تتدحرج كرة المحقق العدلي في جريمة مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار ككرة النار، بعدما تعرض لأكثر من حصار سياسي ومحاولات عدة لـ «كف يده» عن التحقيقات، فأحرقت كرة النار في بادئ الأمر مجلس الوزراء الذي توقف عن الانعقاد بفعل شرط «المقايضة» الذي وضعه «حزب الله» أو الثنائي الشيعي كمدخل للحل المنشود (إقالة البيطار أو كف يده مقابل عودة الحكومة للالتئام)، وأحرقت أيضا أرباب السلطة الذين يقفون عاجزين أمام الحل، فأي قرار لا يصب في مصلحة البيطار أو التحقيقات سيتحول إلى لعنة عليهم من قبل الشعب اللبناني والعالم، وأي قرار سيطمس الدلائل والمتورطين في الجريمة سيتحول إلى لعنة عليهم من قبل حزب الله.
حزب الله الذي يخوض معركة علنية ومفتوحة مع القضاء «المتمرد» عليه، لم يترك أمينه العام حسن نصرالله مناسبة إلا ووبخ فيها القضاء، وآخرها الهيئة العامة لمحكمة التمييز على قرارها رد الدعاوى المقدمة من المدعى عليهم لتنحية المحقق العدلي، متهما إياها «بالتسييس والاستنسابية»، حتى بلغ توبيخه للقضاء حدود «التخوين» في إشارته إلى أن «أحداً من القضاة لا يجرؤ على اتخاذ إجراء بحق البيطار الذي تقف خلفه الولايات المتحدة ممثلة بسفارتها في بيروت».
ريفي: حزب الله يثبت الجريمة على نفسه
وفي تصريحات لـ «عكاظ» قال وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي: مهما توهم الفريق الآخر أنه قادر على عرقلة التحقيق أو «قبع» المحقق العدلي، فالجريمة أكبر من أن يتمكن حزب أو فريق من محوها من أذهان اللبنانيين أو أن يطفئ اندفاع اللبنانيين لتحقيق العدالة.
وعن زج اسم الوزير ريفي في ملف الجريمة من خلال مراسلة مسربة، فأوضح بقوله: سبق وأعلنت أن استدعيت للتحقيق كوزير سابق للعدل وأعطيت إفادتي أمام المحقق الأول فادي صوان بكل حرية دون تردد أو طلب حصانة، وأدليت بها كخبير أمني، وما زلت حاضرا لأي استفسار جديد.
وعن المراسلة المسربة أفاد ريفي: عندما دخلت النيترات كنت قد تقاعدت واللواء وسام الحسن كان قد استشهد. لافتا إلى أن زج اسمه في الملف ليس أمراً عرضياً، فبعد اتهام المحقق البيطار بالاستنسابية، وجهوا له انتقادات أنه يقوم باستدعاء أسماء دون سواها وذكروا اسمي، فأجبت أنني دُعيت للتحقيق كوزير للعدل واستجبت للقضاء دون تردد.
ويضيف: هناك هدف من الإصرار على زج اسمي، وهو إسكاتي، فأمام هول جريمة ضد الإنسانية لن أتخلى عن واجبي بالوقوف إلى جانب أهالي الضحايا لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة.
وشدد على أنه لا يمكن بناء وطن دون عدالة، وبفعل حالة الإرباك التي يعيشها حزب الله وحلفاؤه الإقليميون (النظام السوري والحرس الثوري الإيراني) يسعى لعرقلة العدالة، بداية عبر كف يد المحقق الأول والسعي حالياً لكف يد البيطار، وكاد المريب أن يقول خذوني.
ولفت إلى أن هناك مبدئين أساسيين يجب التوقف عندهما، من المستفيد من الجريمة؟ ومن القادر على تنفيذها؟.. فلو كان حزب الله بريئا ليترك القضاء والتحقيقات تأخذ مجراها، وبعد صدور القرار الاتهامي فليحكم إن كان المسار طبيعياً أو منحرفا. ما يحدث مع الحزب أنه يثبّت على نفسه دوره في الجريمة رغم أن العالم كله يعرف أن له دور، ونحن نعرف من أتى بالنيترات.
أبلغ الرئيس اللبناني ميشال عون كلا من رئيس البرلمان نبيه بري، وحزب الله رفضه أي إجراء بحق البيطار من جانب مجلس الوزراء أو وزير العدل (صاحب الصلاحية في تعيين المحقق العدلي بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى)، وينصب التركيز على دور مجلس النواب، إذ تجرى اتصالات ووساطات مع التيار العوني الذي رفض إلى جانب القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي ونواب مستقلون التصويت على العريضة النيابية في أغسطس الماضي والمتعلقة بطلب اتهام وإذن بالملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بعد الادعاءات التي صدرت من المحققين العدليين (السابق والحالي) بحق رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين.
وكشفت مصادر سياسية خاصة لـ «عكاظ»، عن اتصالات لحث التيار العوني بشكل خاص على المشاركة في جلسة من المرتقب أن يدعو إليها بري في حال تأمنت الأكثرية بهدف نقل الملف من يد المحقق العدلي إلى لجنة تحقيق نيابية أو رد طلب الاتهام لعدم توافر الشبهات، مقابل «استئناف جلسات الحكومة بمشاركة» أمل وحزب الله.
