ملف جديد قرر حسن نصرالله أن يخوضه بشكل علني، وهو ملف رئاسة الجمهورية، على اعتبار أنه خاض سابقاً العديد من تلك الملفات، فوضع مجدداً النقاط على الحروف التي تناسبه وتناسب أجندته، ودون استئذان من «الجزء الكبير» من اللبنانيين الذين أتى على ذكرهم في خطاب يوم أمس (الجمعة)، ودون تفويض منهم قال: «إن جزءا كبيرا من الشعب اللبناني يريد رئيساً للجمهورية في بعبدا مطمئناً للمقاومة، وشجاعاً يبدي مصلحة لبنان على مصلحته الشخصية ولا يخاف ولا يُباع ولا يُشترى».
وأضاف باسمه واسم اللبنانيين: «لا نريد رئيساً يغطّي المقاومة أو يحميها، المقاومة في لبنان ليست بحاجة لغطاء أو حماية، وما نريده رئيساً لا يطعنها في ظهرها ولا يبيعها وهذا من الحد الأدنى لمواصفات رئيس الجمهورية».
قبل الحديث عن مواصفات ومقاسات الرئيس المطلوبة والتي تناسب رئيس جمهورية نصرالله، لا بد من التوقف عند كيفية اختيار ذلك الرئيس، والتي وفق نصرالله وعلى القاعدة السائدة في جمهوريته المستباحة أن يكون عبر «الحوار» أي رئيس يعينه هو في منصبه كموظف لديه، وليس عبر «الانتخاب» أي رئيس دستوري حريص على الدستور.
فما هو «الحوار أو التفاهم» الذي يسوّق له نصرالله، ويعتبره أقصر وأسرع الطرق لإنجاز مهمة انتخاب الرئيس؟ باختصار إنه تفاهم أو حوار أحادي، أي أن يقول نصرالله لباقي الأطراف الموجودين معه في الوطن إن هذا هو المطلوب منكم في جلسة حوارية جانبية أو جماعية لا يهم، وعليهم أن يفهموا أو يتفهموا وجهة نظره، دون أن يكون هو مضطرا لسماع وجهة نظرهم كما أنه غير مضطر أن يقبلها.
أما إذا أتينا على ذكر مقاسات أو مواصفات الرئيس التي تناسب نصرالله وتناسب المعارضين له في نفس الوقت فتجد أنها هي نفسها، فالطرفان يريدان رئيسا سيادياً، شجاعاً، قادراً على مواجهة الضغوط الخارجية، لكن المعضلة تكمن في أن لكل منهما قاموساً خاصاً في تفسير المصطلحات المذكورة، لذلك فإن التفاهم أو الحوار المطروح لن يؤدي إلى حل الأزمة التي ستبقى عالقة في جلسات مجلس النواب، والشغور الفعلي انطلق ولن تتوقف مفاعليه أو تداعياته إلا بالفوضى على المستويات كافة، تستدعي في لحظة حرجة تدخلاً خارجياً يعيد كل طرف إلى متراسه بانتظار استحقاق آخر.