عادت المليشيات المسلحة في غرب ليبيا من جديد إلى عمليات تهريب النفط خارج البلاد مستغلة استمرار حالة الصراع السياسي بين حكومتي الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة، والحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، في غياب واضح من المجتمع الدولي لإنهاء الصراع على السلطة، ما يعكس حالة من الجمود السياسي والفوضى العارمة في ليبيا، الأمر الذي يهدد البلاد ويدخلها في دائرة جهنمية من الاقتتال، إذ أعلن «اللواء 444 قتال» في بيان استهداف قافلة شحن نفط بعد اشتباك مباشر مع عصابات التهريب، على الرغم من النقص الكبير في الإمكانيات اللازمة من التموين والاحتياجات اليومية.
وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الليبية بمركز دراسات الأهرام الدكتور كامل عبد الله إن الحقول الليبية تعاني من الإغلاقات وانعدام الصيانة بسبب الأحداث السياسية التي أثرت بشكل كبير على مستوى الإنتاج الذي تراجع بشكل ملحوظ. وأضاف أن العديد من الموانئ الليبية الواقعة غرب البلاد تشهد تهريباً للنفط إلى خارج البلاد مقابل مبالغ مالية كبيرة لصالح مليشيات متحكمة في منطقة الغرب والجنوب، وهو ما يهدد اقتصاد البلاد. ولفت إلى أن الجيش الليبي يتصدى من حين إلى آخر لعمليات التهريب وملاحقة المتورطين في الاتجار بالوقود بطرق غير شرعية في محاولة للحد من نزيف المبيعات غير القانونية للمحروقات خارج البلاد.
وأضاف أن ليبيا بلد «الذهب الأسود» حولتها النزاعات والانقسامات السياسية الخطيرة إلى «اللادولة»؛ وهو ما تسبب في انتشار المئات من الكتائب والمليشيات في ربوع البلاد، مؤكداً أن خسائر تهريب النفط تقدر بنحو 750 مليون دولار سنوياً تذهب إلى جيوب المهربين، وهو ما يمثل آفة خطيرة تهدد الاقتصاد الليبي.
وشدد الباحث على أن حالة الانفلات الأمني أسهمت كثيراً في تفاقم هذه الظاهرة، لافتا إلى أن هناك تقريرا أمميا صادرا مع بداية 2020 كشف وجود عمليات نهب منظم للبترول الليبي عن طريق عمليات التهريب التي توزعت بين البر والبحر في ظل حالة الفوضى التي تعيشها البلاد منذ عام 2011.
واستنكرعدم تدخل القوى الإقليمية والدولية للوساطة والعمل على إيجاد توافق سياسي ما بين حكومتي الدبيبة وباشاغا، مع ضرورة تحديد موعد للانتخابات والاتفاق على التحديات المتعلقة بسيرها، والوصول إلى تهدئة عامة ووقف القتال، مع تهيئة الأجواء المناسبة للسلام والاستقرار.
وحذر من صراع القوى السياسية والعسكرية على عوائد النفط، الذي يصل إنتاجه إلى 1.3 مليون برميل يوميا، التي تحول إلى البنك المركزي، مشددا على ضرورة حصول توافق سياسي بين جميع القوى السياسية لإنهاء الحرب.