-A +A
«عكاظ» (إسطنبول) okaz_online@
عبر الشاعر العربي أبو الأسود الدؤلي عن الرياء في المواقف والنفاق في بيته الشهير «لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم». ينطبق هذا البيت على الممارسات الكندية بحق المتظاهرين السلميين ضد الإجراءات التي تنوي السلطات فرضها على المواطنين لأخذ لقاحات فايروس كورونا.

الاحتجاجات التي فجرها سائقو الشاحنات بين الولايات المتحدة وكندا إثر فرض اللقاح ضد (كوفيد-19) أخذت شكلا واسعا لتعم شوارع العاصمة أوتاوا، الأمر الذي دفع السلطات الكندية إلى الاعتقالات والقمع العنيف لهذه المظاهرات بالغاز المسيل للدموع والبطش بحق المتظاهرين رغم سلميتهم.


موقف الحكومة الكندية التي تدعي الديموقراطية وحقوق الإنسان انكشف بشكل فاضح من خلال رد الفعل العنيف تجاه المتظاهرين، الأمر الذي دعا منظمات حقوق الإنسان إلى إدانة ممارسات السلطات الكندية ضد المتظاهرين، واعتباره يشل الديموقراطية التي تدعيها حكومة ترودو. وفي خطوة تصعيدية ضد المتظاهرين السلميين، اعتبر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن هذه المظاهرات لم تعد سلمية، في إشارة إلى التصعيد الأمني ضد المتظاهرين واستمرار القمع، الأمر الذي لم تشهده كندا منذ الحرب العالمية الثانية بحسب مراقبين.

تطورت الاحتجاجات وأصبحت ندية للسلطات الأمنية التي اعتمدت منذ البداية أسلوب القمع والترويع، وفي توسع للأزمة التي تعاني منها كندا اتجه مجلس العموم الأسبوع الماضي إلى تطبيق قانون إجراءات الطوارئ الذي فعّله ترودو في وقت سابق لوضع حد لعمليات قطع الطرقات «غير القانونية» الجارية، بحسب قوله.

ولعل هذا الإجراء هو الثاني من نوعه في تاريخ كندا في وقت السلم، إذ فعلت السلطة قانون الطوارئ للمرة الثانية منذ عام 1970 في كيبيك، ويثير القانون الذي يسمح باتخاذ إجراءات غير عادية احتجاجات كبيرة من المعارضة المحافظة.

بدوره، وصف وزير الأمن العام ماركو مينديسينو الوضع بأنه «هش»، محذرا من أن «العرقلة غير القانونية على الحدود» كلفت الاقتصاد الكندي مليارات الدولارات بسبب السياسات الخرقاء التي يتبعها ترودو والتي أودت بالبلاد إلى منزلق خطير في ما يتعلق بالديموقراطية وتأثيرات الاحتجاجات الاقتصادية على البلاد.

إن الحديث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان سهل جدا، إلا أن التطبيق هو الاختبار الحقيقي لكل المقولات والادعاءات، فكندا التي تتباهى بالديموقراطية تسقط وتهوي بسرعة أمام شعبها الرافض لسياسات الحكومة، وكانت النتيجة الرد بقسوة على متظاهرين سلميين طالبوا بشكل ديموقراطي بفرض الإجراءات الطبية في ما يتعلق بلقاحات «كورونا».