من قائد مليشيا يريد أن يقتحم كل العواصم العربية، وأن يُسقط أنظمة ويهزم جيوشاً كبرى من عدوٍ لأمريكا إلى بائع في محطة للمحروقات. هذا ما انتهى إليه أمين عام حزب الله حسن نصرالله.
في إطلالته اليوم (الخميس) لم يكن نصرالله يستعرض عناصر مليشياته، ولا آلاف الصواريخ التي تمتلكها، ولم يتحدث عن مرفأ حيفا ولا ما بعد حيفا، ولا حتى عن مستوطنة كريات شمونة الملاصقة للسياج الحدودي مع قرى الجنوب اللبناني.
لقد كان نصرالله في إطلالته كباقي اللبنانيين يقف في طابور السيارات أمام محطات البنزين، وفي أحسن الأحوال كان يتصرف كصاحب محطة محروقات يُهدّئ الناس المحتشدة بالطابور، ويطمئنها أنه سيبيعها المازوت والبنزين.
لقد بات خطاب نصرالله محصوراً بالباخرة الإيرانية التي منذ فترة يضرب لها العديد من المواعيد، انطلقت الباخرة من طهران فبشراكم أيها اللبنانيون سنحل أزماتكم بالإعلان كما حققنا كل انتصاراتنا بالإعلان، فالصواريخ التي نُخزنها لم يعد لها نفع في هذا الزمن الحقير.
نصرالله في كلمته بدا مربكاً ككل اللبنانيين يحمل في يده «غالوناً فارغاً» منتقلاً من محطة إلى أخرى، ومن تاجر لآخر علّه يملؤه ليتنقل بسيارته الفارغة من البنزين.
ما يمكن استخلاصه من كلام نصرالله أن آلام لبنان ليست على موعد مع الشفاء بل تحتاج إلى زمن طويل، وأن من يعتقل لبنان مصمم على اعتقاله حتى لو احترق المعتقل بالمعتقل والأسير، وأنّ أوجاع هذا البلد الصغير أكبر من حجمه ولم يعد ينفع بعلاجها وصفة صديق أو قريب.
لبنان الأمس قد توفي وشُيّع ودُفن فلا أمل بعودته وإن ذُرفت عليه الدموع وانتحبت فوق قبره النسوة ولطمنَ وجوههنّ من الحزن الكبير.
لبنان الأمس انتهى، واليوم هو لبنان حسن نصرالله القابع على باخرة إيرانية لن تعرف إلى لبنان الطريق.
لبنان اليوم فاقد لكل شيء إلا خطابات السيّد الزعيم.