يواصل لبنان مسيرته نحو التفكك، حاصداً آخر مواسم ما زرعته إيران وحزبها المسلح في مرافق الدولة ومؤسساتها، فبعد القطاع المصرفي والتعليمي والاستشفائي، جاء دور القضاء الذي تحوّل إلى قضاءين، واحد متمسّك بالنص يقوده مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، وآخر يجتهد وفقاً لأهواء البعض في الداخل والخارج، يقوده المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
على خلفية كل ذلك يقف لبنان اليوم على قدم واحدة فقط، هي الأمن المتمثل بالأجهزة الأمنية وفي مقدمتها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. خسر اللبنانيون كل شيء، حساباتهم المصرفية، مرفأ عاصمتهم، خبرة كوادرهم التعليمية، سيادتهم على قرارهم، مؤسسات دولتهم، لم يبقَ لهم سوى حد أدنى من الأمن ما زال صامداً بفعل مساعدات مالية وغذائية من هنا وهناك.
تفكك لبنان بات أمراً واقعاً وليس توقعاً سياسياً أو إعلامياً، مما يطرح 3 أسئلة صعبة:
1- هل الوضع في لبنان قاب قوسين من الانفجار الأمني؟
2- هل انقسام القضاء يستدعي وصاية دولية على السلطة الرابعة التي لا تستوي السلطات من دون انتظامها؟
3- ما مصير انتخاب رئيس للجمهورية؟
كل التقارير الدبلوماسية تشير إلى مخاوف على الأمن، لكنها تؤكّد أنها مخاوف محدودة بحوادث أمنية صغيرة متنقلة بين منطقة وأخرى، لن ترقى إلى حدث أمني كبير يغيّر المعادلات.
بالمقابل، على صعيد القضاء، فإن الانقسام الحاصل في الجسم القضائي هو تحصيل حاصل كأول تداعيات تدخل القضاء الأوروبي، عبر وفده الذي زار لبنان أخيراً تحت عنوان «مكافحة الفساد»، مما يجعل مسألة الوصاية الدولية على القضاء اللبناني أمراً حتميّاً لا مفرّ منه. كل هذه الوقائع تشير إلى صعوبة انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور، حيث لا اهتمام دوليا بذلك ولا رغبة داخلية بحصول ذلك، وبانتظار الاهتمام والرغبة سيبقى لبنان يراوح ويتفكك تحت الهيمنة الإيرانية، ومرشداً أعلى يتحكم بكل شيء تحت شعار «المقاومة والممانعة» وكل المفردات الشقيقة.