اعتبر خبراء عسكريون روس أن الضربات الصاروخية التي تعرضت لها العاصمة كييف وغيرها من المدن الأوكرانية ليست إلا بداية مرحلة جديدة في الحرب، مرجحين أن تكون فيها موسكو أكثر حسمًا من أي وقت مضى منذ بداية الهجوم في 24 فبراير الماضي. ولفتوا إلى أن تفجير جسر القرم واعتراف كييف المبطّن بالوقوف وراءه أدى إلى هجوم موسكو «الانتقامي» السريع، والذي تظهر ردود الفعل الأوكرانية أنه جاء «حساسا» لأهمية المواقع والبنى التحتية التي استهدفها.
مراقبون في موسكو يرون أن القصف الروسي أوقف إلى حد كبير حالة البهجة التي سادت أروقة الحكم في أوكرانيا بعد تفجير الجسر. وتساءل هؤلاء عما «إذا كان الرئيس فولوديمير زيلينسكي اعتقد بجدية أنه كان من الممكن أن يفرح بهذا الحدث من دون رد في المقابل».
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع أعضاء مجلس الأمن «بناء على اقتراح وزارة الدفاع تم تنفيذ ضربة مكثفة بأسلحة دقيقة التوجيه على البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا»، معتبرا أن هذه هي الطريقة التي ترد بها موسكو على الأعمال الإرهابية لنظام كييف.
ولفت هؤلاء إلى أن رقعة المناطق المستهدفة والبنى التحتية التي شملتها الضربة الروسية الصاروخية تشي بأن موسكو تعمدت أن يكون الرد ليس لحفظ ماء الوجه، بل بمثابة إنذار حاسم بأن تكرار عملية القرم سيكون ثمنه باهظا.
ويرد حاليا تساؤل مفاده: هل رد موسكو باستهداف منشآت حيوية في أوكرانيا سيتوقف أم أنه سيتواصل لحسم المعركة؟.
العقيد الروسي في الاحتياط فيكتور ليتوفكين، أكد أن العملية لن تتوقف عند هذا الحد، معتبرا ما حدث مجرد بداية لمرحلة جديدة في الحرب. ولم يستبعد تواصل الضربات العسكرية واسعة النطاق على عدة مناطق داخل أوكرانيا، حت يتم استكمال التعبئة الجزئية ووصول التعزيزات القتالية الجديدة إلى المناطق الملتهبة.
ورأى أن الرئيس الأوكراني لم يتوقع أن يكون رد فعل روسيا بهذا الحجم، خصوصا مع وجود سوابق من الهجوم الأوكراني على محطتي زاباروجيا وكورسك النوويتين، وأهداف أخرى، وهو ما لم ترد عليه روسيا بالشكل المناسب، هذا الموقف على ما يبدو أعطى كييف انطباعًا بأن موسكو تتجنب الدخول في عملية عسكرية واسعة.
ويتوقع الخبير الروسي أن الضربة القادمة ستوجه إلى استهداف وتدمير سكك الحديد والجسور والأنفاق التي من خلالها تزود البلدان الغربية أوكرانيا بالأسلحة المتطورة، خصوصا إذ تجاوزت هذه المساعدات حدود تحمّل موسكو.
وفي رأيه أن الحرب الحقيقية تدور رحاها حاليا بين روسيا والغرب، وأن أوكرانيا ليست إلا ساحة لهذا الصراع الذي يدفع ثمنه الشعب الأوكراني، بحسب تعبيره.
ووصف فيكتور مايجري حاليا بأنه حرب استنزاف، إذ تسعى واشنطن إلى استنزاف موسكو في مواجهة طويلة الأمد تفقدها مواردها الاقتصادية والمالية والبشرية، في محاولة لإضعافها باعتبارها المنافس الجيوسياسي الأبرز لها على الساحة الدولية.