* بالأمس كانت وسائل التواصل الاجتماعي دامية، مؤلمة، تبعث على القهر والعجز والموت البطيء، أطفال يصرخون، منازل تنهار على ساكنيها، مدن تُمحى عن بكرة أبيها، أمهات ثكلى، توقفت الحياة عند كارثة الزلزال الذي لم يكن ينقص السوريين، ولم تكن السوشيال ميديا صالحة لمن هم تحت سن الثامنة عشرة.
* في ألمانيا؛ استقبل أحد المستشفيات شابا سوريا وهو في حالة انهيار، فقد الشاب الذي ركب كل أمواج البحار حتى يصل إلى ألمانيا 14 شخصا من عائلته في زلزال حلب. كانت نهايته النفسية في ألمانيا وهو يسمع خبر فقدان عائلته تحت الأنقاض.
* متطوع في الدفاع المدني السوري في ريف حلب ينهار كليا ويجهش بالبكاء عاجزا عن إكمال مهمة الإنقاذ بسبب هول الكارثة. يستمر بالبكاء وهو يجلس على تلة من الركام خلفها الزلزال.
* طفل سوري في إدلب معلق بين أسقف المباني المنهارة، يصرخ ويصيح هل من مغيث ينقذه ويخلص ساقيه من الحديد الذي نفذ إلى جسده، لكن لا آليات تصل إلى هذا الجسد الصغير ويكتفي المنقذون بتلقينه «الشهادة»، ولم يكن له خيار سوى ترديد الشهادة، بعد أن رأى حتفه!
* في مدينة حلب، يتحدث أحد الشبان إلى وسائل الإعلام وهو في هول الصدمة من دون بكاء أو دموع يسأل مراسلة التلفزيون؟ كيف أُنقذ أهلي.. المراسلة أين أهلك، الشاب: هنا على بعد أمتار من موقع البث.. با إلهي كيف يستمر هذا الشاب في الحياة وهو يرى أهله على بعد أمتار منه، دون القدرة على إنقاذهم.
* دمشق استنفرت من أجل حلب وأعلنت الحكومة الدعم الكامل لحلب وأرسلت 6 سيارات إسعاف، هذا كل ما يمكن تقديمه لمدينة حلب، فالحكومة عاجزة، والرئيس عاجز، والشعب عاجز، والعالم عاجز، إنها بقعة العجز.. سورية!
* في اللاذقية اعتذرت الجهات الرسمية عن التوجه إلى كل المواقع التي تعرضت للزلزال، فآليات الإنقاذ لا تكفي، وكل آلية تعمل في 3 مواقع، هذا فوق قدرة طاقم الإنقاذ.. ربما في الزلزال القادم نتعلم الدرس!
* بسينا.. قرية مستحدثة بني فيها 25 مبنى من أجل نقل اللاجئين إليها، في كل مبنى 5 طوابق انهارت المباني على ساكنيها، وكانت الخيمة المنقذ الوحيد لهؤلاء الذين حلموا بحياة أفضل داخل جدران المنازل.
كانت الحرب أكثر رحمة من الزلزال، ففي الحرب يمكن أن تنجو إذا اعتزلتها، لكن الزلزال لم يكن ليقبل سوى بالدمار الكامل.
هذه المشاهد؛ كانت أمس في كل المناطق السوري التي عاشت هول الزلزال، نقلت كاميرات الإعلام العالمية الصور وآثار الدمار، لكنها لم تنقل مشاعر العجز والقهر والألم، لم ينفذ أحد إلى مشاعر البشر الذين خسروا أبناءهم وإخوانهم وآباءهم، ظل الألم حبيس الأضلع السورية التي اعتادت على كبت وكبح الألم.