تولي القيادة السعودية مصالح شعوب المنطقة الأولوية الكبرى وتحرص دائماً على تحقيق الاستقرار والازدهار والتنمية والعمل على إنهاء كافة الخلافات والصراعات ورأب الصدع بين مختلف مكوناتها السياسية وصولا إلى سلام دائم يؤدي إلى إعادة اللحمة والنهوض بها إلى مصاف الدول المتقدمة.
لقد كانت دعوة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان خلال قمة جدة للأمن والتنمية التي عقدت 15 أبريل 2022م بمركز الملك عبدالله الدولي للمؤتمرات بمدينة جدة، إلى التعاون في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة الرسالة الأقوى النابعة من سياسة ونهج المملكة المعتدل والحريص على مصالح شعوب دول المنطقة ومنها اليمن التي تحتل مكانة رئيسية وتوليها القيادة السياسية اهتماماَ خاصاً وتعمل بشكل جاهدة لتوحيد الصف الوطني اليمني وإنهاء النزاعات وإيقاف نزيف الدم وتحقيق الاستقرار وبما يلبي تطلعات شعبه الكريم ويعد له حضارته ومكانته التاريخية في أوساط الدول العربية والعالم ويقضي على كل العراقيل التي تمنع نهوض هذا البلد العريق اقتصادياً وتنموياً وسياسياَ وثقافياً خصوصاَ أن هذا الشقيقة لا تربطها بالمملكة الجغرافيا فقط بل الدين والدم والأخوة والمصير المشترك.
إن المكونات السياسية اليمنية اليوم أمام فرصة ذهبية تقودها المملكة وتضاف لجهودها التاريجية طوال عقود من الزمن عملت فيها على إعلاء مصلحة الشعب اليمني وآماله في الاستقرار والتنمية والإزدهار وإنهاء الصراعات والأزمات والخلافات والأحقاد التي دائماً ما يكون نتائجها مؤلمة وتدمر الدولة ومؤسساتها وتنهك الشعب، وصولا إلى حل سياسي شامل.
لقد ظلت المملكة على مدى عقود من الزمن إلى جانب الشعب اليمني ومصالحه وعملت جاهدة على إنهاء الكثير من التحديات وجمع شمل كافة القوى السياسية على كلمة سواء وكان آخرها حين قادت جهود دول المنطقة لحل الأزمة في اليمن عام 2011م، وأثمرت تلك الجهود في إقناع الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالتنازل عن السلطة وتوقيع المبادرة الخليجية بين الأطراف اليمنية في الرياض والإشراف على حوار وطني نجح في وضع أسس لبناء دولة لكل اليمنيين بالإضافة إلى دعوة المملكة الأطراف اليمنية عام 2015 إلى مؤتمر في الرياض، تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي وقادت جهودا عام 2016 لإقناع الحوثيين والحكومة اليمنية بوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المشاورات اليمنية ـ اليمنية في جنيف1 وجنيف2 والكويت تحت إشراف الأمم المتحدة، إضافة إلى دعمها مشاورات ستوكهولم التي أدت إلى الاتفاق بشأن الحديدة 2018، ولم تتوقف عند ذلك بل إنها أطلقت مبادرة حل شامل في اليمن في مارس 2021 أعلن عنها وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان والتي تشدد على وقف إطلاق النار وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم، وفتح مطار صنعاء وبدء مشاورات الحل السياسي بين الأطراف اليمنية، مؤكدا أن الحل للأزمة في اليمن سياسي ولا يمكن تحقيقه إلا بتوافق المكونات اليمنية وهو ما تحققه في جهودها الحالية.
ولم تتوقف المملكة عن محاولاتها طوال السنوات الماضية لتحقيق اختراق وإنهاء الصراعات في اليمن بل دعمت في مارس 2021م، المبادرة التي دعا لها مجلس التعاون الخليجي لوقف إطلاق النار وجلوس جميع الأطراف اليمنية بما فيها الحوثيون على طاولة المشاورات اليمنية-اليمنية، وشجعت المملكة الحكومة اليمنية على القبول بالهدنة في عام 2021 وتمديدها.
