئياً.
وقال مهندس الإغلاق الأول البروفسور نيل فيرجسون، وهو أستاذ لعلوم مكافحة الأمراض المعدية في جامعة إمبريال كوليدج في لندن، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية الليل قبل الماضي إنه يعتقد أن ارتفاع عدد الإصابات اليومية خلال الفترة القادمة إلى 100 ألف إصابة يومياً «أمر لا مناص منه». وكانت نماذجه الرياضية في مارس 2020 سبباً في اضطرار جونسون إلى إعلان الإغلاق الكامل لبلاده. ولا يستطيع جونسون، ولا قادة وزارة الصحة اتخاذ أي إجراء ضد تطبيق الخدمة الصحية الوطنية، على رغم تأثيره السالب في النشاط الاقتصادي. وذلك لسبب مهم، وهو أن هذا التطبيق أنشئ أصلاً بهدف إبطاء تفشي فايروس كورونا الجديد. وذكرت أرقام نشرها معهد آدم سميث للاقتصاد أمس أن التطبيق أصدر توجيهات بالعزل الصحي إلى 1.73 مليون شخص في بريطانيا. وتوقع المعهد أن يرتفع عدد المعزولين صحياً بأمر التطبيق إلى 5.2 مليون نسمة بحلول منتصف أغسطس القادم.
الوجه الجديد لرعب «الحرية»
هناك برنامجان تعتمد عليهما الخدمة الصحية البريطانية في مساعيها الرامية إلى كسر سلاسل تفشي الوباء. يتمثل الأول في التطبيق الإلكتروني، الذي يبلغ الشخص المعني بأنه اقترب من مصاب، أو خالطه، وعليه أن يعزل نفسه صحياً لمدة 10 أيام. أما الثاني فهو برنامج الاتصال والتعقب، الذي يقوم به موظفون في مختلف الهيئات الصحية، يقومون بتعقب المخالطين لمصابين، والاتصال بهم هاتفياً لإبلاغهم بضرورة عزل أنفسهم صحياً. وبسبب ارتفاع عدد الأشخاص الذين بات محكوماً عليهم بالعزل الصحي، برزت مخاوف من أن بعض محلات السوبرماركت قد تواجه نقصاً في سلاسل الإمداد، من جراء تغيب عدد كبير من سائقي شاحنات شركات نقل الأغذية. وانتقد مسؤولو شركات عدة أمس الحكومة البريطانية على رفضها استثناء المحصنين بجرعتي اللقاحات المضادة لكوفيد-19 من العزل الصحي. وأكد وزير اللقاحات البريطاني ناظم زهاوي أمس أن إعفاء المحصنين باللقاحات من العزل الصحي لن يتم قبل 16 أغسطس القادم. وشدد على أن الحكومة لن تتدخل في عمل تطبيق الخدمة الصحية الخاصة بعزل المخالطين.
وبدأ جونسون من معزله الصيفي القريب من لندن معركة مستميتة أمس لاستعادة مصداقيته، بعدما أعلن فور تلقيه تعليمات بالعزل الصحي أنه ووزير خزانته ريشي سوناك سيتحايلان على العزل للانضمام لبرنامح تجريبي للخضوع للفحص يومياً، ليتسنى لهما الحضور إلى مكتبيهما كالمعتاد. غير أن الثورة الغاضبة التي أثارها ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، تنديداً بالتحايل، وإيجاد مخرج لرئيس الوزراء من القانون الذي ينبغي أن يسري على جميع البريطانيين بلا استثناء، حمل جونسون في غضون ثلاث ساعات على الإعلان عن أنه سينفذ تعليمات العزل الصحي. وقال جونسون، في مقطع مرئي، إنه رأى أن يبادر بالانضمام لبرنامج الفحص اليومي التجريبي، «لكني أعتقد أن الأهم من ذلك هو أن يلتزم كل شخص بالضوابط. ولذلك قررت أن أعزل نفسي صحياً حتى 26 يوليو الجاري». بيد أن ذلك لم يكن كافياً لإزالة الضرر الذي لحق بزعامة جونسون. فقد أجمعت الصحف البريطانية الصادرة أمس على عنوان رئيسي واحد تقريباً، خلاصته «جونسون يضطر إلى العدول عن قراره».
