أيمن الظواهري.
أيمن الظواهري.
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
لم تكن إطلالة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في الذكرى العشرين لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر مستغربة، فالمفاجآت التي تصابح وتماسي العالم ليست وليدة صدفة، ولا عادية، وليس الزي الذي تعمد الظواهري ارتداءه تقليدياً وعفوياً، ما يفاقم الأسئلة على ذهن المتابع، في محاولة للكشف عن موقع إطلالة «مُنظّر القاعدة التكفيري» لتتنوع الإجابات، وتتعدد الاحتمالات، وترشح معلومات منها ما كشفته الوثائق الدولية، إثر ردة الفعل الأمريكية الغاضبة على أفغانستان، باعتبارها منطلقاً لهجمات 11 سبتمبر 2001، حينها أذنت إيران لقيادات «القاعدة» باللجوء إليها، ليتوفّر لها بمقتل زعيمها السابق أسامة بن لادن مأوى يقاسمها الهوى والهوية المتطرفة. وإن كان الغرام المشبوه بين التنظيم والنظام قديما منذ ظهور جماعة الإخوان، وتواصلها في الأربعينات من القرن الماضي، واستقدام طلاب وموفدين لتدجين الأدمغة مبكراً بأدبيات العنف، وفي عام 2011، اتفقت إيران والقاعدة على إطلاق سراح عدد من الأعضاء البارزين في التنظيم، بينهم حمزة نجل بن لادن، مقابل دبلوماسي إيراني اختطف في باكستان عام 2008، تلاه في 2015 تبادل أسرى شمل دبلوماسياً إيرانياً أسره تنظيم القاعدة في اليمن عام 2013.

وكشف وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو في خطاب له في يناير الماضي أن القاعدة تتخذ من إيران قاعدة جديدة لعملياتها، ما يؤكد عِلم الأمريكان بعمق العلاقة وحجم التعاون بين تنظيم القاعدة وإيران، وتوظيفها بدفع الطرفين لمواصلة التحالف برغم الخلاف الأيديولوجي المحتدم على المستوى العقائدي. ومن المثير أن يصف بومبيو إيران بـ«بيت تنظيم القاعدة الجديد»، مؤكداً في خطابه بنادي الصحافة الوطني بالعاصمة واشنطن أن العلاقة التعاونية بين إيران والقاعدة طوال 30 عاماً ارتقت للتحالف. وقرّرت إيران عام 2015 «السماح للقاعدة بتدشين مقارّ عمليات» على أراضيها، وأصبحت الجماعة الإرهابية الآن «تعمل تحت حماية النظام الإيراني».


وتضمن تقرير «لجنة 11 سبتمبر» وجود نمط من التنسيق بين إيران والقاعدة وعدّه من الحقائق الراسخة، مشيراً إلى أن التسعينات شهدت سفر أعضاء ومدرِّبين بارزين في القاعدة إلى إيران لتلقي تدريبات على المتفجرات، فيما تلقّى آخرون التوجيه والتدريب من حزب الله في لبنان، وفي الفترة السابقة لهجمات 11 سبتمبر، عبر عدد من مختطفي الطائرة من أتباع تنظيم القاعدة الأراضي الإيرانية، وكشف التقرير أن «الانقسامات السنية الشيعية لم تُشكِّل عائقاً قاهراً أمام التعاون في العمليات الإرهابية» بين القاعدة وإيران.

ويرجّح خبراء أن إيران مصرّة على منح قادة القاعدة حق الإقامة لتضمن ألا تشن القاعدة هجمات ضدها. ليقينها أن أعضاء القاعدة يُكنّون ضغينة عميقة في نفوسهم تجاه الإيرانيين، ما يحقق أماناً احتياطياً للنظام الإيراني باستقطاب القيادات وتمويلهم بأموال وكوادر لتنفيذ أهداف مشتركة، ويتمتع نائب الظواهري سيف العدل بمساحة من الحرية تفوق ما يحلم به أي إرهابي متمرس. ويترقّب المنصفون تحميل النظام الإيراني مسؤولية إيواء ودعم نشاط القاعدة وانطلاقها من أراضيها. ويلفت اهتمام إيران بالقاعدة إلى عمق العلاقة بجماعة الإخوان الإرهابية منذ منتصف القرن الميلادي السابق. ويذهب الإخواني السابق الدكتور ثروت الخرباوي إلى أن العلاقة بين إيران والإخوان بدأت في أغسطس من العام 1934، إذ رفض حسن البنا الاستماع لنصيحة شيخه وأستاذه محمد رشيد رضا بالبعد عن إيران، ليستضيف عام 1938 الشاب الإيراني روح الله السيد مصطفى موسوي، الذي هو الخميني. وبدأ التنسيق بين الجماعة وإيران، وزار تقي الدين القمي مصر عام 1939 واستقر في منطقة الزمالك ما تسبب في اتهام البنا بالخيانة والعمالة والتآمر لتلقيه تمويلاً من إيران. وكشف الخرباوي أن التنسيق بين الإخوان والإيرانيين ظل متواصلاً إلى عام 1979، لتقوم الجماعة بدفع المجموعات الطلابية بتأييد الثورة الإيرانية، عبر مظاهرات حاشدة بتعليمات من قادة جماعة الإخوان.