حزب الله ينتظر أن تنجز الطبخة لعودة الحكومة إلى استئناف جلساتها دون أن يكون الطرف الذي تراجع عن قراره، إلا أن الصيغة المطروحة حاليا تواجه عقبات في «العدلية» إزاء «الصيغة أو التخريجة» التي تقوم على مبادرة النيابة العامة التمييزية بإرسال كتاب لمجلس النواب تطلب فيه تفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء للتحقيق مع المطلوبين أمام المحقق العدلي، ما يفتح الباب أمام عدم كف يد البيطار عن الملف، مقابل إخراج النواب والوزراء ورئيس الحكومة السابق حسان دياب من دائرة اختصاص البيطار.
وفقاً للمعطيات، فإن النزاع المرتفع اللهجة بين القضاء وحزب الله، سيؤدي بالجميع في المواجهة الحالية إلى حدود اللا عودة، لذلك ووفقا للمصادر السياسية، فإن الحزب بدأ يفكر بأثمان معركته ضد البيطار، هل سيؤدي إلى سقوط تحالفه مع التيار الوطني الحر؟ أو فرط الحكومة التي تحمل هويته واسمه؟.
وأضافت المصادر: الجميع تخطوا الخطوط الحمراء وعليهم التوقف في هذه المواجهة، إذ إنهم يعملون عن دراية أو غير دراية على وضع البلد بكامله على حافة المجهول، لذلك فإن السعي جار للعثور على مخرج توافقي يرضي القضاء والمعترضين عليه، مخرج بين استمرار الحكومة وبقاء البيطار في الوقت نفسه، على قاعدة أن يُنزَع من البيطار ملف الادّعاء على حسان دياب وبعض الوزراء السابقين، لتتمّ إحالته الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء احتراماً لصلاحيات مجلس النواب ودوره.
التحقيقات محاصرة بالضغوطات
وفقاً لقرار محكمة التمييز التي ردت الدعاوى المقدمة ضد البيطار أعطت المحقق والتحقيقات دفعا للاستئناف، إلا أنه في الواقع لا تقدم يسجل في قادم الأيام في مسار التحقيقات التي قد تواجه المزيد من الضغوطات بفعل التدخلات السياسية التي لن تهدأ، والتي ستعمل منهمكة في سبيل إيجاد وسيلة لكف يد البيطار مجددا، ما قد يؤدي إلى تعميق الانقسام الداخلي الطائفي والسياسي الحاد في بلد مأزوم، إذ بات الفرقاء منقسمين بين من يؤكد استقلالية المحقق العدلي وصوابية قراراته وعلى عدم التدخل السياسي في عمله، وبين من يعتبره مسيّساً. هذا التباين الحاد لن يؤدي بحال من الأحوال إلى كشف حقيقة تفجير مرفأ بيروت.
مصير البيطار ومخرج الأزمة
حزب الله الذي يخوض معركة علنية ومفتوحة مع القضاء «المتمرد» عليه، لم يترك أمينه العام حسن نصرالله مناسبة إلا ووبخ فيها القضاء، وآخرها الهيئة العامة لمحكمة التمييز على قرارها رد الدعاوى المقدمة من المدعى عليهم لتنحية المحقق العدلي، متهما إياها «بالتسييس والاستنسابية»، حتى بلغ توبيخه للقضاء حدود «التخوين» في إشارته إلى أن «أحداً من القضاة لا يجرؤ على اتخاذ إجراء بحق البيطار الذي تقف خلفه الولايات المتحدة ممثلة بسفارتها في بيروت».
ريفي: حزب الله يثبت الجريمة على نفسه
وفي تصريحات لـ «عكاظ» قال وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي: مهما توهم الفريق الآخر أنه قادر على عرقلة التحقيق أو «قبع» المحقق العدلي، فالجريمة أكبر من أن يتمكن حزب أو فريق من محوها من أذهان اللبنانيين أو أن يطفئ اندفاع اللبنانيين لتحقيق العدالة.
وعن زج اسم الوزير ريفي في ملف الجريمة من خلال مراسلة مسربة، فأوضح بقوله: سبق وأعلنت أن استدعيت للتحقيق كوزير سابق للعدل وأعطيت إفادتي أمام المحقق الأول فادي صوان بكل حرية دون تردد أو طلب حصانة، وأدليت بها كخبير أمني، وما زلت حاضرا لأي استفسار جديد.
وعن المراسلة المسربة أفاد ريفي: عندما دخلت النيترات كنت قد تقاعدت واللواء وسام الحسن كان قد استشهد. لافتا إلى أن زج اسمه في الملف ليس أمراً عرضياً، فبعد اتهام المحقق البيطار بالاستنسابية، وجهوا له انتقادات أنه يقوم باستدعاء أسماء دون سواها وذكروا اسمي، فأجبت أنني دُعيت للتحقيق كوزير للعدل واستجبت للقضاء دون تردد.
