كلف الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم (الخميس) نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الأخيرة في عهده، وذلك ختام يوم الاستشارات النيابية الملزمة التي حصل فيها رئيس الحكومة المكلف على ٥٤ صوتاً من أصل 128، فيما امتنع 46 عن تسمية رئيس الحكومة وذهب 25 صوتاً لصالح منافسه مندوب لبنان في الأمم المتحدة نواف سلام، وصوت واحد لصالح روعة حلاب، وغاب صوت واحد.
وانتهت مراسم التكليف بهدوء حذر، إلا أن تصريح الكتل النيابية يوحي بأن مراسم أو مخاض التأليف سيكون عسيراً، خصوصاً بعدما كُسرت الجرة على العلن بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وصهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل الذي كان واضحا جدا في تصريحه من قصر بعبدا وتأكيده أن ميقاتي غير قادر على تلبية الشروط التي تخوله تشكيل آخر حكومات العهد، واضعاً آخر العصي في دواليب الحكومة العتيدة التي يبدو أنها لن تبصر النور، فطالبه بالإصلاحات وترسيم الحدود وخطة التعافي وقضية المرفأ وقضية حاكم مصرف لبنان، إضافة إلى تحميله مسؤولية خلق الأجواء المواتية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والحصول على التزام من الأكثرية التي ستعطيه الثقة لإقرار قوانين ملحة ومعالجة قضايا الناس اليومية الملحّة وتسيير أمور الدولة.
ورد ميقاتي من المنبر نفسه في بعبدا بعد تلاوة مراسم تكليفه، إذ قال: «هذا التكليف يحملني مسؤولية مضاعفة»، داعياً الجميع للتعاون على إنقاذ لبنان وانتشال شعبه مما يتخبط فيه بكل صدق وتجرد وإخلاص.
وأضاف ميقاتي: «أمدّ يدي للجميع من دون استثناء بإرادة طيبة لأن البلاد بحاجة لنا جميعا ولن تنفعنا أنانيتنا وحساباتنا إن خسرنا الوطن، لذلك يجب أن نضع خلافاتنا جانبا وأن ننكب على إنقاذ شعبنا كهدف واحد لأننا لم نعد نملك ترف الوقت والغرق بالشروط والمطالب، فقد خسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الصديقة والشقيقة التي طالبتنا بمساعدة أنفسنا لمساعدتنا».
وحذر رئيس الحكومة المكلفة من عدم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قائلاً: «من دون اتفاق مع صندوق النقد الدولي لن تكون فرص الانقاذ متاحة للبنان»، داعيا كل القوى السياسية إلى تحمل المسؤولية التاريخية والتعاون لاستكمال مسيرة الإنقاذ.
وتبين التصريحات التي أطلقها رئيس الحكومة وكذلك تصريحات صهر الرئيس عون أن المرحلة المقبلة ستحمل عنواناً واحداً لا غير وهو «تكليف من دون تأليف»، وعلى القاعدة التي انتهجها الرئيس عون مراراً، كون الحكومة تتعارض مع الأهواء الشخصية لباسيل ولذا لن تكون كما يراد لها بل سينتهي العهد بعد 4 أشهر دون حكومة أصيلة. وستقتصر عملية التأليف على بعض الزيارات التي سيقوم بها ميقاتي الى قصر بعبدا حاملاً عددا من التشكيلات في يده، من دون أن يحظى بتوقيعٍ من رئيس الجمهورية.
وكل ذلك يؤكد أن السيناريو الذي ينتظر لبنان في مقبل الأيام وحتى انتهاء العهد بات واضح المعالم سوى بعض التعديلات الطفيفة التي سيجريها ميقاتي على حكومته الحالية ليضمن بقاءها بجميع أعضائها كحكومة تصريف الأعمال.