أكثر ما يُقلِق واشنطن ونيودلهي في هذه المرحلة وهم يتابعون سقوط الولايات الأفغانية الواحدة تلو الأخرى بيد طالبان هو تشكيل الحركة علاقات تحالفيّة استراتيجية مع الصين جارتها الشرقيّة، والتحوّل إلى قاعدةٍ له في وسَط آسيا بعد الانسحاب الأمريكي الذي ترى فيه طالبان انتصارا لها خصوصا بعد زيارة وفدها المكون من تسعة أشخاص برئاسة بارادار أخوند مُفاوض الحركة ونائب رئيسها العاصمة بكين ولقاء وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ومسؤولين آخرين أمنيين وسياسيين، الأمر الذي أعطى مؤشرا واضحا أن بكين حريصة لتكون ليس فقط حاضرة في عمق المشهد الافغاني فحسب بل لاعبا رئيسيا في المتغيرات الجيوستراتيجية وقيادة المرحلة القادمة، لذلك حافظت الصين على الدوام على بناء مصالح سياسية في أفغانستان قائمة على ضرورة الحفاظ على علاقات متوازنة بين الصين من جهة وطالبان والحكومة الأفغانية من جهة أخرى، إلى جانب تنويع النفوذ الصيني ليشمل شخصيات وجهات سياسية وقبَلية أخرى مؤثرة.وكان المتحدث باسم الخارجية الصينية جاو ليجيان، عبر عن مخاوف بلاده بمجرد تأكيد واشنطن موعد سحب القوات، بالقول: إن القوات الأجنبية المتمركزة في أفغانستان يجب أن تنسحب بطريقة مسؤولة ومنظمة لضمان انتقال سلس. وقد أصبحت دعوة الصين لانسحاب «مسؤول ومنظم» نموذجا ثابتا في تصريحات المسؤولين الصينيين حول وضع القوات الأمريكية في أفغانستان. وكانت الإدارة الأمريكية في الماضي رافضة لأي دور صيني في أفغانستان، وبحسب الخبراء الأفغان أن واشنطن كانت بشكل أو آخر حريصة على أن تتحول أفغانستان إلى قاعدة لحركة تركمنستان المتشددة التي تُمَثِّل إثنيّة الإيغور التركيّة الجُذور يَنطلِق منها مُقاتلوها لشنّ هجمات ضدّ الصين، وبمعنى آخَر تُريد إعادة سيناريو ما يسمى بـ«المُجاهدين» الذي تبنّته قبل أربعين عاما لتجنيد مِئات الآلاف من المُقاتلين لإخراج القوات السوفييتية من أفغانستان، ولكنّ الذي لم تُدركه واشنطن أو أدركته وتجاهلته هو أنّ الفراغ التي تركته الولايات المتحدة في أفغانستان ستملؤه الصين، وما يُؤكِّد هذه الحقيقة أنّ المُتَحدِّث باسم طالبان محمد نعيم: قال إنّ وفد حركته الذي زار الصين حرص على التّأكيد للمَسؤولين الصينيين أنّه لن يسمح لأيّ أحد (أمريكا) باستِخدام الأراضي الأفغانيّة لمُهاجمة الصين.
من جانبهم، تعهد الصينيون بإقامة علاقة قوية مع أفغانستان في حالة تقلدها السلطة، ولَعِب دور كبير في عملية الإعمار، وضخّ المليارات للاستثمار وتعزيز الاقتِصاد الأفغاني، بمعنى آخر أن الصينيين قالوا إن الأمريكيين تركوا أفغانستان خرابة ونحن سنعمرها. لقد دعمت الصين الغزو الأمريكي في أفغانستان عام 2001، بالتزامن مع مساندة الولايات المتحدة ملف انضمام بكين لمنظمة التجارة العالمية وحملة مكافحة الإرهاب، وطوال العقدين الماضيين، ظلَّت الصين تطلب تأكيدات من واشنطن بأن بقاء القوات الأمريكية على حدودها أمر مؤقت.
وتُظهِر هذه السياسة الصينية دعمها لتحوُّل طالبان إلى شريك قوي في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، في مقابل تعهُّد طالبان بضمان أمن الحدود مع شينجيانغ، وهو أولوية بالنسبة للقادة الصينيين ولا شك أن أفغانستان تُعتَبر «سُرَّة آسيا» بسبب موقعها الاستراتيجي، إذ لها حُدود بريّة مع سِت دول (باكستان والصين وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمنستان وإيران)، وتُشَكِّل قبيلة البشتون التي تنتمي إليها طالبان ما يَقرُب من 45% من مجموع سُكّانها.ومن هنا فإن بكين هي القوة المؤثرة في «افغانستان طالبان».. كونها ستعيد تموضع مبادرة «الحزام والطريق».. وتربط أفغانستان بايران وباكستان ودول آسيا الوسطى وروسيا بالمبادرة وتسيطر على ممرات المياه والطرق الرئيسية وتصبح قائدة للطاقة في المنطقة.
من جانبهم، تعهد الصينيون بإقامة علاقة قوية مع أفغانستان في حالة تقلدها السلطة، ولَعِب دور كبير في عملية الإعمار، وضخّ المليارات للاستثمار وتعزيز الاقتِصاد الأفغاني، بمعنى آخر أن الصينيين قالوا إن الأمريكيين تركوا أفغانستان خرابة ونحن سنعمرها. لقد دعمت الصين الغزو الأمريكي في أفغانستان عام 2001، بالتزامن مع مساندة الولايات المتحدة ملف انضمام بكين لمنظمة التجارة العالمية وحملة مكافحة الإرهاب، وطوال العقدين الماضيين، ظلَّت الصين تطلب تأكيدات من واشنطن بأن بقاء القوات الأمريكية على حدودها أمر مؤقت.
وتُظهِر هذه السياسة الصينية دعمها لتحوُّل طالبان إلى شريك قوي في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، في مقابل تعهُّد طالبان بضمان أمن الحدود مع شينجيانغ، وهو أولوية بالنسبة للقادة الصينيين ولا شك أن أفغانستان تُعتَبر «سُرَّة آسيا» بسبب موقعها الاستراتيجي، إذ لها حُدود بريّة مع سِت دول (باكستان والصين وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمنستان وإيران)، وتُشَكِّل قبيلة البشتون التي تنتمي إليها طالبان ما يَقرُب من 45% من مجموع سُكّانها.ومن هنا فإن بكين هي القوة المؤثرة في «افغانستان طالبان».. كونها ستعيد تموضع مبادرة «الحزام والطريق».. وتربط أفغانستان بايران وباكستان ودول آسيا الوسطى وروسيا بالمبادرة وتسيطر على ممرات المياه والطرق الرئيسية وتصبح قائدة للطاقة في المنطقة.