ما تزال جولة الحوار الوطني العراقي التي عقدت (الأحد) وغاب عنها التيار الصدري تثير التساؤلات رغم صمت الصدريين على التوافق بشأن حل البرلمان والعودة إلى الانتخابات المبكرة، بعد أن أدى اعتزال مقتدى الصدر الحياة السياسية، إلى تغيير أوراق اللعبة وبات تحالف «الإطار التنسيقي» الموالي لطهران قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على مقاليد الحكم، إذ لم يعد يواجه معارضة له في المشهد السياسي.
وكلاء إيران في العراق حسموا أمرهم ولم تعد تعنيهم الانتخابات المبكرة ما داموا سيحصدون الأغلبية دون معارضة تذكر، بحسب ما يرى برلمانيون تحدثوا لـ«عكاظ»، مؤكدين أن هدفهم الآن هو السيطرة على منصب رئيس الوزراء، لافتا إلى أن وجود صفة القائد العام للقوات المسلحة في شخص رئيس الحكومة جعل من المنصب ذا صلاحيات تنفيذية واسعة جدا، ما منحه أهمية تجعل منه أحد المناصب التي يحتدم عليها الصراع باستمرار.
واعتبر البرلمانيون أن أية تعديلات دستورية لن تمس الواقع الحالي في العراق، إذ إنه رغم تحديد الدستور صلاحيات رئيس الوزراء وجعله على قدر المساواة مع رئيس الجمهورية في بعض القرارات، مثل حل مجلس النواب وإعلان حالة الطوارئ، فإن توسع الصلاحيات يبقى أحد الأسباب التي تحفز القوى السياسية على الظفر بالمنصب.
ورغم خلو الساحة السياسية أمام وكلاء إيران في العراق، إلا أن هناك من يلمح لبروز مفاجآت في المعادلة العراقي، فالتيار الصدري رغم اعتزاله العمل السياسي ورفضه المشاركة في أية أنشطة سياسية، إلا أنه- في رأي هؤلاء- لن يقف مكتوف الأيدي في الصراع على رئاسة الوزراء، باعتباره مركز القرار التنفيذي المؤثر من مجموع السلطات الأربع في البلاد.
ويرى البرلمانيون أن السيطرة على رئاسة الوزراء تعني الهيمنة على كل المقدرات المالية والاقتصادية، لاسيما أنها مسؤولة عن التخطيط وإعداد الموازنة والمشاريع الإستراتيجية وتمويلها وطرح وإعداد مشاريع ترسل للبرلمان للمصادقة عليها وإقرارها.
ويخشى الأكراد والسنة من أن يلحق انسحاب التيار الصدري من الحياة السياسية الأذى بالعراق في حال أحكمت القوى الموالية لإيران قبضتها على مفاصل القرار في البلاد، لكنهم لايستبعدون تحركا مفاجئا للتيار الصدري يقلب الطاولة من جديد ويعيد الأمور الى نصابها.