للصين والولايات المتحدة سجل حافل من التجسس، في ظل المنافسة الحالية بين الجانبين، فكلاً من بكين وواشنطن تسعى للحفاظ على مكانتها كقوة عظمى عالمية، وأزمة" المنطاد" الأخيرة كشفت أن مستقبل العلاقات بين" الصين وأمريكا "بلغت حافة التدهور، في ضوء تجاذبات متسارعة لتبقى جميع السيناريوهات متوقعة، لمستقبل التصعيد بين القوتين، كما أن القانون الدولي والقانون الأمريكي يمنعان دخول مثل هذا الأجهزة في المجال الجوي لدولة دون موافقتها.
وفى هذا الإطار يرى خبير العلاقات الدولية الدكتور أيمن سيمر، أن أزمة المنطاد تعد أزمة سياسية واقتصادية وربما عسكرية خطيرة بين الصين وأمريكا،وذلك في ظل ما يعرف بفخ "ثيوسيديدز"في مجال العلاقات الدولية على حالة تهديد دولة صاعدة لهيمنة وتحكم دولة قائدة فى الساحة الدولية،...، وواشنطن ترفض سيطرة بكين على العالم، مؤكداً أن العلاقات الأمريكية-الصينية بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق، مع تلك الأزمة الخطيرة الأخيرة، والتي كانت سبباً رئيسياً فى تأجيل زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بكين المقرر لها اليوم "الاثنين " وأمس، متوقعاً أن الصراع بين الجانبين سيكون عسكري ووشيك بسبب "تايوان" في حال وقع هجوم صيني على الجزيرة التايوانية، عندما أجاب الرئيس الأمريكي جو بايدن:"نعم سنتدخل عسكريا"
وأضاف سمير لـ"عكاظ" أن أزمة المنطاد رغم كونه احد المعلومات القديمة فى التجسس، إلا أنه وجد فوق منطقتي "مونتانا" و"يوتا" وهما مخازن للقنابل النووية والطائرات الإستراتيجية، وهو ما تراه واشنطن تهديداً لأمنها الإستراتيجي، لافتاً إلى أن تلك الأزمة العالمية الجديدة بين الجانبين، سوف يكون لها تأثير إقليمي ودولي، منها المزيد من نقص سلاسل إمدادات الغذاء، ونقص فى البضائع والخدمات الوسيطة التى تقدمها الصين خاصة لدول منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع الأولية كالغذاء والطاقة، وهو ما سيدفع التضخم نحو مزيد من الارتفاع، وربما الحفز على خروج التدفقات الرأسمالية من الأسواق الصاعدة.
قال أستاذ العلوم السياسية جامعة السويس الدكتور جمال سلامة، إن أزمة منطاد التجسس الصيني في سماء الولايات المتحدة الأمريكية، هي أزمة متكررة بين الجانبين، إلا أن الأزمة الأخيرة وتصعيدها إلى هذا الحد، دليل على مدى توتر العلاقات بين الجانبين، وهى توترات مرشحة للتصعيد،خاصة فى عام الانتخابات،حيث أن أمريكا مقبلة على انتخابات رئاسية،والصين من الدول التي تسعى للتدخل في الانتخابات الأمريكية، مبيناً أن العلاقة بين الجانبين شائكة، ومن الممكن أن تشهد حربًا مباشرة أو حتى حربًا بالوكالة.
ونوه سلامة لـ"عكاظ" أن العالم مازال يتابع أزمات عده خطيرة وشائكة، بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، حتى بدأ يتابع من جديد الأزمة الأمريكية – الصينية، مع الأخذ في الاعتبار أن الأخيرة لا تريد أي مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تعتمد سياستها على عدم التورط في أي مواجهات عسكرية، والوضع المأزوم حال تصاعده بين القوتين الأكثر حضوراً، على المستوى الاقتصادي والتجاري عالمياً، سيكون له آثار متوالية فادحة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وبالتالي يجب على دول المنطقة،أن تكون لديها قوة جماعية للتعامل مع الصدمات القادمة، ويجب علينا كعرب أن نشعر جميعًا بالقلق من عواقب الحروب وآثارها المدمرة، مبيناً أن الأيام المقبلة ستشهد مزيدًا من التفاصيل بعد جمع الحطام وتحليل محتويات المنطاد، ربما يشكل ما بداخله بما هو أشبه بالصندوق الأسود للطائرات الذي يحوي تسجيلات وصوراً.