تركيا بين
تركيا بين
رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان
كمال كليجدار أوغلو
كمال كليجدار أوغلو
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@
للمرة الأولى، تصل حدة الانتخابات الرئاسية التركية إلى هذا المستوى المحموم من الصراع بين المرشحين، ذلك أن حجم المنافسة يبدو متقارباً بين الطاولة السداسية «المعارضة» التي يتزعمها كمال كليجدار أوغلو، مقابل تحالف «الجمهور» بين أردوغان مع الحركة القومية وبعض الأحزاب الأخرى.

هذا التنافس المحموم على الرئاسة التركية تتداخل فيه الصراعات الاقتصادية والسياسية والدولية، إذ تعتبر نتيجتها مؤثرة على دور تركيا الدولي والإقليمي، وبالتالي فإن موعد (الأحد) 14 مايو ستكون له تداعيات على مستويات عدة داخلية وخارجية.


وبينما بدأت المعارضة التركية حشد الجماهير إلى الميدان، مستغلة ما تردد عن صحة الرئيس التركي، ردّ أردوغان على ذلك بإطلالة في أكبر تجمع انتخابي في إسطنبول، وتحدثت التقديرات الأولية عن حشد حزبه «العدالة والتنمية» ما يقارب مليوني تركي، الأمر الذي أعاد التفكير بشعبيته التي تزعم المعارضة أنها تراجعت في الآونة الأخيرة، إلا أن هذا بحسب رأي العديد من المراقبين والمحللين لا يكفي للفوز بالانتخابات الرئاسية.

هناك عوامل موضوعية عدة تؤثر في الانتخابات التركية المرتقبة، ومن أبرزها عامل الشباب الذين عاصروا ونشأوا في ظل حكم العدالة والتنمية منذ عام 2002، هذا الجيل الذي يقدر بنحو 12 مليون ناخب يتم الصراع عليه حالياً من الأحزاب التركية التي تسعى إلى التكيّف مع مزاج هذا الجيل.

وعلى الرغم من انتقادات المعارضة لحزب العدالة والتنمية أنه لا يخاطب فئة الشباب، إلا أن الرد جاء على لسان مرشح البرلمان التركي عن الحزب بالدائرة الثالثة بإسطنبول رجب سيار عندما قال: «نحن حزب عشريني، نصفه مكون من الشباب»، إذ يعتبر هذا العامل من أبرز العوامل الجديدة على الانتخابات التركية.

أما العامل الآخر، فهو العامل الاقتصادي، فالأوضاع الاقتصادية في ظل تراجع الليرة التركية إلى مستويات مخيفة في الآونة الأخيرة، إذ بلغت الـ20 ليرة أمام الدولار في مرحلة قد تتفاقم في الفترة القادمة، إلا أن المفاجأة تمثلت في إعلان الرئيس التركي، في التاسع من مايو، زيادة الحد الأدنى من الأجور، في رد قوي على المعارضة التي طالما اتهمت أردوغان بمسؤوليته عن تراجع المستوى الاقتصادي للمواطن التركي.

العوامل كثيرة جداً منها ما هو داخلي ومنها ما يتعلق بالسياسة التركية على المستوى الخارجي والداخلي، إلا أن هناك عاملاً لا يمكن تجاهله؛ وهو حجم التداخل الخارجي في هذه الانتخابات، وهو ما كشفه وزير الداخلية التركية سليمان صويلو، أخيراً، عندما اتهم شخصيات في المعارضة بالارتهان للإملاءات الأوروبية، وهذا من شأنه تعقيد العملية الانتخابية ودخولها في مرحلة كسر العظم بين الأطراف السياسية.

صويلو ذهب إلى حدود بعيدة في تصريحاته، عندما قال «إن ما يحدث في تركيا تموله أمريكا، كما فعلت في المجر وبلغاريا، لكن تركيا غيرت قواعد اللعبة، إننا نختار قدرنا بأنفسنا ولن نسمح لأمريكا بالتدخل

في شؤوننا». واعتبر أن هناك أطرافاً خارجية تتدخل في الانتخابات التركية.

كل ما سبق، من عوامل تتداخل فيما بينها قبيل بدء الانتخابات التركية التي ستغير بالفعل وجه تركيا، أيّاً كان الرابح، فحزب العدالة مطالب بالتغيير بعد أن حكم البلاد ما يقارب العشرين عاماً، والمعارضة مطالبة أيضاً برؤية جديدة لدولة تشكل ثقلاً حيوياً على الساحة الدولية.

في 14 مايو، بالفعل ستكون تركيا على مفترق طرق، إذ سيحسم 64 مليوناً و113 ألفاً و941 مواطناً داخل تركيا وخارجها مصير دفة القيادة التركية في الفترة القادمة، إذ يدلي هذا العدد الضخم من الأتراك بأصواتهم على 191 ألف صندوق اقتراع في أنحاء البلاد و5 آلاف صندوق خارجها، ويصوت 6 آلاف و215 ناخباً عن طريق صناديق متنقلة في 421 منطقة داخل تركيا.

لم تعد الانتخابات التركية مسألة داخلية بقدر ما تعكس طبيعة الدور التركي في المنطقة على المستوى الإقليمي والدولي، خصوصاً أن تركيا باتت حاضرة في العديد من الملفات الدولية والإقليمية وعلى رأسها الملفات الإقليمية والعربية.