نشب خلاف جديد بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان، بعد اغتيال وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) زعيم تنظيم القاعدة في أفغانستان أيمن الظواهري، حيث كان يقيم هناك. واتهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن «طالبان» بعدم الالتزام باتفاق الدوحة الذي يقضي بعدم دعم المنظمات الإرهابية، أو إيواء عناصر من القاعدة على الأراضي الأفغانية.
جاءت عملية اغتيال الظاهري أمرا محرجا لحركة طالبان التي ترتبط مع القاعدة بعلاقة وثيقة، على المستوى الأيديولوجي وعلى المستوى الشخصي، حتى أن موقف «طالبان» لم يعكس الموقف من هذه العملية، خصوصا أن العملية جرت في أحد أفخم الأحياء الأفغانية القريب من الحي الدبلوماسي، ما يشير إلى أن «طالبان» هي التي رتبت إقامة الظواهري، الذي جلب زوجته للعيش معه بعد ثلاثة أشهر من تولي «طالبان» حكم أفغانستان.
وعلى الأرجح أنه رغم الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، على عدم إيواء العناصر الإرهابية في أفغانستان، إلا أن الولايات المتحدة لا تأمن جانب الحركات الإسلامية المتلونة التي تتبادل الأدوار في كثير من الأحيان، ولذلك كانت عملية اغتيال الظواهري فاضحة للعلاقة الوثيقة بين هذه التنظيمات، وعدم الاطمئنان الأمريكي والغربي عموما لمثل هذه الحركات الإرهابية.
في إدلب شمال سورية، قدم ما يسمى المرجع الشرعي العام لهيئة تحرير الشام (تنظيم القاعدة السوري)، عبدالرحيم عطون (أبو عبدالله الشامي) تعازيه في مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وكتب عطون منشوراً على قناته الخاصة في «تليغرام» جاء فيه: «رحم الله الشيخ أيمن الظواهري وتقبله، ورفع درجته في المهديين».
وقد ظهرت العديد من الشخصيات المعزية بمقتل الظواهري، ما كشف عن خيط هذه الجماعات المتطرفة من اليمين إلى اليسار، إذ إن مثل هذه المواقف تكون كاشفة للأفكار والأيديولوجيات، ليظهر أن التيار الديني المتطرف ممتد إلى ما لا يمكن أن نتصوره، حيث شكل مقتل الظاهري نقطة فارقة في المواقف الحقيقية لما يسمى تيار الإسلام السياسي.
كان يمكن أن يكون أيمن الظواهري في إدلب، أو في منطقة من سورية تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، كما كان العديد من قيادات تنظيم داعش الإرهابي، وكان يمكن أن يكون أيضا إلى جانب أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام!
إذن نحن أمام مكاشفة جديدة لهذه الجماعات المتطرفة التي ما زالت تتوارى تحت شعارات حديثة، لكن جذر المسألة يعكس أنهم في مسار إرهابي واحد من أفغانستان إلى إدلب وربما أبعد من ذلك. اللافت أن العديد من الشخصيات الإخوانية في بريطانيا قدمت التعازي بمقتل الظواهري، وزعمت أنه مجاهد، وهذا أيضا يثير العديد من المخاوف حول الخلطة العجيبة لهذه التيارات الدينية، لدرجة أنه لا يمكن الفصل بين هذه التيارات على المستوى الفكري، ما يعني أن عملية الفصل باتت صعبة ومعقدة فكل من يعمل في إطار «الإسلام السياسي» هو مشروع متطرف مستقبلي، وبالتالي لا فرق بين «القاعدة» و«داعش» و«الإخوان»، ما زال الجذر واحدا.