إن النجاح في تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية يعد انتصاراً للحكومة الشرعية والتحالف ويعكس تنفيذ إرادتهم السياسية على كل من يسعى إلى إدامة النزاع والأزمة في اليمن في ظل التطورات الإيجابية الأخيرة في المنطقة خصوصاَ وأن الفرصة اليوم مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق السلام بين كافة الأطراف والمكونات اليمنية ويؤدي إلى القضاء على كل المساعي لإثارة الصراعات والفوضى والعنف والاستمرار في دوامة الاقتتال وتدمير البلد العريق.
وتشكل القضية الجنوبية محورا مهما في أي حل مستقبلي لليمن، بل وتوليها اهتماما بإدراج قضية شعب الجنوب في أجندة المفاوضات ضمن مراحل التسوية السياسية الشاملة في اليمن، ووضع إطار تفاوضي خاص لها في عملية السلام الشامل، وفق مخرجات المشاورات اليمنية ـ اليمنية التي عُقدت في الرياض في 2021، كما أن المملكة تواصل دعمها المطلق للمجلس القيادي وجميع مكوناته ولن تتخلى عن ذلك في ضوء ما تحقق من منجزات بعد تشكيله، ومن ذلك تصاعد ردود الأفعال الدولية الإيجابية نحو القرار والانخفاض الملحوظ للتقارير الأممية السلبية عن الوضع في الداخل اليمني، إضافة إلى جمع المكونات اليمنية الفاعلة والمؤثرة في إطار تنظيمي مشترك يمكنهم من اتخاذ القرار بشكل جماعي في مختلف الملفات فضلاًَ عن الدعم الاقتصادي والمشاريع التنموية التي تلقاها اليمن بعد تأسيس المجلس.
وعلى واقع جهودها السياسية لم تتوقف المملكة منذ بدء الأزمة اليمنية عن جهودها الإنسانية والإغاثة والأقتصادية والتي تستهدف كافة اليمنيين من سقطرى وحتى صعدة، وتمد يدها بشكل دائم لأشقائها، وتكلل ذلك في النجاح بمنع البلد الشقيق من الوصول إلى كارثة إنسانية عبر تقديم 3 ودائع للبنك المركزي اليمني كانت أولاها في عام 2012 عقب الأزمة السياسية ونجاح المبادرة الخليجية في تحقيق الإختراق والتي أودعت فيها مليار دولار في البنك المركزي اليمني في صنعاء دعما للإقتصاد اليمني، كما أودعت في 20 فبراير 2017م مليارَي دولار في البنك المركزي اليمني في عدن دعما للريال اليمني، ودعماً لمجلس القيادة الرئاسي قدمت العام الماضي وديعة بقيمة ملياري دولار مناصفة بين المملكة والإمارات للبنك المركزي اليمني، إضافة إلى منح المشتقات النفطية بقيمة 622 مليون دولار والمشاريع والمبادرات التنموية التي تم تقديمها مؤخراً عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن بقيمة 400 مليون دولار، ومستمرة في تقديم الدعم للمجلس والشعب اليمني وهو ما أسهم في الحفاظ على الاقتصاد اليمني وعدم انهيار العملة الوطنية، فضلا عن الدعم الإنساني المتواصل الذي لم يتوقف والحريص على مصالح الشعب اليمني.
وتولي السعودية إخوانها اليمنيين أهمية خاصة في سوق العمل وسعت جاهدة لتقديم التسهيلات وتصحيح أوضاع الجالية، بل والاستمرار في منح التأشيرات للعمالة اليمنية في إطار حرصها الدائم على مساعدة أشقائها الذين تربطه بها الكثير من العوامل الأخوية المشتركة والتي تفرض عليها أن لا تدخر أي جهد في سبيل إنقاذ اليمن ومساعدته لتحقيق السلام الشامل والعادل وبناء دولته التي يتطلع إليها، والنهوض باقتصاده مع بقية دول المنطقة.