-A +A
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@
سرديّة الزعيم عند السُنّة منذ عام 2017، كانت سرديّة خوف إن أردنا تجنّب عبارة تواطؤ، فمواجهة «حزب السلاح» ومليشياته وفقاً لسرديّة الزعيم ستؤدّي إلى تهجير السُنّة في لبنان تماماً كما هُجّر سُنّة سورية والعراق، فكان هذا الخوف الملتبس مع التواطؤ بوابة لتقديم التنازلات للحزب وحلفائه الصغير منهم والكبير، حتى قال جبران باسيل مرة «كان يعطينا أكثر مما نطلب منه».

بعد فشل سرديّة الخوف والتنازلات والمحاصصة، انتقل الزعيم إلى سرديّة المقاطعة للانتخابات النيابية، هي سرديّة تلامس التحالف مع «حزب الله» وحلفائه.


بمواجهة سرديّة الزعيم كان لسُنّة لبنان بكافة تلوناتهم رجال دين، وجمعيات مدنية ومؤسسات، سرديّة مختلفة مؤكّدين أنهم لن يسلموا، ولن يستسلموا بل ذاهبون إلى صناديق الاقتراع وهكذا فعلوا.

هُزم حلف المقاطعة وحزب الله، وأرست النتائج معادلة جديدة «سُنّة لبنان حصلوا على حريتهم وحزب الله فقد الأكثرية في البرلمان». في مدينة صيدا عاصمة الجنوب، سقطت المقاطعة دون أي جدال، فانتصرت لائحة النائب أسامة سعد المشتبك مع حزب الله منذ ثورة 17 أكتوبر. فما حققه أسامة سعد وحلفاؤه في صيدا كان من الممكن أن ينقلب هزيمة شاملة لو نجحت المقاطعة التي كانت ستُمكّن حزب الله من اكتساح المدينة الجنوبية انتخابياً، كما اكتسحها عسكرياً عندما ورط الشيخ أحمد الأسير في الاشتباك مع الجيش اللبناني.

أما في طرابلس عاصمة الشمال فقد تمكّن أبناؤها من إسقاط مرشح حزب الله لرئاسة الحكومة النائب فيصل كرامي، ومن الانتصار لخصم حزب الله اللواء أشرف ريفي، فيما كانت المقاطعة لو نجحت ستمكّن حلفاء الحزب من مقاعد المدينة الـ11 في البرلمان.

أما في بيروت العاصمة لكل لبنان، كان الحديث السائد قبل العملية الانتخابية أنّ لائحة الحزب ستحصد 6 مقاعد، فيما ستذهب بقية المقاعد الـ12 لحلفاء الحزب من أحباش وقوميين، إلا أنّ انتفاض أهل بيروت وتحديداً السُنّة الذين يشكلون الأكثرية وذهابهم بكثافة إلى صناديق الاقتراع، أسقط خطة حزب السلاح وكاد أن يحرجه إحراجاً كبيراً، لولا وجود ما يفوق الـ4000 ورقة ملغاة في صناديق الانتخاب.

انتصر الناس، وتحديداً سُنّة لبنان، على الحلف الداعي للمقاطعة مع حزب الله، فالمقاطعة لم يكن هدفها تعرية الحزب بقدر ما كان هدفها تسليم الحواضن السنّية اللبنانية للحزب.

حمل كتاب صدر، أخيراً، لنائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي كان من عداد الراسبين في الانتخابات عنواناً يقول: «أجمل التاريخ يكتب غداً» عنوان صادق لواقع سُنّة لبنان اليوم فأجمل تاريخهم كُتب غداً حيث تحرروا من هيمنة الحزب والزعيم، منطلقين في أفق الوطن، مجددين عزمهم على محاربة إلغائهم وإقصائهم عن المعادلة السياسية الوطنية، التي لطالما كانوا فيها مؤسسين وفاعلين ومطورين.