لا يمكن قراءة كلمة أمين عام حزب الله حسن نصر الله أمس (السبت) بعيدا عن رسم خارطة الإعلان عن الكلمة والأحداث التي تلت هذا الإعلان.
الكلمة جاءت بقسمين معلنين، الأول: المواجهات الأخيرة التي شهدتها الحدود اللبنانية الجنوبية بين إسرائيل وحزب الله، والثاني ما يتعلق بتفجير المرفأ والتحقيق العدلي الخاص به. فيما القسم الثالث غير المعلن وغير المرئي في الكلمة، وهو الجوهر، فيتعلق بالمأزق الشعبي والسياسي الذي يعيشه الحزب في هذه المرحلة.
الكلمة التي جرى الإعلان عنها قبل أسبوع جاءت في مساحتها الكبرى لتتناول أحداثا حصلت منذ يومين، وبقراءة تفصيلية لو لم تحصل هذه الأحداث لكانت الكلمة جاءت مقتضبة حول تفجير مرفأ بيروت وتداعيات التحقيق فيه. وكأن الأحداث كلها على الحدود الجنوبية افتُعلت كي يكون لنصر الله كلمة فيها.
أما القسم الذي غاب عن الكلمة، فهي الأحداث المفاجئة التي واجهها الحزب والتي كانت أقرب إلى المأزق، من خلدة مع العشائر العربية حيث سقط له أربعة قتلى وصولاً إلى حاصبيا مع مشايخ الطائفة الدرزية حيث أوقف له أربعة مقاتلين وراجمة صواريخ.
يشعر نصر الله أنه بات وحيداً في لبنان من دون غطاء شعبي أو سياسي وهو ما جعله يوجه الاتهامات لأكثرية الشعب اللبناني أنه متواطئ في عملية السعي لنزع سلاح الحزب.
نصر الله في كلمته، يفكر بالنمط المأزقي وليس بعقل بارد، وسمات هذا التفكير المأزقي أن صاحبه يتخذ قرارات مأزقية تتصف بالقفز من مربع إلى مربع من دون إدراك التفاصيل المهمة في السياقات والتداعيات.
لقد أراد نصر الله في كلمته أن يقول لجمهوره إنه ليس مأزوماً، فقال إن إسرائيل هي المأزومة، وأراد أن يقول للشعب اللبناني إنه متهم بالسعي لنزع سلاحه، فيما هذا السلاح بات أزمة دولية أكثر مما هو أزمة لبنانية.
نصر الله قرر الحديث عن أحداث الجنوب قبل أن تقع، وقرر تجاهل مأساة اللبنانيين في لقمة عيشهم ووضعهم الاقتصادي المزري.
يقفز مأزوماً فوق كل هذه الأحداث ليقول إن القضية ليست لقمة خبز ولا كهرباء ولا ماء بل هي قضية سلاح غير شرعي، وذروة الأزمات عندما يصبح السلاح قضية وليس وسيلة.