فيما لا تزال الانتفاضة الشعبية مستعرة في أسبوعها الرابع ضد نظام الملالي يدور الحديث الآن عن أن «إيران ما بعد مهسا أميني ليست كما قبلها». ويؤكد ما يحدث في الشوارع والجامعات والمدارس أنه لا تراجع ولا استسلام من قبل المحتجين الذين حققوا إنجازات عظيمة. وبحسب الخبير الاقتصادي الإيراني محسن رناني فإن إيران تشهد حالياً جيلاً «يخلق بقوة لنفسه قائداً ويبتكر الأفكار والحلول»، لافتاً إلى أن هناك حالة لا يوجد بها مثقفون مراهقون ولا أكاديميون عاطلون مثلي.
وتحت عنوان «خصلة من الشعر» أضاف «يمكن القول اليوم دون تلعثم إن هذا النظام فاشل لأن النظرية لم تفشل أبداً».
وبحسب المراقبين فإن ما يحدث في الشوارع مثل «صدمة كبيرة» للنظام الذي ربما لم يتصور أن منافسيه سيكونون الشباب والمراهقين في المدارس والجامعات.
وعلى الرغم من محاولة نظام طهران التقليل من شدة الاحتجاجات ووصفها بأنها غير مهمة، إلا أن لقاء المرشد علي خامنئي مع الجيش في كلية الضباط وسط اشتباكات الشوارع وقمع الطلاب كان له معنى خاص، ويعكس قلقاً عميقاً لدى النظام المهترئ.
ووفقاً لمقال رناني يبدو أن إيران دخلت بطريقة فترة «الحجاب الاختياري». وأصبح عدد الفتيات اللاتي خلعن الحجاب وألقين به في النار كبير لدرجة أن خامنئي في خطابه الأخير تجاهل هذا الحدث الكبير وفضل عدم قول أي شيء.
وسبق أن كتب الناشط الأصولي وحيد أشتري أن عهد الحجاب الإلزامي أوشك على الانتهاء ونحن في عصر «ما بعد مهسا». وقال: «لا تنخدع بالمحللين المتشائمين الذين يعلنون انتصاراً عظيماً وخروج فخور من فتنة جديدة!.. المرأة، الحياة، الحرية وصلت إلى أهدافها».
ويرى البعض أن ما يحدث في الشارع الإيراني يمثل بداية النهضة، إذ اعتبر رناني أن «النهضة التي تحدث في إيران أعلى وأفضل من النهضة الأوروبية». وأضاف: نهضة أوروبا كانت فصل الدين عن السياسة، لكن في نهضة إيران حدث فصل الدين عن الشريعة، وهو ما يسبق العلمانية الأوروبية كثيراً.
ولفت موقع «سحام نيوز» الإصلاحي، إلى أن مقتل أميني لم يحرك طهران فقط، بل حرك دول العالم وهي شبيهة بمعجزة.
واعتبر أنه خلال السنوات الثلاث والأربعين من وجودها، لم تكن جمهورية الملالي قد مرت بمثل هذه الظروف (إذا أطلقنا عليها أزمة طلب) وتواجه الحكومة الآن أزمة، إضافة إلى قضايا الاقتصاد والمعيشية، فضلاً عن المسائل الاجتماعية، مثل الحريات، وخاصة حقوق المرأة، والمطالب الجديدة ليست مطلباً يمكن للحكومة أن تتجاهله إذا قمعت الاحتجاجات. وفيما يتعلق بالبعد الخارجي، فقد ترك أيضاً تأثيراً كبيراً وأجبر رؤساء دول العالم على الانضمام إلى هذه الحركة الاحتجاجية.
ورصد الموقع أهم ملامح هذه الجولة من الاحتجاجات، الذي تمثل في انهيار «الخوف» من رؤية عناصر الأمن والقوات الخاصة.
وبحسب الموقع فإنه خلال الاحتجاجات الماضية قام بعض العملاء أحياناً بدفع مجموعة كبيرة من المتظاهرين، لكن الصور على مواقع التواصل الاجتماعي وتقارير شهود العيان تظهر أن المراهقين والشباب لا يخشون رؤية العملاء والوقوف أمامهم، وقد لوحظ في العديد من مقاطع الفيديو أن القوات الخاصة أجبرت على التراجع أمام المتظاهرين.
وأكد أن تفريق الاحتجاجات في المدن الكبرى مثل طهران لم يعد أمراً مخيفاً، بل ورقة رابحة لاستمرار الاحتجاجات وإرهاق قوات الأمن والقوات الخاصة. وخلافاً لاحتجاجات السنوات الماضية، فإن تفرق المحتجين جعل جهاز القمع غير قادر على إنهاء الاحتجاجات، حتى أنه في الـ3 من أكتوبر أثناء زيارة رئيس القضاء لمقر قيادة قوات الشرطة كان هناك حديث عن «أرق وتعب» القوات.
وإضافة إلى إطلاق النار على المتظاهرين، قام عملاء الحكومة بإرهاب أهالي القتلى والمتظاهرين، وكانت هناك أمهات لم يلتزمن الصمت وواجهن هذه الضغوط، على حد قول الموقع. وفي هذه الجولة من الاحتجاجات الأخيرة، لم تستسلم العائلات ولا سيما الأمهات لهذه التهديدات.