طالب البرلمان الليبي اليوم (الإثنين) بفتح تحقيق في قضية اختطاف أبوعجيلة مسعود أحد المشتبه بهم في تفجير طائرة لوكربي، ومحاكمة كل المتورطين في تسليمه للولايات المتحدة الأمريكية بتهمة الخيانة العظمى، وذلك في خطاب وجهه إلى مكتب النائب العام.
و أكد البرلمان الليبي رفضه القاطع لكل المحاولات الجارية لإعادة فتح قضية لوكربي التي تمت تسويتها نهائيا مع الحكومة الأمريكية بموجب اتفاق رسمي، ترتب عنه عدم المسؤولية الجنائية للدولة الليبية وتعويض المتضررين من الحادثة تعويضا ماديا، معلناً معارضته لإعادة فتح الملف من جديد لأسباب سياسية ولابتزاز الدولة الليبية بهدف الاستيلاء على أموالها المجمدة.
وشدد البرلمان الليبي في بيان على محاكمة كل من يتورط من الليبيين في إعادة الملف إلى الواجهة بتهمة الخيانة العظمى، وملاحقة المتورطين في القبض على المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود المريمي وتسليمه إلى جهات أجنبية.
ويأتي بيان البرلمان الليبي بعد يوم واحد من إعلان القضاء الأسكتلندي عن تواجد أبو عجيلة مسعود المريمي في الولايات المتحدة الأمريكية، تمهيدا لمحاكمته، وذلك بعد شهر من إعلان اختفائه واختطافه داخل العاصمة الليبية طرابلس على يد مجموعة مسلّحة في خبر فاجأ الليبيين.
وكان أبو عجيلة يتولى مسؤولية بجهاز المخابرات في عهد نظام معمر القذافي، وتمت إدانته بتهم لها علاقة بالحادث المميت الذي راح ضحيته 270 شخصا من بينهم 190 أمريكيا خلال رحلة طيران بين لندن ونيويورك، ووجهت إليه نهاية عام 2020 تهم في الولايات المتحدة بضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة التي أسقطت الطائرة فوق منطقة لوكربي وارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب، وطلبت من السلطات الليبية تسليمه تمهيدا لمحاكمته.
وأثار إعلان الولايات المتحدة الأمريكية محاكمته مخاوف داخل ليبيا من إعادة إحياء ملف لوكربي الذي كلف الدولة خسائر مالية كبيرة خلال فترة حكم الرئيس السابق لتعويض عائلات الضحايا (2.7 مليار دولار)، وقلقا من احتمالية المطالبة بتعويضات مالية جديدة، مما قد يشكل ضغطاً إضافياً على الدولة الليبية التي تعيش أزمة سياسية حادة وحالة من عدم الاستقرار.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مستشار الأمن القومي في ليبيا، إبراهيم بوشناف، احتجاجه على عملية الاحتجاز، ناشرا وثائق بتعهدات أمريكية بعدم ملاحقة المتهمين وتؤكد على تعهد واشنطن بغلق ملف القضية نهائيا بعد دفع ليبيا التعويضات للضحايا، وأنه لا يجوز فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل 30 يونيو 2006، فيما أصدر الكونغرس الأمريكي القانون رقم 110/301 في أغسطس 2008، الذي تقدم به النائب حينها، جو بايدن، بتأمين الممتلكات الليبية والأفراد الليبيين المعنيين من الحجز أو أي إجراء قضائي آخر، ووقع الرئيس الأمريكي جورج بوش في 31 أكتوبر 2008 مرسوما بالتزام بلاده بإغلاق أي قضايا مفتوحة من عائلات الضحايا أمام المحاكم المحلية والأجنبية.
وكانت عناصر من القوات المشتركة التابعة لحكومة عبدالحميد الدبيبة المنتهية ولايتها قد داهمت في 17 نوفمبر الماضي منزل مسعود في طرابلس ونقلته إلى جهة مجهولة رغم أنه يعاني من أمراض مزمنة جعلته طريح الفراش، ووفقاً لوسائل إعلام ليبية فإن أقرباء أبو عجيلة (80 عاماً) التقوا الدبيبة لمعرفة مصيره، قبل أن يفاجأوا بوجوده في الولايات المتحدة.
ودعا الدبيبة وسط حشد في العاصمة طرابلس، لفتح ملف لوكربي داخل ليبيا ضد ما وصفهم بـ«مستغلي أموال البلاد لصالح تعويضات خارجية»، لكن رئيس الحكومة الجديدة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا رفض تسليم مواطن ليبي خارج الأطر القانونية، معتبرا ما حدث خرقاً لمبدأ سيادة الدولة واستقلال قضائها.
واعتبر وكيل وزارة الخارجية السابق حسن الصغير صمت حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها يثير علامات الاستفهام حول الإجراءات التي تمت في التسليم.