وسط اتساع رقعة الحرب السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي أوشكت على انتهاء أسبوعها الثاني والتي استخدم فيها الطرفان المتحاربان كل ما لديهما من أسلحة ثقيلة وخفيفة، تتكبد البلاد خسائر اقتصاد كبيرة لا يمكن حصرها في ظل تدهور العملة، وعزوف الاستثمارات الدولية وتعطل عمليات التمويل وغياب السلع الغذائية وارتفاع أسعارها مما ينذر بمجاعة كبيرة تعم البلاد، خصوصاً مع الإغلاق الشامل للأسواق والمصانع والمطاحن، وتعطل الموانئ براً وجواً وبحراً.
ويرى مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية الدكتور عبدالمنعم السيد لـ«عكاظ» أن الأوضاع الاقتصادية فى السودان تزداد سوءاً يوما بعد يوم، مع استمرار الحرب واتساع نطاقها، فقبل الحرب كان اقتصاد البلاد يعاني العديد من التحديات، على رأسها التضخم وارتفاع نسبة البطالة، والتدهور الكبير بسعر صرف العملة، وعزوف الاستثمارات الدولية، رغم أنها بلد غني بالموارد الطبيعية والزراعية والثروات المعدنية، فهي دولة تزيد مساحتها عن 1.8 مليون كيلومتر مربع وتمتلك ثروات تجعلها من أقوى اقتصادات القارة الأفريقية، فضلا عن إنتاج الذهب الذي يتخطى سنوياً حاجز الـ100 طن، كما تمتلك أكثر من 80 مليون فدان، إضافة إلى الثروة المائية الهائلة وتعداد سكانها في حدود 47 مليون مواطن.
وأوضح السيد أن الأزمة في السودان تتفاقم سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية، بنسب وصلت إلى 400%، إلى جانب احتكار البضائع وتخزينها لإحداث ندرة في الأسواق وبيعها بمبالغ خيالية، كما أن استمرار الحرب عطل الحياة الاقتصادية بشكل كامل، وهو ما يمهد لمجاعة تهدد الشعب السوداني، كما أن الحركة التجارية بين الولايات السودانية توقفت تماماً جراء الحرب، موضحاً أن ثلث سكان السودان يواجه حالياً أزمة جوع متصاعدة، ما يزيد من التداعيات المؤلمة للأزمة الحالية.
وأشار إلى أن معدل التضخم تجاوز في السودان الـ300%، ومعدل الديون الخارجية تجاوز أكثر من 220% من حجم الناتج الإجمالي، وليست هناك حلول سوى إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني، والاستفادة من الموارد والثروات الطبيعية المتاحة لديه، موضحاً أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان حالياً أثرت على كل الطبقات الاجتماعية، وتحديداً الفقيرة والمتوسطة.