على وقع الأزمة السياسية في العراق، ومع انتهاء المهلة التي منحها للأحزاب للتوقيع على خارطة الطريق الجديدة والتي بموجبها تمتنع كل القوى التي ظهرت بعد 2003 عن المشاركة في السلطة، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشكل مفاجئ اعتزاله نهائياً للعمل السياسي، وإغلاق كل المؤسسات الخاصة بتياره عدا المرقد والمتحف وهيئة التراث.
وقال الصدر في تغريدة له على «تويتر» اليوم (الإثنين) إن جميع قيادات التيار الصدري باتوا في حل من واجباتهم، «الكل في حل مني». وألمح إلى أن حياته قد تكون مهددة بسبب مشروعه الإصلاحي، مطالباً أنصاره بالدعاء له في حال مات أو قُتل.
فيما أعلنت اللجنة التنفيذية لاعتصامات التيار الصدري انتهاء سيطرتها على مظاهرات الشارع، ما يفتح المشهد العراقي على كل الاحتمالات. تزامن ذلك مع إعلان المساجد في مدينة الصدر النفير العام لأنصار التيار. ومنع مكتب الصدر أنصاره من رفع الأعلام والشعارات والهتافات السياسية باسم التيار، ومنع الحديث باسم التيار في وسائل الإعلام ومنصات التواصل، مغلقا جميع الحسابات.
وفيما يلتزم خصوم الصدر من تحالف «الإطار التنسيقي» الموالي لطهران الصمت، طوق أنصار التيار الصدري المعتصمون في المنطقة الخضراء القصر الجمهوري، وتصدت مكافحة الشغب لهم بخراطيم المياه وتم عزل وإغلاق المنطقة بالكامل ودعوة المتظاهرين للانسحاب الفوري.
ووفق شهود عيان، فإن أنصار التيار الصدري لن يتراجعوا عن مواقفهم في الشارع، إذ كشفت ردود فعل قيادات التيار على قرار الاعتزال عدم تراجعهم عن مواقفهم، وقال القيادي الصدري صباح الساعدي إن «الشعب مصدر السلطات وله القول الفصل».
وأغلق من يعرف بـ«وزير الصدر» صالح محمد العراقي جميع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد دقائق من إعلان الصدر العمل السياسي.
في غضون ذلك، عقدت الرئاسات الثلاث (الجمهورية برهم صالح، الحكومة مصطفى الكاظمي، والبرلمان محمد الحلبوسي)، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان اجتماعاً في قصر السلام ببغداد، بهدف إيجاد مخرج وحل للأزمة السياسية التي يشهدها العراق منذ أكثر من 10 أشهر.
وشدد بيان عقب الاجتماع على أن الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديموقراطي والدستوري في العراق هو واجب جميع العراقيين، كما هو واجب مؤسسات الدولة والقوى السياسية الوطنية، مؤكدا أن الحوار البنّاء هو الطريق السليم لإنهاء كل الخلافات الحالية حفاظاً على مقدرات البلاد.
وبحسب مراقبين عراقيين تحدثوا لـ«عكاظ»، فإن الأزمة السياسية في العراق مرشحة للاستمرار رغم اعتزال الصدر، ملمحين إلى أن أنصار التيار الصدري لن يتراجعوا عن مواقفهم حتى وإن رفع التيار الغطاء عنهم، فيما كشفت مصادر سياسية أن الصدر يواجه تهديدات خطيرة، مرجحين وقوف جهات إيرانية خلفها.