أكد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات الدكتور أنور بن محمد قرقاش اليوم (الإثنين) أن بلاده عملت على استخدام مكانتها ونفوذها لدعم التوصل إلى حل سياسي للأزمة السياسية الخارجية الأوكرانية التي وصفها بـ«المأساوية»، موضحاً أن بلاده في سياستها الخارجية ترتكز على 8 مبادئ وتعتمد على الحوار والسلام.
وأوضح قرقاش في كلمته خلال افتتاح ملتقى أبوظبي الإستراتيجي التاسع أن الإمارات اتخذت في الحرب الأوكرانية وجهة نظر مختلفة تماشيا مع القانون الدولي، مشيراً إلى أن الإمارات تسعى لأن يبقى الباب مفتوحا بشأن الحوار حول الحرب الأوكرانية.
وأكد قرقاش أن بلاده نجحت في التعامل مع العديد من الأزمات بداية من الجائحة وصولا إلى حرب أوكرانيا ووثقت جسور اقتصادية مع الدول الأخرى، لافتاً إلى أن بلاده وانطلاقاً من مقعدها في مجلس الأمن، فإنها تعزز الحوار بالتعاون مع الأعضاء الآخرين وتقوم في سياستها الخارجية على مبادى أساسية تتمثل في تعزيز الازدهار والأمن وخلق منطقة أكثر أمنا إلى جانب تعزيز دور المرأة.
وأفاد قرقاش أن سياسة الإمارات الخارجية تركز على دعم الاقتصاد بعيد الأمد وإعادة تنسيق القوة الناعمة للإمارات التي ستساعد على اختيار رواد الأعمال والمستثمرين، كما أن السياسة تقوم على إزالة التوتر والتصعيد والخلافات في المنطقة ودعم الحلول السياسية، مبدياً أمله المساهمة في خفض حدة التوتر في المنطقة وخارجها.
ولفت إلى أن العلاقات الأمنية بين بلاده وأمريكا علاقة إستراتيجية مبنية على التعاون المشترك، معترفاً بوجود تحديات عالمية طفيفة تهدد الأمن والاستقرار لكن الإمارات ملتزمة بالعمل مع جميع الدول على مواجهتها.
وأعلن مستشار الرئيس الإماراتي عن استضافة بلاده مؤتمر كوب 28 العام القادم، مبيناً أن بلاده ستعمل على استغلال الفرصة لتسريع الجهود لمكافحة تغير المناخ.
وناقش مسؤولون وخبراء دوليون في الجلسة الثانية من ملتقى أبوظبي الإستراتيجي في نسخته التاسعة، الأزمة الأوكرانية وما آلت إليها الحرب والأجندة الدولية إذ ظهر تباين في الآراء حول انعكاسات هذه الأزمة على مستقبل دول العالم.
وفي الملتقى الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات قال المدير العلمي لكلية الاقتصاد الدولي والشؤون الخارجية التابعة للمدرسة العليا في الاقتصاد بموسكو سيرجي كاراجانوف: الحرب الجارية مرشحة للاستمرار، إلى أن تتحق نتائج إيجابية بتسوية سياسية بين موسكو وكييف، مبيناً بأن هناك مطالبة من روسيا لوقف تمدد حلف شمال الأطلسي لكن هذه المساعي وصلت إلى منتصف الطريق بطلب الحياد من أوكرانيا.
وأضاف: وصلنا لملتقى طرق لا يعطينا الصورة الكاملة، والتي تتضمن ما إذا كانت روسيا ستواصل المكاسب، أو ستتوالى انتصاراتها في أوكرانيا، لكن إذا حدث ذلك فالنخبة الروسية سيكون لها رأي آخر، لافتاً إلى أن روسيا الآن أصبحت في وضع صعب لم تعشه قبل عقد ونصف، وعليها إعادة النظر في المجال الاقتصادي، وأن تتخذ قرارات مصيرية، مؤكداً أن موسكو ناجحة في بعض المسارات.
وتعارض رأي الخبير الروسي مع آراء الأخرين حول انعكاسات الأزمة في أوكرانيا على مستقبل العالم قائلاً: «لا أتفق معهم، وقد لا أتفق مع تشكل العالم بعد هذه الأزمة» مضيفاً: الولايات المتحدة ستنكمش لكن تبقى فاعلة، وستصبح الصين في العالم الجديد الرقم الأول، أما روسيا فستكون من بين الوسطاء في العالم، وستتلاشى أوروبا.
وتوقع الخبير الروسي صعودا منتظرا في تشكل العالم الجديد لدول الخليج وإندونيسيا، ودول بقارة أفريقيا، مؤكداً أن تلك الدول ستكون صاحبة القرار في المستقبل.
من جابنه، قال رئيس مجلس إدارة «مجموعة أوراسيا» كليف كوبتشان في مداخلته إن دعم الغرب لأوكرانيا سيتواصل، موضحاً أن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس أعادت للرئيس جو بايدن الثقة بنفسه، خصوصا مع تلاشي عودة دونالد ترمب.
ولفت كوبتشان إلى أن سياسة واشنطن تنتهج تصعيدا تدريجياً، وستقدم أسلحة على شكل جرعات لأوكرانيا، مشيراً إلى أن واشنطن تواصل اتباع سياسة الردع مع الرئيس فلاديمير بوتين حتى يتوقف في وقت ما، في نهج اعتبره «مفيداً» لكنه محفوف بالمخاطر في ظل الجهل بالخطوط الحمراء لروسيا.
وتوقع رئيس مجلس إدارة مجموعة أوراسيا لجوء بوتين إلى الأسلحة النووية وهو أمراً مقلق، مشير إلى أن هناك تغيراً في السياسات الغربية حتى داخل الولايات المتحدة، لا سيما مع تأثير الانتخابات التمهيدية المرتقبة في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مما يجعل السياسة الأمريكية غير ثابتة.
وطالب الخبير الأمريكي بضرورة عودة روسيا إلى وضع ما قبل 24 فبراير الماضي، بما فيه التخلي عن الأراضي التي ضمتها، مؤكداً أن الصين وأمريكا أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، وأنهما على رأس الثنائية القطبية، التي يعد أهم ما فيها التجاذب الحاصل، والمتمثل في التنافس التكنولوجي خصوصاً في أزمة الرقائق، وتعطل سلاسل الإمداد لكن هذا سيتغير بصعود قوى متوسطة.
من جهته، أكد المدير العام لمجلس الشؤون الدولية الروسي أندريه كورتونوف، أن الصين عبرت عن رغبتها في لعب دور عالمي، مشيرا إلى أنها مستفيدة من الوضع الحالي، وتلح على التعامل معها بندية خصوصا من الولايات المتحدة.
وتوقع الخبير الروسي حدوث مشكلة بين الشمال والجنوب، في أفريقيا وجنوب آسيا، قائلا: المستقبل سيشهد صراعا بين الطرفين على الموارد، مضيفاً: «لا نعلم ما سيجلبه المستقبل، لكن علاقة بوتين وشي جين بينج جيدة، وسيعمل القائدان على احتواء أي أزمة بين البلدين، ولن يسمحا للآخرين بالإضرار بها».