أرشد هورموزلو متحدثاً للزميل الغضوي. (عكاظ)
أرشد هورموزلو متحدثاً للزميل الغضوي. (عكاظ)
-A +A
حاوره: عبدالله الغضوي (إسطنبول) AbdullahAlghdwi@
شدد الأمين العام لملتقى الحوار العربي التركي أرشد هورموزلو على أن الحوار التركي العربي اليوم، بات ضرورة ملحة لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، لافتاً إلى أن الملتقى له تاريخ خاص وإمكانات تؤسس لحالة متفردة في العالم على المستوى الإسلامي والحضاري والجغرافي.

وأعرب المستشار السابق للرئيس التركي عبدالله غل، في حوار مع «عكاظ»، عن أمله من خلال هذا الملتقى مشاركة شخصيات أكاديمية من السعودية والكويت وقطر والبحرين ودول عربية أخرى، أن يؤدي هذا الحوار إلى خلق جيل عابر للخلافات والحساسيات السياسية، مؤكداً أن مهمة المنظمة ليست سياسية، وإنما إيجاد القواسم الحضارية بين الأتراك والعالم العربي.


وأفاد أرشد بأن الملتقى يعمل في المستقبل القريب على تفعيل نشاطات ثقافية مشتركة بين تركيا والدول العربية لترسيخ هذه العلاقات، مشدداً على أن المنظمة خارج الحسابات السياسية العابرة.. وإلى الحوار:

«تفعيل الحوار العربي - التركي»

• في نوفمبر الماضي، جرى تفعيل الجمعية واختيارك أميناً عاماً، وهيئة جديدة ورئاسة فخرية من قبل الأمير الحسن بن طلال، فما خطتكم لتفعيل الحوار التركي العربي؟

•• في البيان التأسيسي للملتقى، اتفقنا على خطوات من شأنها التقريب بين الشعوب؛ منها عقد لقاءات للحوار وبرامج تلفزيونية مشتركة تدعو للحوار ونسف التشكيك بالعلاقات التاريخية بين الجانبين الذي يعمل عليه بعض المغرضين والهادفين إلى تباعد التقارب العربي التركي، إضافة إلى تعميق التفاهم اللغوي، وتشجع المنظمة أيضاً من أجل التفاهم على تعليم اللغة العربية في تركيا.

والواقع هناك رغبة من طيف واسع من الأتراك لتعلم اللغة العربية، لغة القرآن، وكذلك تعليم اللغة التركية في العالم العربية لأغراض ثقافية وتجارية، وتشجيع حركة الترجمة بين الثقافتين، كل هذا من شأنه أن يقرب بين الثقافتين.

كما أن الملتقى يتوجه إلى الشباب العربي والتركي للتعريف بالعلاقات المشتركة السوية والحقيقية التي تقرب بين الشعوب، إسطنبول الآن أكبر مركز لحركة الترجمة العربية التركية، وهناك المئات من دور النشر العربية في تركيا ومكتبات عديدة للكتاب العربي، كل هذا لا بد من استثماره في العلاقات العربية التركية، لأننا نحمل مشتركات لا بد من تعظيمها.

• وكيف ترون التجاوب من النخب العربية والتركية لهذا الحوار؟

•• حقيقة وجدنا ترحيباً كبيراً جداً من النخب العربية والتركية، وهذا ما شجعنا على المضي في هذا الحوار، وتوسيع دائرة الحوار الثقافي والاقتصادي ومخاطبة مختلف النخب بين الطرفين، وبكل تأكيد ستكون هناك خطوات أخرى للتفعيل الجدي للحوار.

«الخلافات.. سحابة صيف»

• تعلمون التوترات السياسية الدائمة في المنطقة، ما مدى تأثير التباينات السياسية على هذا الحوار التركي العربي؟

•• نحن في الملتقى نؤكد أنه لا علاقة لنا بتوجهات الأعضاء السياسية، الهدف هو الحوار، ومن يتفق على هذا المبدأ مرحب به في المنظمة من دون إقحام التوجهات السياسية، من الممكن أن تكون هناك خلافات سياسية في المنطقة، لكن نعتبر هذه الخلافات سحابة صيف، وبالتالي نحن قررنا الابتعاد عن كل ما يثير الخلافات، وهدفنا التركيز على نقل الحوار للأجيال الشابة لنتمكن من إنشاء جيل عابر للخلافات السياسية بين العرب والأتراك.

• ألا تخشون على الملتقى من تسلل تيارات «إسلاموية» سياسية؟

•• نحن في تركيا دولة مسلمة وليست إسلامية، بمعنى أن أخطاء أية حكومة لا يمكن أن يكون الإسلام هو المسؤول عنها، لذلك نقول إننا في تركيا دولة مسلمة وليست إسلامية، وقلنا في النظام الداخلي إن أي عضو جديد يريد الانضمام إلى الملتقى يجب أن يكون قبوله بإجماع الأعضاء، وهو ما يمكن المنظمة أن تكون متماسكة ولا خلافات بينها على مستوى التوجهات. لذلك نتجنب التسلل السياسي الإسلاموي -كما تسميه- إلى المنظمة. ودعني أقول إن الملتقى يجب أن تكون جامعة لا مفرقة، ولا نسمح بوجود أي عضو يلوث المنظمة بأفكار متطرفة أو شاذة.

