انتعشت الحركات الإسلامية الإخوانية وما يدور في فلكها بعد الفتنة التي ضربت العالم العربي والتي سماها منظرون
يساريون متحالفون مع التنظيم العالمي بـ«الربيع العربي». في تلك الفترة ركب «الإخوان» كل الأمواج التي توصلهم إلى مواقع السلطة
وتحالفوا مع كل المنظمات الإرهابية لإعادة تدوير الفوضى في المنطقة، ذلك أن هذا التنظيم يجد في الفوضى البيئة المناسبة للحياة والانتعاش، لكن
بعد عقد من الزمان الذي اتسم بالفوضى والتخريب انتهت بيئة الفتنة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية وبات «الإخوان» في أسفل جدول الحضور على المسرح العربي والدولي،
وبعد انتهاء التناقضات الإقليمية جفت منابع الارتزاق الإخونجي وتراجع هذا الحضور.. فهل يعود موسم «الإخوان» أم أنه انتهى إلى غير رجعة؟
مرحلة حياكة المؤامرات
يمكن قراءة التصدعات الأخيرة في جماعة الإخوان من باب الفراغ الوظيفي للتنظيم الذي كان مشغولا خلال السنوات الماضية بحياكة المؤامرات مع الدول ضد بلدانها، كانت هذه الفترة الذهبية للإخوان، إلا أن التراجع الكبير في دعم الجماعة على المستوى الدولي والإقليمي جعل التنظيم يدخل في صراعات داخلية، آخرها قصة إخوان مصر والتنازع على السلطة بين جبهتي إسطنبول ولندن على تولي دفة القيادة بعد وفاة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير. هذه الجزئية في الخلافات الداخلية توحي بأن مستوى التنظيم الوظيفي تراجع إن لم يكن انتهى على المستوى الإقليمي. وتظهر هذه النزاعات بين «تياري» إسطنبول الذي يسعى إلى الهيمنة بقيادة محمود حسين، ولندن الذي يصر على تعيين محيي الدين الزايط، مدى شغف هذه الجماعات بالسلطة مهما كانت الأسباب، وهذا يجعلنا نفهم اندفاع هذه الجماعات إلى المسرح العربي في الدول المضطربة في ليبيا ومصر (سابقا)، وسورية، الأمر الذي يدعونا إلى النظر إلى هذه التنظيمات على أنها متربص بالدول قبل الأنظمة للوصول إلى السلطة.
قد تكون هناك تفاوتات بين الإخوان في العالم العربي من حيث السلوك والأداء والظروف الذاتية والموضوعية، إلا أن الناظم الرئيسي في هذه الجماعات هو الاستحواذ على السلطة وبذل كل ما هو ممكن من أجل هذا الهدف، وإن كان الأمر على حساب تدمير الأوطان، ولقد رأينا تكتيكات الإخوان بداية 2011 عندما استدعت كل أنواع التدخلات الخارجية إلى المنطقة لبث الفوضى، وبالتالي يمكنها السيطرة واللعب على التناقضات من خلال توزيع الأدوار، إلا أن الكل يصب في مصلحة المشروع الإخواني.
المصافحة.. والمعادلة الصفرية
ومع بداية الصيف الماضي، بدأت تركيا تميل إلى طي صفحة مع النظام السوري، وظهرت تصريحات الرئيس رجب أردوغان بشكل واضح أنه منفتح على بشار الأسد، وفي آخر التصريحات الصحفية قال بشكل واضح إنه في السياسة لا توجد خصومة دائمة، ما يعني أن اللقاء مع الأسد ممكن كما قال أيضا في قمة شانغهاي!
أمام هذا السيل من التصريحات التركية، صمتت جماعة الإخوان في سورية ولم تدل بأي تصريح، على الرغم مما تدعيه من خصومة مع النظام السوري، بل أصدرت بيانا يقف إلى جانب إيران حين قصف الطيران الإسرائيلي مستودعات أسلحة تابعة لطهران في اللاذقية، في الوقت الذي شردت فيه مليشيات نظام الملالي نصف الشعب السوري وتحتل مدنا بأكملها من الشمال إلى الجنوب!
