أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، أنه ناقش مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الأزمة الروسية الأوكرانية، وأكد موقف السعودية الداعم لكافة المساعي الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة، ولكل ما من شأنه تخفيف التوتر وتخفيف المعاناة التي طالت الجميع بسبب تداعيات هذه الأزمة، خصوصا الدول النامية والأقل نموا.
وقال الأمير فيصل بن فرحان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف اليوم (الخميس) إن لقاءه بنظيره الروسي يأتي تأكيدا على أهمية العلاقة بين السعودية وروسيا، واستكمالا لنهج التشاور والتنسيق والتعاون بين البلدين، حيث شهدت العلاقة بينهما تطورات إيجابية كبيرة خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن السعودية تتطلع لتعزيزها في كافة المجالات بما يخدم مصالح البلدين.
وشدد وزير الخارجية على أنه بحث مع نظيره الروسي عددا من الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأكدا أهمية الحفاظ على حوار منتظم ورفع مستوى التنسيق بين البلدين في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار، كما أكد الأمير فيصل بن فرحان استعداد السعودية لبذل كافة الجهود للوساطة بين أطراف الأزمة الروسية الأوكرانية.
وخلال حديثه في المؤتمر الصحفي، أثنى وزير الخارجية السعودي على موقف روسيا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ودعمها المستمر لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، مؤكدا أن الأوضاع في فلسطين مقلقة للغاية، «ونشاهد تصعيدا مستمرا من الجانب الإسرائيلي يحتم علينا البحث عن سبيل لإعادة مسار الحوار من أجل تحقيق السلام»، كما أثنى الأمير فيصل بن فرحان على التنسيق القائم في ما يتعلق بالملف اليمني ودعم روسيا للمخرجات وأسس الشرعية الدولية في هذا الملف، "وسنعمل باستمرار للوصول إلى تسوية واستتباب الأمن والاستقرار في اليمن ابتداء من الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم إطلاق حوار يمني - يمني ينهي الصراع.
كما أكد وزير الخارجية مع لافروف أهمية التنسيق الوثيق بين السعودية وروسيا في أسواق الطاقة، والتزام المملكة الثابت باتفاق «أوبك بلس»، والعمل على ضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية بما يخدم مصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وقال: «كما جددت حرص السعودية على تعزيز العلاقات مع روسيا الاتحادية وتوثيقها في كافة المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين ونتطلع لمزيد من التعاون بين البلدين».
وحول الأزمة الروسية الأوكرانية، قال وزير الخارجية: «نسعى دائما لدعم كل ما من شأنه الوصول إلى تسوية لهذا الصراع، ونحن جاهزون للعمل مع الأطراف للبحث عن الحلول السلمية، وسبق أن ساهمنا في ما حصل في تبادل السجناء الذي أشرف عليه ولي العهد مباشرة، بتعاون مشكور من الجانب الروسي، وسنستمر في البحث عن الفرص المتاحة لتسهيل الحوار بين الطرفين».
وتطرق الأمير فيصل بن فرحان إلى حواره مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مؤكدا أن الحوارات مع الأصدقاء تتضمن كافة الأمور ذات الاهتمام، لاسيما الأمن والاستقرار الدولي، والوضع في أوكرانيا من الأمور التي تؤثر بشكل كبير على الأمن والاستقرار، كما تضمن الحوار مواضيع أخرى.
وفي ما يتعلق بالجهود السعودية لحل الأزمة اليمنية، والمفاوضات القائمة، قال الأمير فيصل بن فرحان: هناك جهود قائمة للوصول إلى وقف إطلاق نار دائم، ومن ثم إطلاق عملية سياسية بين الأطراف اليمنية تنهي الأزمة، وسنستمر في هذا الحوار، وهناك حوارات عبر مسارات متعددة مدعومة بالأمم المتحدة لأجل تحقيق المستهدفات، والأولوية الآن هي وقف إطلاق النار، ثم إطلاق الحوار، وأؤكد أن اهتمام السعودية حاليا هو إيجاد سبيل لوقف القتال بشكل دائم، ومن ثم إطلاق حوار يمني يضمن استقرار اليمن واستقلاليته وازدهاره، وهذه الأولوية لدينا.
من جهته، أشاد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بتطور العلاقات بين روسيا والسعودية، والمستوى العالي للعلاقات السياسية على مستوى قادة البلدين، مشيرا إلى أن النقاش مع الأمير فيصل بن فرحان تمحور حول المسائل الاقتصادية والتجارية إضافة إلى الأوضاع العالمية.
وقال لافروف إن التبادل التجاري بين روسيا والسعودية في مستوى جيد، إذ بلغ ملياراً و700 مليون دولار العام الماضي، «واتفقنا على اتخاذ الخطوات اللازمة لزيادة حجم التبادل التجاري، ونسعى لهذا الهدف من خلال الاجتماع القادم للجنة الحكومية المشتركة للتعاون التجاري الاقتصادي والثقافي الذي سيعقد في موسكو».
وشدد وزير الخارجية الروسي على استعداد بلاده للتنسيق في إطار مجموعة «أوبك بلس»، مؤكدا أن التعاون في مجال الطاقة لا يتأثر بالتقلبات، مشيرا إلى أن كل الدول في هذا الإطار تقوم بمسؤولياتها وواجباتها لتحقيق التوازن في سوق النفطي العالمي.
وقال إنه بحث مع الأمير فيصل بن فرحان القضايا والملفات الإقليمية والدولية، وخصوصا الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منوها إلى أن «موسكو والرياض تنطلقان من مبدأ حل جميع المسائل على أساس الحوار السياسي الشامل، وفي هذا الصدد، بحثنا كيفية مساهمتنا في تحقيق السلم والاستقرار، واتصالاتنا مستمرة في هذا الشأن، حيث نقدم رؤية الأمن الجماعي، وسنقوم بالحوار مع كل الأطراف المعنية، ونقدر عاليا جهود السعودية في إطار تسوية شاملة للأزمة اليمنية».
وقال: «ناقشنا الأوضاع في سورية، ولدينا موقف مشترك بشأن الحفاظ على وحدة الأراضي وسيادة الدولة السورية، وبحثنا الخطوات لتقديم الحوار الوطني والتسوية السياسية، كما أجرينا محادثات بناءة لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين وتبادل وجهات النظر حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك».
ورحب وزير الخارجية الروسي باهتمام السعودية للمساعدة في تسوية الوضع في أوكرانيا، حيث تمت عدة تبادلات للأسرى، آخرها أمس الأول، وتمت الاتفاقيات بوساطة سعودية ودول أخرى، ونحن ممنونون جدا، ومن المهم أن تستمر الجهود في هذا السياق، مضيفا: «الموقف السعودي من الأزمة الأوكرانية ليس محدودا بموضوع تبادل الأسرى، فهناك الكثير من العوامل الأخرى يجري النقاش فيها حاليا، والسعودية مهتمة في إيجاد الحل المناسب، وهذا إسهام جيد لبدء الحوار البناء والجدي».