وتعزز أمس، خلال الشعور الزائف بـ «الحرية»، الاعتقاد بأن جونسون ووزراءه إنما يسعون الى إعادة فتح النشاط الاقتصادي على حساب صحة الشعب البريطاني. فقد أدى تطبيق تعقب المخالطين لمصابين، المماثل لتطبيق «صحتي» في السعودية، إلى إصابة الاقتصاد البريطاني بشلل شبه كامل؛ إذ أسفرت اتصالات التطبيق بالمخالطين عن تغيب مئات الآلاف عن أعمالهم أمس، واليوم الذي سبقه. وشمل ذلك مستشفيات الخدمة الصحية الوطنية، التي أعلن عدد كبير منها خلال اليومين الماضيين تأجيل جراحات حيوية بسبب تغيب كوادرها الصحية جراء العزل الصحي؛ بل أدت اتصالات التطبيق المذكور إلى تغييب مئات من عمال وموظفي قطارات ومحطات المترو في لندن، ما اضطر إدارته إلى تعطيل حركة بعض خطوطه الحيوية، تعطيلاً كاملاً، أو جزئياً.
وقال مهندس الإغلاق الأول البروفسور نيل فيرجسون، وهو أستاذ لعلوم مكافحة الأمراض المعدية في جامعة إمبريال كوليدج في لندن، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية الليل قبل الماضي إنه يعتقد أن ارتفاع عدد الإصابات اليومية خلال الفترة القادمة إلى 100 ألف إصابة يومياً «أمر لا مناص منه». وكانت نماذجه الرياضية في مارس 2020 سبباً في اضطرار جونسون إلى إعلان الإغلاق الكامل لبلاده. ولا يستطيع جونسون، ولا قادة وزارة الصحة اتخاذ أي إجراء ضد تطبيق الخدمة الصحية الوطنية، على رغم تأثيره السالب في النشاط الاقتصادي. وذلك لسبب مهم، وهو أن هذا التطبيق أنشئ أصلاً بهدف إبطاء تفشي فايروس كورونا الجديد. وذكرت أرقام نشرها معهد آدم سميث للاقتصاد أمس أن التطبيق أصدر توجيهات بالعزل الصحي إلى 1.73 مليون شخص في بريطانيا. وتوقع المعهد أن يرتفع عدد المعزولين صحياً بأمر التطبيق إلى 5.2 مليون نسمة بحلول منتصف أغسطس القادم.
الوجه الجديد لرعب «الحرية»
هناك برنامجان تعتمد عليهما الخدمة الصحية البريطانية في مساعيها الرامية إلى كسر سلاسل تفشي الوباء. يتمثل الأول في التطبيق الإلكتروني، الذي يبلغ الشخص المعني بأنه اقترب من مصاب، أو خالطه، وعليه أن يعزل نفسه صحياً لمدة 10 أيام. أما الثاني فهو برنامج الاتصال والتعقب، الذي يقوم به موظفون في مختلف الهيئات الصحية، يقومون بتعقب المخالطين لمصابين، والاتصال بهم هاتفياً لإبلاغهم بضرورة عزل أنفسهم صحياً. وبسبب ارتفاع عدد الأشخاص الذين بات محكوماً عليهم بالعزل الصحي، برزت مخاوف من أن بعض محلات السوبرماركت قد تواجه نقصاً في سلاسل الإمداد، من جراء تغيب عدد كبير من سائقي شاحنات شركات نقل الأغذية. وانتقد مسؤولو شركات عدة أمس الحكومة البريطانية على رفضها استثناء المحصنين بجرعتي اللقاحات المضادة لكوفيد-19 من العزل الصحي. وأكد وزير اللقاحات البريطاني ناظم زهاوي أمس أن إعفاء المحصنين باللقاحات من العزل الصحي لن يتم قبل 16 أغسطس القادم. وشدد على أن الحكومة لن تتدخل في عمل تطبيق الخدمة الصحية الخاصة بعزل المخالطين.