في مونديال كأس العالم المقام في الدوحة وعلى هامش الافتتاح جرت مصافحة تستحق التوقف بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان، على الرغم من المواقف التركية السابقة، لكن المصافحة بدت وكأنها صفعة قوية لآمال «الإخوان» في اللعب على استمرار الخصومة بين القاهرة وأنقرة.
في الصورتين السابقتين، أخذ الإخوان وضعا صامتا وفي ذات الوقت وضعا مذهلا من سرعة التغيرات في الشرق الأوسط على مستوى الحكومات، وصعوبة التموضع في المشهد الهادئ في المنطقة، بعد أن استمر لعبهم على لعبة المحاور 10 سنوات، وفي هذه الحالة أصبحت معادلة الإخوان في مصر وسورية صفرية، ذلك أن المناخ الإقليمي لم يعد مناسبا لحركة هذه الجماعات في ظل انتهاء الدور الوظيفي لها.
بين الشيخوخة والفشل
الآن إلى جانب كل ما سبق، تعاني جماعة الإخوان على المستوى الداخلي من الهرم واستمرار رموز الشيخوخة بالتمسك بالسلطة الحزبية والقيادية، هذه الاستماتة على السلطة القيادية أشعلت الصراع بين جيلين متباعدين تماما، الجيل الأول هو جيل القيادة التقليدي الذي لا يزال يؤمن ببناء «الحاكمية» على مبدأ سيد قطب، والجيل الثاني الذي يريد على الأقل التوازن بين المعطيات الجديدة بالاستناد إلى التراث، وكانت نتيجة هذا الصراع تصدع الحركة من الداخل وخروج العشرات من القيادات الشابة.
اليوم تجد في قيادات الإخوان الرعيل الأول الهرم، وهو جيل غير قادر على تطوير ذاته خارج منظومة العنف وهذا الجيل متمترس في القيادة، وهو غير مدرك أنه يموت سريريا بسبب البيئة الجديدة التي أفرزتها حركة التكنولوجيا والفكر فضلا عن الوعي الاجتماعي ضد الحركات المتطرفة.. إن أي مراجعة إخوانية اليوم لن تنتج سوى حقيقة واحدة هي: «الهرم زائد الفشل في الحياة».
يساريون متحالفون مع التنظيم العالمي بـ«الربيع العربي». في تلك الفترة ركب «الإخوان» كل الأمواج التي توصلهم إلى مواقع السلطة
وتحالفوا مع كل المنظمات الإرهابية لإعادة تدوير الفوضى في المنطقة، ذلك أن هذا التنظيم يجد في الفوضى البيئة المناسبة للحياة والانتعاش، لكن
بعد عقد من الزمان الذي اتسم بالفوضى والتخريب انتهت بيئة الفتنة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية وبات «الإخوان» في أسفل جدول الحضور على المسرح العربي والدولي،
وبعد انتهاء التناقضات الإقليمية جفت منابع الارتزاق الإخونجي وتراجع هذا الحضور.. فهل يعود موسم «الإخوان» أم أنه انتهى إلى غير رجعة؟
مرحلة حياكة المؤامرات
يمكن قراءة التصدعات الأخيرة في جماعة الإخوان من باب الفراغ الوظيفي للتنظيم الذي كان مشغولا خلال السنوات الماضية بحياكة المؤامرات مع الدول ضد بلدانها، كانت هذه الفترة الذهبية للإخوان، إلا أن التراجع الكبير في دعم الجماعة على المستوى الدولي والإقليمي جعل التنظيم يدخل في صراعات داخلية، آخرها قصة إخوان مصر والتنازع على السلطة بين جبهتي إسطنبول ولندن على تولي دفة القيادة بعد وفاة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير. هذه الجزئية في الخلافات الداخلية توحي بأن مستوى التنظيم الوظيفي تراجع إن لم يكن انتهى على المستوى الإقليمي. وتظهر هذه النزاعات بين «تياري» إسطنبول الذي يسعى إلى الهيمنة بقيادة محمود حسين، ولندن الذي يصر على تعيين محيي الدين الزايط، مدى شغف هذه الجماعات بالسلطة مهما كانت الأسباب، وهذا يجعلنا نفهم اندفاع هذه الجماعات إلى المسرح العربي في الدول المضطربة في ليبيا ومصر (سابقا)، وسورية، الأمر الذي يدعونا إلى النظر إلى هذه التنظيمات على أنها متربص بالدول قبل الأنظمة للوصول إلى السلطة.