«بيئة حضارية وحالة من التوافق»

• ما تحديات عمل الملتقى؟

•• الأمر الذي ينغص عمل هذا الملتقى وجود جماعات -أصلاً- لا تريد هذا الحوار، والحقيقة هناك مغالطات تاريخية ومحاولات البعض للنيل من العلاقة بين الأتراك والعرب، لذلك لا بد من صياغة مفاهيم إنسانية جديدة حضارية بين الشعوب، وبطبيعة الحال الأهمية للحوار التركي العربي الذي تفرضه الجغرافيا والتاريخ والعقيدة الإسلامية.

• إلى أين تريد أن تصل بهذه المتلقى؟

•• هدفنا خلق بيئة حضارية تؤمن بالحوار، وخلق حالة من التوافق والقبول بين العرب والأتراك، وهذه رسالتي، وأتمنى أن تكون رسالة كل الأعضاء في الملتقى. وهذا يتطلب منا الحديث بصراحة عن كل هواجسنا وتطلعاتنا. العلاقات التركية العربية الآن في حالة جيدة بسبب التقارب الاقتصادي. وهنا نتذكر دعم الجامعة العربية لتركيا أن تكون عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي، وكان الدعم العربي كبيراً جداً، مثل هذه المواقف تعكس حرص الطرفين على تطوير وتنمية هذه العلاقة عبر الحوار، ومهمتنا تعظيم المشتركات.

«العمل تطوعي»

• هل ستكون هناك لجان في الملتقى؟

•• تم طرح إنشاء لجان ثقافية واقتصادية لمساعدة الطرفين؛ العربي والتركي، في مجال الاستثمار، وقررنا في الاجتماع التأسيسي إنشاء ممثليات الملتقى في الدول العربية، ونأمل ذلك في الوقت القريب.

• متى سيكون اجتماعكم القادم؟

•• هناك مبادرة من الكويت لاستضافة مؤتمر الملتقى، وأيضا نفكر في تنظيم مؤتمر في أحد المنتجعات، وقد يكون لدينا مؤتمر في المملكة العربية السعودية.

• من يموّل أعمال هذه الملتقى؟

•• الحقيقة نحن في العموم نعمل تطوعياً، فكل عضو يتكفل بنفقات السفر إلا في حال تبرعت إحدى الدول بتوفير مكان المؤتمر، لكن في العموم ليس هناك راعٍ مالي في الوقت الراهن، ولم نفرض اشتراكات إلزامية على الأعضاء، لكن هناك تطوع بالتبرع من أجل بعض النفقات اللوجستية.

• ما معايير الانضمام إلى للملتقى؟

•• نحن نرحب بكل من يؤمن بمبدأ الحوار الحضاري بين العرب والأتراك؛ من النخب السياسية والفكرية والبرلمانيين، وأيضاً نرحب بالمشاركة النسوية في هذا الملتقى حتى يكون الملتقى متوازن.

«ثوابت ومقومات مشتركة»

• كيف ترى مستقبل هذه المبادرة؟

•• مسألة الحوار تخصُّ الشعوب، أما الحكومات فعلاقاتها تمر بما يسمى «سحابة صيف» لكن الشعوب هي الباقية، لذلك نحن اجتمعنا؛ أتراكاً وعرباً، منذ عام 2012 لتصحيح المغالطات التي أثيرت حول العلاقات بين العرب والأتراك، ونحن نتطلع إلى المستقبل من أجل التعاضد بين العرب والأتراك، وهناك ثوابت ومقومات وقواسم مشتركة دينية وجغرافية وتاريخية، وبالتالي لا بدَّ من تدشين حوار حضاري. وعلى هذا الأساس طرحنا فكرة الحوار العربي - التركي على الإخوة في العالم العربي من أكاديميين ونخب وبرلمانيين وحقوقيين، واتفق الأعضاء في اجتماع تأسيسي في البحرين على أن نضع النظام الداخلي للملتقى ونقدمه لمجلس الوزراء التركي؛ الذي أصدر قرار تشكيل الملتقى مع مصادقة رئيس الجمهورية آنذاك، ومنذ ذلك الحين بدئ العمل وعقدنا اجتماعين في البحرين وفي أنقرة أيضاً، ولكن بعد الخلافات السياسية الأخيرة -التي زالت بين تركيا وبعض الدول العربية- توقف عمل الملتقى إلى حدٍّ كبير، ولكن بعد عودة العلاقات التركية العربية بدأنا بتفعيل هذه المنظمة.

«لا نتدخل في سياسات الدول»

• كل ما ذكرته يشير إلى أنه لا يوجد بعدٌ سياسي للملتقى؟

•• بالفعل؛ نحن لا نتدخل في سياسات الدول، ولا نتدخل في الخلافات البينية؛ سواء العربية التركية أو التركية الداخلية، مهمتنا حوارية حضارية وتبادل ثقافي، فهناك الكثير الذي يجمعنا كعرب وأتراك. فلماذا لا يكون لنا «يونيسكو» خاص بنا بدلاً أن نتوجه إلى باريس؟ لدينا مقومات كثيرة لا بد العمل عليها. وكلنا ثقة بالنخب العربية والتركية أن تعمل على توسيع دائرة الحوار التركي العربي. في اجتماع نوفمبر الماضي في قمة البوسفور، كان هناك حضور عربي جيد من السعودية وتونس وموريتانيا وقطر والكويت، وشارك الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى، وتحدث عن أهمية تعميق العلاقات العربية التركية وأهمية ذلك على المنطقة.