ويضيف: هناك هدف من الإصرار على زج اسمي، وهو إسكاتي، فأمام هول جريمة ضد الإنسانية لن أتخلى عن واجبي بالوقوف إلى جانب أهالي الضحايا لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة.
وشدد على أنه لا يمكن بناء وطن دون عدالة، وبفعل حالة الإرباك التي يعيشها حزب الله وحلفاؤه الإقليميون (النظام السوري والحرس الثوري الإيراني) يسعى لعرقلة العدالة، بداية عبر كف يد المحقق الأول والسعي حالياً لكف يد البيطار، وكاد المريب أن يقول خذوني.
ولفت إلى أن هناك مبدئين أساسيين يجب التوقف عندهما، من المستفيد من الجريمة؟ ومن القادر على تنفيذها؟.. فلو كان حزب الله بريئا ليترك القضاء والتحقيقات تأخذ مجراها، وبعد صدور القرار الاتهامي فليحكم إن كان المسار طبيعياً أو منحرفا. ما يحدث مع الحزب أنه يثبّت على نفسه دوره في الجريمة رغم أن العالم كله يعرف أن له دور، ونحن نعرف من أتى بالنيترات.
أبلغ الرئيس اللبناني ميشال عون كلا من رئيس البرلمان نبيه بري، وحزب الله رفضه أي إجراء بحق البيطار من جانب مجلس الوزراء أو وزير العدل (صاحب الصلاحية في تعيين المحقق العدلي بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى)، وينصب التركيز على دور مجلس النواب، إذ تجرى اتصالات ووساطات مع التيار العوني الذي رفض إلى جانب القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي ونواب مستقلون التصويت على العريضة النيابية في أغسطس الماضي والمتعلقة بطلب اتهام وإذن بالملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بعد الادعاءات التي صدرت من المحققين العدليين (السابق والحالي) بحق رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين.
وكشفت مصادر سياسية خاصة لـ «عكاظ»، عن اتصالات لحث التيار العوني بشكل خاص على المشاركة في جلسة من المرتقب أن يدعو إليها بري في حال تأمنت الأكثرية بهدف نقل الملف من يد المحقق العدلي إلى لجنة تحقيق نيابية أو رد طلب الاتهام لعدم توافر الشبهات، مقابل «استئناف جلسات الحكومة بمشاركة» أمل وحزب الله.
حزب الله ينتظر أن تنجز الطبخة لعودة الحكومة إلى استئناف جلساتها دون أن يكون الطرف الذي تراجع عن قراره، إلا أن الصيغة المطروحة حاليا تواجه عقبات في «العدلية» إزاء «الصيغة أو التخريجة» التي تقوم على مبادرة النيابة العامة التمييزية بإرسال كتاب لمجلس النواب تطلب فيه تفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء للتحقيق مع المطلوبين أمام المحقق العدلي، ما يفتح الباب أمام عدم كف يد البيطار عن الملف، مقابل إخراج النواب والوزراء ورئيس الحكومة السابق حسان دياب من دائرة اختصاص البيطار.
وفقاً للمعطيات، فإن النزاع المرتفع اللهجة بين القضاء وحزب الله، سيؤدي بالجميع في المواجهة الحالية إلى حدود اللا عودة، لذلك ووفقا للمصادر السياسية، فإن الحزب بدأ يفكر بأثمان معركته ضد البيطار، هل سيؤدي إلى سقوط تحالفه مع التيار الوطني الحر؟ أو فرط الحكومة التي تحمل هويته واسمه؟.
وأضافت المصادر: الجميع تخطوا الخطوط الحمراء وعليهم التوقف في هذه المواجهة، إذ إنهم يعملون عن دراية أو غير دراية على وضع البلد بكامله على حافة المجهول، لذلك فإن السعي جار للعثور على مخرج توافقي يرضي القضاء والمعترضين عليه، مخرج بين استمرار الحكومة وبقاء البيطار في الوقت نفسه، على قاعدة أن يُنزَع من البيطار ملف الادّعاء على حسان دياب وبعض الوزراء السابقين، لتتمّ إحالته الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء احتراماً لصلاحيات مجلس النواب ودوره.
التحقيقات محاصرة بالضغوطات
وفقاً لقرار محكمة التمييز التي ردت الدعاوى المقدمة ضد البيطار أعطت المحقق والتحقيقات دفعا للاستئناف، إلا أنه في الواقع لا تقدم يسجل في قادم الأيام في مسار التحقيقات التي قد تواجه المزيد من الضغوطات بفعل التدخلات السياسية التي لن تهدأ، والتي ستعمل منهمكة في سبيل إيجاد وسيلة لكف يد البيطار مجددا، ما قد يؤدي إلى تعميق الانقسام الداخلي الطائفي والسياسي الحاد في بلد مأزوم، إذ بات الفرقاء منقسمين بين من يؤكد استقلالية المحقق العدلي وصوابية قراراته وعلى عدم التدخل السياسي في عمله، وبين من يعتبره مسيّساً. هذا التباين الحاد لن يؤدي بحال من الأحوال إلى كشف حقيقة تفجير مرفأ بيروت.
مصير البيطار ومخرج الأزمة