قد تكون هناك تفاوتات بين الإخوان في العالم العربي من حيث السلوك والأداء والظروف الذاتية والموضوعية، إلا أن الناظم الرئيسي في هذه الجماعات هو الاستحواذ على السلطة وبذل كل ما هو ممكن من أجل هذا الهدف، وإن كان الأمر على حساب تدمير الأوطان، ولقد رأينا تكتيكات الإخوان بداية 2011 عندما استدعت كل أنواع التدخلات الخارجية إلى المنطقة لبث الفوضى، وبالتالي يمكنها السيطرة واللعب على التناقضات من خلال توزيع الأدوار، إلا أن الكل يصب في مصلحة المشروع الإخواني.
المصافحة.. والمعادلة الصفرية
ومع بداية الصيف الماضي، بدأت تركيا تميل إلى طي صفحة مع النظام السوري، وظهرت تصريحات الرئيس رجب أردوغان بشكل واضح أنه منفتح على بشار الأسد، وفي آخر التصريحات الصحفية قال بشكل واضح إنه في السياسة لا توجد خصومة دائمة، ما يعني أن اللقاء مع الأسد ممكن كما قال أيضا في قمة شانغهاي!
أمام هذا السيل من التصريحات التركية، صمتت جماعة الإخوان في سورية ولم تدل بأي تصريح، على الرغم مما تدعيه من خصومة مع النظام السوري، بل أصدرت بيانا يقف إلى جانب إيران حين قصف الطيران الإسرائيلي مستودعات أسلحة تابعة لطهران في اللاذقية، في الوقت الذي شردت فيه مليشيات نظام الملالي نصف الشعب السوري وتحتل مدنا بأكملها من الشمال إلى الجنوب!
في مونديال كأس العالم المقام في الدوحة وعلى هامش الافتتاح جرت مصافحة تستحق التوقف بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان، على الرغم من المواقف التركية السابقة، لكن المصافحة بدت وكأنها صفعة قوية لآمال «الإخوان» في اللعب على استمرار الخصومة بين القاهرة وأنقرة.
في الصورتين السابقتين، أخذ الإخوان وضعا صامتا وفي ذات الوقت وضعا مذهلا من سرعة التغيرات في الشرق الأوسط على مستوى الحكومات، وصعوبة التموضع في المشهد الهادئ في المنطقة، بعد أن استمر لعبهم على لعبة المحاور 10 سنوات، وفي هذه الحالة أصبحت معادلة الإخوان في مصر وسورية صفرية، ذلك أن المناخ الإقليمي لم يعد مناسبا لحركة هذه الجماعات في ظل انتهاء الدور الوظيفي لها.
بين الشيخوخة والفشل
الآن إلى جانب كل ما سبق، تعاني جماعة الإخوان على المستوى الداخلي من الهرم واستمرار رموز الشيخوخة بالتمسك بالسلطة الحزبية والقيادية، هذه الاستماتة على السلطة القيادية أشعلت الصراع بين جيلين متباعدين تماما، الجيل الأول هو جيل القيادة التقليدي الذي لا يزال يؤمن ببناء «الحاكمية» على مبدأ سيد قطب، والجيل الثاني الذي يريد على الأقل التوازن بين المعطيات الجديدة بالاستناد إلى التراث، وكانت نتيجة هذا الصراع تصدع الحركة من الداخل وخروج العشرات من القيادات الشابة.
اليوم تجد في قيادات الإخوان الرعيل الأول الهرم، وهو جيل غير قادر على تطوير ذاته خارج منظومة العنف وهذا الجيل متمترس في القيادة، وهو غير مدرك أنه يموت سريريا بسبب البيئة الجديدة التي أفرزتها حركة التكنولوجيا والفكر فضلا عن الوعي الاجتماعي ضد الحركات المتطرفة.. إن أي مراجعة إخوانية اليوم لن تنتج سوى حقيقة واحدة هي: «الهرم زائد الفشل في الحياة».