فضح الصحفي الحقوقي اليمني همدان العليي جرائم المليشيا الحوثية وعنصريتها ضد الشعب اليمني، مؤكداً في كتابه المكون من 624 صفحة موزعة على 4 فصول و4 ملاحق أن العنصرية الحوثية على رأس أسباب الصراعات في اليمن.
وأوضح العليي في كتابه «الجريمة المُركّبة... أصول التجويع العنصري في اليمن» أن الجماعات الدينية أو العرقية تندفع لتعتدي على حقوق غيرها لاعتقادها بأفضليتها وتميزها عن الآخرين وهو ما ينعكس على الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، مبينة أن تلك الجامعات تتوهم بـ«النقاء العرقي» أو «الاصطفاء الديني» لتبيح الجماعات أو الكيانات العنصرية لنفسها ارتكاب أعمال القتل والنهب والسرقة والتهجير وغيرها من الجرائم التي تحدث منذ الأزل وستستمر.
وأشار إلى أن الدول المستقرة والتي تشهد نمواً ونهضة في المجالات كلها اتخذت قرارها أولًا بمواجهة ثقافة العنصرية بحزم عبر سن القوانين التي تجرم التمييز العنصري بكافة أشكاله وأنواعه ومستوياته ومعاقبة من يمارسه؛ لإدراكها أن التعايش المجتمعي القائم على مبدأ المساواة هو ركيزة الاستقرار ومنطلق النهضة والتوجه نحو البناء بالقدرات والكفاءات لا بالأوهام وادعاء الحق الإلهي أو النقاء العرقي.
ولفت إلى أن اليمن لا تختلف عن الدول الأخرى التي سادت فيها الحروب، إذ نجد أن العنصرية كانت وما تزال أحد أهم أسباب اندلاع الحروب فيها، لاسيما تلك المغلفة بالدين، وبسببها عاش اليمنيون قروناً طويلة تحت وطأة المعاناة وجحيم المآسي، مبيناً بالوثائق أن مليشيا الحوثي تؤمن بخرافة «الولاية» التي تتناقض مع مقاصد الأديان السماوية منها الدين الإسلامي الحنيف الذي يدين به الشعب اليمني، كما تصطدم بمبادئ وقيم حقوق الإنسان، وعلى رأسها المساواة، والتعايش، واحترام المعتقدات، والعدالة، وغيرها من القيم التي توصلت إليها البشرية في مراحل نضالها، وكانت في كل ذلك تهدف إلى القضاء على الظلم والقهر، وإنهاء التمييز العنصري بين البشر؛ كونهم متساوين في الحقوق والواجبات.
وحذر الكاتب من أتساع آثار التمييز العنصري في اليمن وأصبح يلقي بثقله الكارثي على كاهل المجتمع، مبيناً أن كتابه حرص على رصد ومواكبة بعض أشكال هذه الجريمة الممنهجة والمنظمة، بما فيها سياسة التجويع القاسية والإبادة الثقافية، واستهداف هوية اليمن ومعتقدات شعبه، مبيناً أن الاستلاب الاقتصادي والاجتماعي هدفه الإجهاز على هوية اليمنيين وسرقة الرغيف والتحكم به والسيطرة على العقول، وترسيخ هوية جديدة قائمة على تقديس السلالة وتحقير الشعب.
وأكد العليي أن كتابه وثيق جريمة التجويع بوصفها واحدة من أبشع الجرائم المعاصرة التي ما كانت لتحدث لولا التمييز العنصري واعتقاد سلالة بعينها أنها مميزة عن غيرها، وأن الله اختارها لحكم اليمنيين وامتلاك رقابهم ولو بالقوة، ما جعلها ترتكب جريمة متعددة الأوجه والأبعاد، مشدداً على ضرورة عدم تجاهل اليمنيين لأسباب الكوارث التي يتعرضون لها.
وقال المؤلف العليي:«لقد حرصت ألا أضع معلومة في هذا الكتاب إلا وأحدد مصدرها ومرجعها، وتوثيقها من التقارير الدولية المحايدة التي عنيت بالوضع الاقتصادي والإنساني والحقوقي في اليمن، كما جعلت شهادات الحوثيين أنفسهم أولوية للتأكيد على ما جاء في كثير من القضايا، إضافة إلى أني اعتمدت على عدد من الوثائق بعضها ينشر لأول مرة».
واستعرض الكاتب في الفصل الأول جذور هذه الحرب وبُعدها التاريخي، وسياسة التجويع التي ينتهجها الحوثيون اليوم على غرار ونهج أسلافهم في الماضي، إضافة إلى أهداف التجويع وجعله مدخلا إلى جريمة الإبادة الثقافية وطمس الهوية الوطنية لليمنيين، وفي الفصل الثاني أبرز الكاتب أساليب التجويع المباشرة التي مورست بحق المجتمع اليمني. أما الفصل الثالث فخصصته للتهجير وسرقة المساعدات وانهيار الوضع الصحي وخطر مئات الآلاف من الألغام التي تفرد الحوثيون بزراعتها، إضافة إلى حصار المدن والمناطق الآهلة بالسكان واخترت مدينة تعز مثالا لذلك، أما الفصل الرابع فقد تحدث الكاتب عن ما تعرضت له العملية التنموية في اليمن من أضرار جراء ممارسات الحوثيين، وانتكاس رأس المال البشري بسبب سياسة التجويع، كما تناول الكاتب شهادات ودراسات دولية وعربية تؤكد هذه الجريمة، وتناولت الموقف القانوني عن بعض هذه الجرائم.
وقدم الكتاب رئيس مجلس الشورى اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر الذي أوضح في مقدمته أن الكتاب يعد إدراكاً حقيقياً لجذور وأسباب أغلب الحروب في اليمن من فترة طويلة، وهذه مسألة جديرة بالاهتمام والدراسة والتمحيص، ولأنه لا يمكن تحقيق السلام العادل والدائم في اليمن ما لم يتم القضاء على مسببات الحروب؛ وعلى رأسها العنصرية.
وفيما كتب مستشار الرئيس اليمني السابق نصر طه مصطفى، أن المعلومات والوثائق المدعومة بالأدلة والاستقصاء التي أوردها الكتاب يضع أمام المهتمين والمعنيين وثيقة لا يشوبها نقص أو خطأ أو زلة وسيصبح مساهمة في الفهم الشامل لخطر مليشيا الحوثي خارج اليمن، وفي جميع أنحاء العالم العربي.