اعتبرت صحيفة «لاكروا» الفرنسية أن التقدم «الملحوظ» في المفاوضات الروسية الأوكرانية التي عقدت (الثلاثاء) في إسطنبول مع وجود بعض الحذر يعني أن أملا في السلام يشرق لأول مرة في هذا الصراع الذي استمر 5 أسابيع حتى الآن، بعد أن أعلن قبول أوكرانيا مبدأ الحياد مقابل «اتفاقية دولية» تضمن أمنها تحت رعاية العديد من الدول.
ولفتت الصحيفة إلى أن كبير المفاوضين الأوكرانيين ديفيد أراخامية أعلن بعد 3 ساعات من المحادثات قبول كييف مبدأ الحياد مقابل «اتفاقية دولية» تضمن أمنها تحت رعاية العديد من الدول، وبموجبه تتعهد بعدم استضافة «أي قاعدة عسكرية أجنبية» على أراضيها وبعدم الانضمام إلى «أي تحالف عسكري سياسي»، بدءا بحلف شمال الأطلسي، دون أن يقدم أي تفاصيل أخرى في هذه المرحلة.
وقال أحد الأطراف الأوكرانية «نريد آلية دولية للضمانات الأمنية حيث تعمل الدول الضامنة بطريقة مماثلة للمادة 5 لحلف شمال الأطلسي أو بطريقة أكثر صرامة»، علما أن تلك المادة تنص على أن الهجوم على أحد أعضائها هو اعتداء على الجميع.
وسمت كييف عدة دول ضامنة، هي الولايات المتحدة والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، إضافة إلى تركيا وألمانيا وبولندا وإسرائيل، معتبرة أن هذا الحياد لا يمنع تنظيم مناورات عسكرية في أوكرانيا بموافقة هؤلاء الضامنين، وطالبت بأن لا تحظر الاتفاقية الدولية بأي حال دخول أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، وأن يلتزم الضامنون بالمساهمة في هذه العملية.
وطرحت «لاكروا» 3 أسئلة تلخص ماهية المفاوضات الحالية:
أولا: ما وضع دونباس وشبه جزيرة القرم؟
أفاد عضو الوفد الأوكراني المفاوض ديفيد أراخامية أنه من أجل أن تصبح هذه الضمانات سارية المفعول في أسرع وقت ممكن، فإن أراضي القرم ودونباس الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا سيتم «استبعادها مؤقتا» من الاتفاقية.
ورأى أن الظروف بعد هذه المحادثات «كافية» لعقد اجتماع قمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن «هذا هو أهم تقدم منذ بدء المفاوضات»، وأضاف أن «وزيري خارجية البلدين سوف يجتمعان لحل أصعب القضايا».
ثانيا: ما سبب تغيير روسيا موقفها؟
أما الموقف الجديد للكرملين وإعلان موسكو أنها تريد إعادة تركيز عملها العسكري على مناطق دونباس الانفصالية الناطقة بالروسية، وتعهدها بتقليص نشاطها العسكري «بشكل جذري» في منطقتي كييف وتشيرنيهيف إبداء لحسن النية، فقد فسّرته الصحيفة بالصعوبات التي يواجهها الجيش الروسي في مواجهة المقاومة غير المتوقعة للقوات الأوكرانية، جنبا إلى جنب مع حجم العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضها الغرب.
ثالثا: هل لهذا التقدم آثار على الجبهة؟
رغم هذا التقدم فإن الحذر يبقى سيد الموقف خصوصا أن واشنطن تقول إنها لا ترى مؤشرات على «جدية حقيقية» من قبل روسيا في المحادثات، وأن الإعلان رسميا عن وقف إطلاق النار لم يتم بعد، بل إن القوات الروسية تواصل القتال على الأراضي الأوكرانية. وانتهت الصحيفة الفرنسية إلى أن هناك حذرا شديدا من قبل الغربيين بشأن نتائج المفاوضات، مدللة على ذلك بما يمارسونه من ضغوط قوية على الكرملين، حتى إن عدة عواصم أوروبية أعلنت أثناء المفاوضات في إسطنبول طرد دبلوماسيين روس متهمين بالتجسس، إذ طردت بلجيكا 21 وهولندا 17 وأيرلندا 4.